آخر الأخبار

اقتراب موسم الدخول المدرسي ينذر بإقبال المغاربة على القروض الاستهلاكية

شارك

قال باحثون في الاقتصاد إن “اقتراب الدخول المدرسي والتكاليف المرتبطة به، من شراء اللوازم والكتب والأغراض ورسوم التسجيل وغيرها، قد يشكل ضغطا شديدا على عدد من الأسر المتوسطة ويدفعها إلى اللجوء إلى القروض الاستهلاكية”، مشددين على أن “الكثير من المؤشرات المتراكمة تظهر إمكانية الدفع بهذا الأمر في الوقت الحالي”.

وأوضح الباحثون، الذين تحدثوا لهسبريس، أن هذه الفترة بالتحديد قد تزيد من محن الأسر متوسطة الدخل التي باتت تعاني من تآكل قدرتها الشرائية وارتفاع تكاليف المعيشة، خاصة في مجالات التعليم والسكن والخدمات الأساسية”، محذرين من “تداعيات الاعتماد المتزايد على القروض؛ بالنظر إلى معدلات الفائدة المرتفعة التي قد تؤدي إلى إثقال الكاهل بالتزامات مالية طويلة الأمد، وتضعف قدرتها على الادخار أو مواجهة الطوارئ المالية”.

تكاليف متراكمة

رشيد ساري، الباحث في الاقتصاد، قال إن المغرب يعيش، اليوم، مجموعة من الإكراهات التي بدأت تطال مختلف الطبقات الاجتماعية، وخاصة الطبقة المتوسطة.

وأوضح ساري، مصرحا لجريدة هسبريس، أن “التضامن العائلي الذي كان في السابق يشكّل سندا اجتماعيا من خلال تقاسم الأعباء داخل الأسر، بدأ يتراجع؛ وهو ما أصبح يظهر بوضوح خلال المناسبات التي تتطلب مصاريف مرتفعة، مثل الأعياد والعطل”.

وأشار الباحث في الاقتصاد إلى أن “التكاليف الاقتصادية أصبحت تستحوذ على جزء كبير من ميزانية العائلات، خصوصا التي تدرس أبناءها في مدارس التعليم الخصوصي، والتي قد تصل في بعض الحالات إلى 12 ألف درهم شهريا بالنسبة للتعليم العالي”.

وأكد المتحدث أن “هذا الضغط المالي يدفع بعض الأسر، خاصة من الطبقة المتوسطة، إلى الاستغناء عن السفر أو اللجوء إلى القروض لتغطية الكماليات أو حتى الحاجيات الأساسية”.

وأضاف ساري أن “الإكراهات لا تقتصر على العطل والمناسبات فقط، بل تتفاقم عند تزامنها مع أعياد دينية أو بداية الموسم الدراسي، حتى لو كانت هذه السنة مختلفة نتيجة تعليق النحو في عيد الأضحى”، معتبرا أن “تزامن العيد والعطلة في السنوات الفارطة شكل عبئا مضاعفا على الأسر؛ ما دفع العديد منها إلى الاقتراض لمواجهة المصاريف المتراكمة، رغم أن القروض الاستهلاكية تُمنح بفوائد مرتفعة قد تصل فعليا إلى 30 في المائة”.

كما حذر الباحث في الاقتصاد من الوضع الصعب الذي تعيشه الطبقة المتوسطة، لافتا إلى أن “معطيات المندوبية السامية للتخطيط تؤكد أن نصف مداخيل هذه الفئة تُستنزف في أداء القروض”.

وزاد: “هذه القروض لا تُمنح للطبقات الفقيرة نظرا لهشاشة مداخيلها، في حين أن الطبقة المتوسطة، التي تُعد الشريحة المؤهلة قانونيا للاقتراض، أصبحت تواجه استنزافا مستمرا لميزانيتها، خصوصا في سياق ارتفاع الأسعار خلال العطلة الصيفية الذي يعكس تضخما فعليا قد يتجاوز 20 إلى 30 في المائة”.

“اتجاه نحو الاقتراض”

محمد جدري، الباحث الاقتصادي، أكد أن “القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين تأثرت، خلال السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة، بشكل كبير خاصة لدى ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة”.

وسجل جدري، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أن “هذه الوضعية تزداد تعقيدا مع اقتراب نهاية العطلة الصيفية وبداية الموسم الدراسي، حيث تواجه العديد من الأسر المغربية التزامات مالية إضافية تثقل كاهلها؛ بما في ذلك مصاريف الملابس، واللوازم المدرسية، والكتب، وغيرها من الحاجيات المرتبطة بالأطفال والدخول المدرسي”.

وأشار المتحدث عينه إلى أن “السلوك الاستهلاكي لعدد كبير من الأسر المغربية قد تغيّر”، موضحا أن “الكثير منها أصبح يسعى إلى استهلاك مجموعة من السلع والخدمات بشكل متزايد”.

وقال الباحث الاقتصادي عينه: “كثير من الأسر ترغب في السفر أو تجديد ملابس أبنائها وتلبية حاجياتهم المختلفة؛ ما يُحدث ضغطا ماليا إضافيا على هذه الأسر، التي تعاني أصلا من كثرة قنوات إنفاق أموالها”.

وأضاف جدري أن بيانات المندوبية السامية للتخطيط كشفت سابقا عن واقع مقلق، حيث إن معدل الأسر التي تمكنت من ادخار جزء من مداخيلها لم يتجاوز سقف 2,1 في المائة، في حين صرحت نسبة 90,2 في المائة من الأسر، مقابل نسبة 9,8 في المائة، بعجزها عن الادخار، وهذا يدفعها إلى الاقتراض سواء من العائلة أو من مؤسسات الائتمان؛ ما يعكس هشاشة الوضع المالي لشريحة واسعة من المواطنين.

وأورد أن “هناك بعض المؤشرات الإيجابية التي قد تُخفف نسبيا من أعباء الأسر، من بينها استقرار أسعار الطاقة عند مستويات مقبولة، وغياب موجة تضخمية حادة كما كان عليه الحال في السابق”، مشيرا إلى أن “نتائج الحوار الاجتماعي الأخيرة، التي أفضت إلى زيادات في الأجور على دفعتين لفائدة الموظفين، تساهم بدورها في دعم القدرة الشرائية؛ غير أن اضطرار الكثير من الأسر إلى الاقتراض لتغطية حاجياتها الأساسية وعجزها عن الادخار يمثل مؤشرا سلبيا بالنسبة للاقتصاد المغربي ككل”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا