في حكم قضائي مثير قضت المحكمة الابتدائية الاجتماعية بالدار البيضاء بالرفض الموضوعي لدعوى تقدَّم بها سائق حافلات للنقل ضد المؤسسة المشغّلة له، وطالبها من خلالها بتعويضات كبيرة جراء فصله عن العمل بعد رفضه تعليماتها القاضية بإجراء تحاليل طبية دورية.
وبالعودة إلى أصل الحكم فإن الأمر يتعلق بنزاع شغلي يعود إلى شهر يوليوز 2023، لم يصدر الحكم بشأنه ـ ابتدائيا ـ إلا بتاريخ 19 ماي 2025، ويهم شركة مغربية للنقل عبر الحافلات وأجيرًا يشتغل لديها كسائق منذ سنة 2017، قبل أن يتم فصله عن العمل.
ووفقًا لإفادات المدعى عليها فإن أصل القضية يعود إلى قرار الشركة مواصلة تتبّع الحالة الصحية للسائقين المشتغلين لديها، بتنسيق مع الطبيبة المعتمدة لديها، وعلى نفقتها، غير أن المدعي المعني بالأمر رفض تنفيذ تعليماتها، وهو ما اعتبرته “خطأ جسيما”.
بناءً على ذلك طالبت الشركة بحضور الأجير جلسة للاستماع، رفقة مندوب الأجراء، وهو ما لم يتم بعد أن تخلف عن حضور هذا الموعد، موجِّهة إليه قرار الفصل بناء على المادة 39 من مدونة الشغل.
ودفع تفعيل هذه المسطرة المدعي إلى مطالبة القضاء بالحكم لفائدته بالتعويضات التالية: “8905,42 دراهم عن الإخطار، 4452,71 درهما عن العطل السنوية، 16.439 درهمًا عن الفصل، 46.753 درهمًا عن الضرر، ثم 50.000 درهم عن الضرر المادي والمعنوي، مع تمكينه من شهادة العمل تحت طائلة غرامة تهديدية تصل إلى 300 درهم عن كل يوم تأخير من تاريخ الامتناع، وشمول الحكم بالنفاذ”.
وفي هذا الصدد اعتبر المدعي أن مشغّلته “اختارت، وبدون أي سبب، أن تحيله على تحاليل طبية لم يحن وقتها بعد”، مفيدًا بأن “العنوان الذي أُحيلت عليه تفاصيل الإجراءات المعمول بها ضده من قبل الشركة المشغّلة هو عنوان لم يعد مسجلًا ببطاقته الوطنية التي قام بتسليمها لفائدتها”.
وخلال المراحل الأولى من هذا النزاع الشغلي تم اللجوء إلى مفتش الشغل، غير أن من ينوب عن المدّعى عليها (الشركة) تخلّف عن الحضور، رغم توصله باستدعاءين لحضور الجلسة التي كانت مقررة في هذا الصدد.
وفي غضون ذلك التمست المدّعى عليها في هذه القضية من المحكمة إجراء بحث للوقوف على ظروف وملابسات أسباب إنهاء العلاقة الشغلية، الأمر الذي تم خلال عدة جلسات، آخرها كانت المنعقدة بتاريخ 19 ماي 2025.
وبذلك حكمت المحكمة بسقوط حق المدعي في إقامة هذه الدعوى، وفق المادة 65 من مدونة الشغل، مؤكدة رفضها كافة طلباته جملةً وتفصيلًا، مع إبقاء الصائر على عاتقه في إطار المساعدة القضائية.
وتبيّن للمحكمة أن “المدعى عليها احترمت كافة مقتضيات مسطرة الاستماع في حق المدعي، ليكون بذلك تمسّكها بسقوط الدعوى، لتجاوز الطرف الآخر أجل 90 يومًا المنصوص عليه في المادة 65 المذكورة، في محلّه، ما دام أنه توصّل بمقرر الفصل في 21 يوليوز 2023، ولم يبادر إلى رفع دعوى قضائية إلا في 25 فبراير 2025؛ أي بعد أكثر من سنة ونصف السنة على واقعة الطرد”.
وبشأن ما أشار إليه المدعي بخصوص عدم استكمال المُدّعى عليها المسطرة القانونية أمام مفتش الشغل أوضحت المحكمة أن “الأمر يتعلق بدفعٍ قد تم تجاوزه منذ مدة طويلة، بعد أن أقرت محكمة النقض في اجتهادات متواترة أن المشغل ملزم فقط بتبليغ مفتش الشغل بذلك، وبوثائق ومسطرة الاستماع، لكي تتحقق الغاية من الفقرة الأخيرة من المادة 62 من المدونة، وهو ما قامت به المدعى عليها، والثابت من خلال نسخة دفتر التداول المشار إليها سابقًا”.