آخر الأخبار

مسابقة "تحدي الكتابة" تحتفي بالبصمة الإنسانية للأستاذ في حياة التلميذ

شارك

أعلنت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء – سطات عن تنظيم النسخة الأولى من المسابقة الجهوية “تحدي الكتابة”، الموجهة لتلاميذ المؤسسات التعليمية، واختارت لها موضوع “بصمة أستاذ(ة) في مسار تلميذه (ته) (ها)”، على أن تكون الأعمال المقدمة مستوحاة من الواقع المعيش، وأن يراعى فيها أسلوب السرد بضمير المتكلم.

وتفاعلا مع الإعلان عن هذه المسابقة، المقرر تنظيم إقصائياتها الإقليمية في نونبر المقبل والجهوية في دجنبر القادم، أكد متتبعون للشأن التربوي والثقافي، إلى جانب أخصائيين في الصحة النفسية والإكلينيكية، أهمية مثل هذه المبادرات التي تستحضر الأبعاد الثقافية والاجتماعية والعلاقات الإنسانية داخل المؤسسات التعليمية، ولاسيما تلك التي تجمع بين الأستاذ وتلميذه.

علاقة تبني الإبداع

جبير مجاهد، باحث في الشأن التربوي، قال إن “مسابقة تحدي الكتابة التي أعلنت عنها الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الدار البيضاء سطات تعتبر فرصة مهمة للتلاميذ من أجل اختبار قدراتهم الإبداعية والفكرية، كما أنها لا تقتصر على إبراز مهاراتهم في التعبير اللغوي فحسب، بل تمنحهم أيضا إمكانية لتطوير شخصيتهم وصقل موهبتهم”.

وأضاف المتحدث ذاته أن “موضوع المسابقة هو أثر العلاقة بين الأستاذ والتلميذ في نفسية الأخير، باعتبارها ركيزة أساسية في نجاح العملية التربوية”، مشيرا إلى أن “دور الأستاذ لا يقتصر على نقل المعارف فقط، بل يتعداه إلى بناء علاقة إنسانية قائمة على الاحترام المتبادل، والثقة، والتحفيز؛ وهذه العلاقة تشكل الإطار الذي يتم فيه التعلم بفعالية ويزدهر فيه الإبداع”.

وأكّد جبير، في تصريح لهسبريس، أن “المتعلم حين يشعر بأن أستاذه يحترمه ويقدّر جهوده يزداد حماسه للتعلم ويصبح أكثر استعدادًا لبذل الجهد، وفي حالة العكس يكون مصير التلميذ التكاسل والخمول، كما أن العلاقة الإيجابية تجعل من المتعلم شخصا قادرا على التعبير عن أفكاره بكل حرية ودون خوف أو تردد”.

وأفاد الباحث في الشأن التربوي بأن “العديد من الأبحاث التربوية أثبت أن المتعلمين الذين تربطهم علاقة جيدة بأساتذتهم يحققون أداء أكاديميا أفضل، لأن الشعور بالانتماء والاحترام المتبادل بين الطرفين يعزز تركيز المتعلم ويزيد من استيعابه للمعلومات”.

علاقة تربوية ملهمة

ندى الفضل، أخصائية نفسية ومعالجة إكلينيكية، قالت إن “المبادرات الإبداعية في المؤسسات التعليمية تُعد من أهم الوسائل التي تدعم النمو الشامل للتلميذ، فهي لا تنمّي المهارات الأكاديمية فحسب، بل تعزز أيضًا الصحة النفسية، والقيم الإنسانية، والذكاء العاطفي”، مضيفة أنه “في هذا السياق تأتي مسابقة ‘تحدي الكتابة’ لتطرح موضوعًا ملهمًا بعنوان ‘بصمة أستاذ في المسار الدراسي للتلميذ’، وهو موضوع يربط الإبداع الأدبي بالتجربة الإنسانية والتربوية للتلميذ”.

ونبّهت ندى الفضل إلى أن “كتابة التلميذ عن أستاذ ترك بصمة في حياته الدراسية تعني استحضار مواقف الدعم، التشجيع، والتحفيز التي تلقاها، وهذه العملية تنشط المشاعر الإيجابية، وتزيد من إفراز هرمونات السعادة مثل السيروتونين، ما ينعكس على تحسين المزاج وتقليل مستويات القلق”، مشددة على أن “الامتنان، كحالة انفعالية، يُعد من أهم العوامل الوقائية للصحة النفسية، ويعزز الرضا عن الذات والحياة”.

وأكدت المتحدثة، في تصريح لهسبريس، أن “اختيار موضوع يتمحور حول دور الأستاذ يساهم في إعادة بناء صورة ذهنية إيجابية لدى التلميذ عن المؤسسة التعليمية ورموزها، وهذا يعزز الاحترام المتبادل بين المعلم والمتعلم، ويدعم دافعية التلميذ إلى التعلم، إذ يرى في الأستاذ قدوة ومصدر إلهام، لا مجرد ناقل للمعلومات”.

ولفتت الأخصائية النفسية إلى أنه “أثناء صياغة القصة يقوم التلميذ بمراجعة رحلته الدراسية، والتفكير في نقاط التحول التي عاشها، وكيف ساهم تدخل أو كلمة أو موقف من أستاذ في تغيير مساره”، موردة أن “هذا التأمل الذاتي يعزز الوعي بالقدرات الفردية، ويدعم بناء أهداف مستقبلية أكثر وضوحًا، وهو ما يُعرف في علم النفس التنموي بعملية ‘الوعي الذاتي’ التي تعد أساس النمو الشخصي”.

دفء العلاقات المدرسية

وقالت ندى الفضل إن “هذا الموضوع يفتح أمام التلميذ فرصة لإعادة الاتصال العاطفي مع أستاذه أو مع ذكرى تجربة تعليمية مؤثرة، وهذا الارتباط الإنساني يرسخ شعور الانتماء للمجتمع المدرسي، ويقلل من مشاعر العزلة التي قد يعاني منها بعض التلاميذ، ما يجعل المدرسة فضاءً أكثر دفئًا ودعمًا”.

وبخصوص “كتابة قصة مستوحاة من تجربة حقيقية” أكدت المعالجة الإكلينيكية أنها “تتطلب من التلميذ المزج بين مشاعره الشخصية وأساليب السرد الإبداعي، وهذا التمرين يفعّل مناطق الدماغ المسؤولة عن الخيال والتنظيم واللغة في وقت واحد، ما ينمّي المرونة المعرفية والقدرة على التعبير بطرق فنية”.

وذهبت الأخصائية النفسية إلى أن “الأساتذة عندما يقرؤون نصوص التلاميذ التي توثق أثرهم الإيجابي يشعرون بدورهم بالتقدير والاعتراف، ما يخلق دائرة إيجابية من الاحترام والدعم المتبادل، ترفع من جودة العلاقة التربوية، وتحوّل العملية التعليمية إلى شراكة إنسانية حقيقية”.

وختمت الفضل توضيحها بالإشارة إلى أن “مسابقة ‘تحدي الكتابة’ بموضوعها الإنساني العميق ليست مجرد نشاط مدرسي، بل هي تجربة نفسية وتربوية متكاملة، لأنها تمنح التلميذ فرصة للتعبير عن مشاعره، وتعزيز ثقته بنفسه، وتنمية وعيه بذاته ومساره الدراسي، إلى جانب ترسيخ قيم الامتنان والاحترام”، مشددة على أنه “في زمن تتسارع وتيرة الحياة ويزداد الضغط على التلاميذ تبقى مثل هذه المبادرات مساحة آمنة للتنفيس والإبداع وبناء علاقات إنسانية أصيلة داخل الوسط المدرسي”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا