أثار الاتجاه نحو تعميم إلزام جميع الموظفين والأجراء بمتابعة دراستهم الجامعية عبر التوقيت الميسر على جميع الجامعات المغربية غضبا في صفوف أساتذة جامعيين ونقابيين من “إقصاء” مرتقب لغير الميسورين، بعدما تضمّن محضر اجتماع مجلس التدبير بجامعة ابن زهر بأكادير، أخيرا، المصادقة على رسوم مفروض أداؤها للتسجيل بالنسبة لهؤلاء، حسب كل سلك جامعي بما في ذلك الإجازة.
أعضاء مجلس التدبير لجامعة ابن زهر، المنعقد بتاريخ 11 غشت الجاري، اتفقوا على تحديد رسوم التسجيل بالنسبة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في مبلغ إجمالي قدره 6 آلاف درهم بالنسبة للإجازة و15 ألف درهم بالنسبة للماستر، وبالنسبة لكلية العلوم والتقنيات في 7 آلاف و500 درهم للإجازة و17 ألفا و500 درهم للماستر. فيما تم تحديد مصاريف التكوين بخصوص سلك الدكتوراه في مبلغ إجمالي قدره 10 آلاف درهم.
وتلزم جامعة محمد الخامس بالرباط، منذ سنوات، الموظفين بالتسجيل في التوقيت الميسر، مقابل رسوم.
وأكد عز الدين الميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، مطلع يوليوز، من داخل مجلس النواب، أنه سيتم بالنسبة لسلكي الماستر والدكتوراه “ضبط النسبة المخصصة لغير الطلبة؛ حيث إن 70 إلى 80 في المائة من طلبتها موظفون وعاملون بالقطاع الخاص”، مردفا: “سوف يُعتمد التوقيت غير الميسر لهؤلاء.. ‘لي مشي طالب يجي للتكوين الميسر”.
وتفاجأ الأساتذة الباحثون المنضوون في تيار الأساتذة الباحثين التقدميين بالنقابة الوطنية للتعليم العالي بمحضر اجتماع مجلس التدبير بجامعة ابن زهر بأكادير، واعتبروا أن المصادقة على رسوم تسجيل تهم الدراسة عبر التوقيت الميسر Temps aménagéبمثابة “خطوة خطيرة تروم تكريس منطق المتاجرة في التعليم العالي وضرب مبدأ المجانية، بما يشكل مساسا مباشرا بالحق الدستوري في متابعة الدراسة وإقصاء اجتماعيا لفئات واسعة من أبناء الشعب”.
وعبر التيار، في بلاغ، عن رفضه “لفرض أي رسوم على متابعة الدراسة في الإجازة أو الماستر أو الدكتوراه، لما يشكله ذلك من إقصاء اجتماعي وضرب لمبدأ تكافؤ الفرص”.
مصطفى فغير، أستاذ جامعي بكلية العلوم بأكادير وعضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي، قال إن “النقاش حول التوقيت الميسر يجب ألا يختزل في بعد قانوني ضيق؛ بل ينبغي أن يفتح من زاوية أخلاقية وتاريخية، فالجامعة العمومية لم تبن لخدمة فئة على حساب أخرى ولا لتكريس منطق الامتياز”.
وأضاف فغير، في تصريح لهسبريس، أن “الجامعات المغربية ومؤسسات التعليم العالي بصفة عامة يوجد بها، حاليا، 5 آلاف أستاذ باحث استفادوا، وهم موظفون من حق متابعة الدراسة العليا مجانا، حتى نالوا الدكتوراه؛ ما أهلهم للالتحاق بهيئة الأساتذة الباحثين”.
وسجل الأستاذ الجامعي نفسه أن “التوقيت الميسر إذا أقر يجب أن يظل مجرد خيار اختياري؛ لا أن يتحول إلى نظام إلزامي يخدم فئة محددة من الموظفين أو المستخدمين الميسورين، ويقصي في المقابل فئات واسعة من الطلبة والطلبة الموظفين والعاملين الكادحين الذين يرزحون تحت هشاشة وظروف قاسية”.
وذكر المتحدث ذاته أن تنويع أنماط التكوين “لم يكن يوما طارئا على الجامعة العمومية؛ فقبل عهد الوزير الداودي، كانت هذه الجامعة فتحت مسارات التكوين المستمر التي كانت تمكن كل من يرغب الانخراط فيها، سواء طلبة أم موظفين من الحصول على شواهد جامعية بالقيمة العلمية نفسها والمعادلة الأكاديمية المعتمدة مع الدراسات الأساسية”.
وأبرز مصطفى فغير أن هذا التكوين “كان يتم في فترات مسائية أو خلال عطلة نهاية الأسبوع، ومفتوحا في وجه الجميع مع أداء المقابل المادي بشكل واضح”.
وصف أزهار هاظمي، أستاذ جامعي نقابي بالنقابة الوطنية للتعليم العالي، “فرض التوقيت الميسر على كل موظف راغب في متابعة دراسته الجامعية بأنه ضرب في المجانية وتجاوز لحقوق الموظفين في التعليم والتكوين وبناء المسار العلمي”، مذكرا بأن “عددا من مؤسسات جامعة محمد الخامس تعتمد هذا الخيار منذ سنوات”.
وأضاف هاظمي، في تصريح لهسبريس، أن “فكرة إلزام جميع الموظفين بالتوقيت الميسر يرفضها الأساتذة الباحثون ويقابلونها بتذمر”، مشددا على أن “مجانية التعليم حق دستوري مكفول لجميع المغاربة، ويتعين ألا يصبح التوقيت الميسر إلزاميا على جميع الموظفين”.
ولفت النقابي الجامعي ذاته إلى أن “تعميم فرض الدراسة عبر التوقيت الميسر سوف تطرح إشكالية مدى توفر الأطر الكافية لتدريس كافة الموظفين الذين سيوجهون نحو هذا النمط من التكوين، فضلا عن الكيفية والصيغة والجدولة الزمنية لذلك، خاصة أن الأساتذة مبدئيا لديهم جدول زمني محدد”.