كل عام تأتي مناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي يتزامن مع 19 غشت، لتذكير العالم بأن معنى الإنسانية يتجسد في العطاء دون انتظار مقابل، وبأن المبادرات الصادقة لا تنتظر المناسبات لتعلن عن نفسها. وفي قلب هذا اليوم تبرز المبادرات الإنسانية للمملكة المغربية، تحت قيادة الملك محمد السادس، لفائدة الفلسطينيين، الذين سيحتاج أكثر من 3 ملايين و300 ألف منهم لمساعدات عاجلة هذا العام، ما سيتطلب تعبئة موارد مالية تناهز 4 مليارات دولار أمريكي، وفق مصادر أممية.
آخر المبادرات المغربية في هذا الصدد هي المساعدات التي أمر عاهل البلاد، بصفته رئيسًا للجنة القدس، بإرسالها إلى سكان غزة أمس الإثنين، وتتضمن حوالي 100 طن من المواد الغذائية الأساسية والأدوية، سيتم إيصالها جوا “لضمان وصولها بشكل عاجل ومباشر إلى المستفيدين داخل قطاع غزة، بعيدًا عن أي تعقيدات لوجستية قد تعيق الاستجابة السريعة للاحتياجات الميدانية”، حسب ما أفاد به بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
وفي نهاية الشهر الماضي أصدر الملك محمد السادس تعليماته بإرسال نحو 180 طناً من المساعدات الإنسانية والطبية، تضمنت مواد غذائية ومعدات جراحية وتجهيزات للإيواء لفائدة الغزيين، تم نقلها عبر مسار خاص أتاح وصولها بشكل سريع ومباشر إلى الفلسطينيين الذين يواجهون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث، بسبب سياسة الحصار والتجويع التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية.
ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر لم تدخر المملكة المغربية جهدًا في مد يد العون للشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، الذي دفع ثمنًا باهظًا لهذه الحرب، معززة بذلك دورها التاريخي في دعم الفلسطينيين والتخفيف من معاناتهم الإنسانية، عبر عديد المبادرات التي رسخت مكانتها كنموذج حي للالتزام الإنساني والتضامن الفعلي مع الشعوب المستضعفة، بعيدًا عن منطق الشعارات والمزايدات.
وعلى امتداد تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كان المغرب دائمًا حاضرًا في الواجهة، سواء على المستوى الدبلوماسي أو الإنساني؛ إذ يشهد الفلسطينيون أنفسهم بدور المملكة في إنقاذ الآلاف منهم من الجوع والموت المحقق من خلال سياسة تشييد المستشفيات الميدانية بتعليمات ملكية، وقد شُيد أول مستشفى سنة 2012 في غزة، في مبادرة كانت الأولى من نوعها على مستوى القطاع، تبعه آخر سنة 2018، ثم آخر في 2021، واستفاد من خدماتها الآلاف. هذا إلى جانب المشاريع والبرامج المتعددة التي أنجزتها وكالة بيت مال القدس الشريف طيلة السنوات الماضية لتعزيز صمود الأسر والمجتمعات الفلسطينية.
أنيس سويدان، المدير العام لدائرة العلاقات الدولية بمنظمة التحرير الفلسطينية، الأمين العام للجنة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني، قال: “إن اليوم العالمي للعمل الإنساني هو مناسبة نستذكر فيها بكل تقدير ومحبة موقف المملكة المغربية وجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي لم يدخر جهدًا أو طريقة إلا وساعد بها الشعب الفلسطيني في مختلف المحن التي مر بها”.
وأضاف سويدان: “نحن لا ننسى مواقف المغرب الإنسانية في تقديم المساعدات الغذائية والطبية لسكان غزة، وإقامة أول مستشفى عسكري هناك لعلاج المواطنين مجانًا، وتقديم كل ما يلزم، من أدوية وأدوات وتجهيزات طبية، لفائدة أبناء شعبنا، ما يعكس الروح الإنسانية وعمق العلاقات بين الشعبين الفلسطيني والمغربي”.
وتابع المسؤول ذاته، في تصريح لهسبريس، بأن “الشعب الفلسطيني يثمن عالياً دور بيت مال القدس الشريف، برعاية جلالة الملك محمد السادس، في إغاثة ودعم صمود الفلسطينيين في محافظة القدس الشريف، سواء بالمساعدات الغذائية والإنسانية، أو رعاية الأيتام وترميم الأماكن المقدسة والتاريخية وبيوت البلدة القديمة، وإقامة المشاريع الزراعية وغيرها، لتثبيت المواطن الفلسطيني فوق أرضه”، مشددًا على أن “الإنسانية تتجلى في أبهى صورها في الدعم التاريخي الذي قدمه المغرب الشقيق لفلسطين وأهلها”.