تستمر متابعة منظمة “بيتا” المدنية الدولية المدافعة عن حقوق الحيوان بوضعية الحيوانات غير المأوية بالمغرب، وعلى رأسها الكلاب والقطط، خاصة منذ إعلان تنظيم المملكة المشترك لكأس العالم سنة 2030.
وفي أحدث مواقف المنظمة قالت سفيرتها وداد إلما إنها ترحب بصدق بـ”مبادرة الحكومة المغربية لوضع إطار قانوني يخص حماية الحيوانات الضالة”، واصفة إياها بـ “الخطوة الضرورية، التي طال انتظارها”، لأنه “بعد سنوات من الصمت فإن أي محاولة لوضع حد للقسوة تجاه الحيوانات تستحق التقدير والدعم”.
ثم استدركت المنظمة: “النص المقترح بعيد كل البعد عن أن يكون كافيًا أو منصفًا، فالمادة الخامسة تُعد إشكالية وخطيرة للغاية، فهي تمنع أي فرد من إطعام أو إيواء أو علاج الحيوانات الضالة. في بلد تكاد تنعدم البنية التحتية العمومية الخاصة برعاية الحيوانات فإن أغلب المواطنين المغاربة هم من يعتنون يوميًا بالقطط والكلاب في الشوارع. هذه المادة تُجرّم الرحمة، تُحوّل التعاطف الإنساني إلى جريمة، وتعاقب أولئك الذين يسدّون الفراغ الذي تركته الدولة”.
وتابعت الهيئة ذاتها على لسان سفيرتها: “هذا ليس فقط ظلمًا، بل هو تعارض مع قيمنا الإنسانية؛ يتنافى مع تعاليم القرآن الكريم، ويتعارض مع روح الثقافة المغربية المبنية على الرحمة والتكافل والكرم”، ثم استرسلت: “فوق ذلك فإن مشروع القانون لا يضمن تفعيل برنامج الإمساك والتعقيم والتطعيم ثم الإطلاق (TNVR)، رغم أنه اعتمد رسميًا منذ عام 2019. وبدون هذا الإلزام ستستمر عمليات القتل الجماعي تحت غطاء قانوني. كما يفتقر القانون إلى الشفافية والرقابة المستقلة والمساءلة الفعلية، فهو لا يحمي الحيوانات، ولا يحمي أولئك الذين يدافعون عنها”.
وناشدت المنظمة الدولية غير الحكومية “المجتمع المدني، والحقوقيين، والمدافعين عن حقوق الحيوان، والأطباء البيطريين، والجمعيات، وكل شخص لديه ضمير وصوت، التحرك (…) قبل أن يُسنّ هذا القانون ويُطبّق؛ لإلغاء المادة الخامسة (…) لأنه لا يمكن لأي مجتمع أن يتطور دون احترام الأكثر ضعفًا، ولا يمكن بناء أي شيء له معنى إذا كانت الأسس قائمة على الصمت أو القسوة أو الخوف”.
تجدر الإشارة إلى أن هسبريس سبق أن تابعت مبادرات إنسانية مغربية تدعو إلى التعامل المراعي لمقتضيات الإسلام في تدبير قضية الكلاب الضالة، من بينها مبادرة “القتل لا يجدي نفعا” لـ”حركة الشباب الأخضر”، التي تشدّد على ضرورة “معالجة الظاهرة بشكل علمي، بعيدا عن كافة أشكال ومظاهر الوحشية والإجرام، التي تضرب كل القوانين التي تهم الديمقراطية التشاركية”.
ويُذكر أن وزارة الداخلية خصصت سنة 2023 غلافا ماليا فاق 34 مليون درهم من أجل مواكبة جماعات ترابية لبناء وتجهيز محاجز للحيوانات، لإجراء عمليات التعقيم، وحوالي 8 ملايين درهم لاقتناء معدات وآليات لجمع الكلاب؛ كما اتفقت مع وزارة الصحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية على “تسريع وتيرة تنزيل وتفعيل المقاربة المتعلقة بتعقيم وتلقيح الكلاب الضالة، من خلال إعداد برنامج عمل مندمج سيتم تنفيذه على مدى ثلاث سنوات (2023-2025)، وسيتواصل في جميع الجهات إلى غاية تحقيق الأهداف المنشودة”.
وسبق أن صرّح لهسبريس محمد الروداني، رئيس قسم حفظ الصحة والمساحات الخضراء بالمديرية العامة للجماعات الترابية، التابعة لوزارة الداخلية، بأن “معضلة الحيوانات الضالة بالمغرب، خاصة القطط والكلاب، فرضت على المملكة وضع تدابير تواجه انتشار أمراض خطيرة، مثل داء السعار والأكياس المائية والليشمانيا، وإزعاج الساكنة والهجوم على الأشخاص، خاصة الأطفال (…) أزيد من 100 ألف شخص يتعرضون للاعتداء من قبل هذه الحيوانات قبل نقلهم لتلقي العلاجات الضرورية واللقاح المضاد لداء السعار”.
ولاحتواء هذه الظاهرة ذكّر المتحدث بالاتفاقية الإطار الموقعة عام 2019، التي جمعت وزارة الداخلية (المديرية العامة للجماعات الترابية)، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA)، والهيئة الوطنية للأطباء البياطرة، وتهدف إلى اعتماد مقاربة تتمثل في جمع هذه الحيوانات في مركز إيواء وتعقيمها للحد من تكاثرها، وتلقيحها ضد داء السعار، ومعالجتها من الطفيليات، وترقيمها وترميزها، وإعادتها إلى مكانها الأول.
ومن بين ما كشفه المصرح منذ شهور إعداد مشروع قانون يروم معالجة جميع حيثيات ظاهرة الكلاب والقطط ومختلف الحيوانات الضالة بشوارع المدن المغربية، من أجل منع قتلها بطريقة غير مبررة، واحترام مبادئ الرفق بالحيوان.