طالب الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي، نزار بركة، نظيره رئيس حزب الشعب الإسباني، بتوضيح وحسم موقف حزبه بشأن قضية الصحراء المغربية، وذلك عقب إعادة انتخابه رئيسا للحزب خلال المؤتمر الأخير الذي انعقد ما بين 4 و6 يوليوز الجاري.
وبعد أن هنأه على إعادة انتخابه، عبر بركة عن “القلق العميق من غياب وضوح موقف حزب الشعب بخصوص قضية الصحراء المغربية، في وقت تتعزز فيه دينامية دولية واسعة ومستدامة لدعم المبادرة المغربية الخاصة بالحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية”.
ويأتي هذا الموقف لحزب الاستقلال في وقت أثار فيه حزب الشعب الإسباني (PP) جدلا سياسيا بإسبانيا بعد دعوته لجبهة “البوليساريو” الانفصالية لحضور مؤتمره الأخير، ما أثار موجة انتقادات وتحذيرات واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية الإسبانية.
وأوضح بركة في رسالة وجهها إلى حزب الشعب الإسباني، تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، أن المبادرة التي قدمها المغرب عام 2007، تعد الإطار الوحيد الواقعي والموثوق به لإنهاء هذا النزاع المفتعل، كما أقرت بذلك الولايات المتحدة، و22 دولة أوروبية منها فرنسا والمملكة المتحدة، أعضاء مجلس الأمن الدائمين، بإضافة إلى عدة دول إفريقية وعربية ولاتينية وآسيوية.
وأضاف أن مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه يعد مسارا لتحقيق حل دائم، وتعزيز الاستقرار في منطقة المغرب الكبير ومنطقة الساحل، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي، والاستثمار، والتكامل الإقليمي، مشيرا إلى أنه سيسهم بشكل كبير في الحد من الهجرة غير النظامية من خلال تعزيز التنمية والتشغيل في هذه المنطقة.
واعتبر بركة أنه “في ظل هذه التطورات الدولية، يثير استغرابنا أن حزب الشعب، رغم ثقله السياسي وانتمائه إلى حزب الشعب الأوروبي (PPE)، لم ينضم بعد إلى هذه الدينامية التاريخية”، معبرا عن أمله في أن “يتصرف حزب الشعب بوضوح ورؤية استراتيجية، كما تتطلب هذه اللحظة التاريخية والعلاقة النموذجية التي تربط بلدينا لصالح شعوبنا، والتي يجب علينا كأحزاب أن نعمل على تعزيزها”، وفق المراسلة ذاتها.
وأشار بركة إلى أن حزب الاستقلال تربطه علاقات تاريخية وسياسية مع حزب الشعب الإسباني لأكثر من 25 عاما، مشيرا إلى أن حزب الاستقلال على استعداد لتعزيز الحوار والتنسيق بين الحزبين.
يُشار إلى أن حزب الشعب الإسباني عقد مؤتمره الحادي عشر في أوائل يوليوز الجاري، حيث أكد في وثيقته السياسية على “احترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالصحراء الغربية”، متجنبا الإشارة إلى تنظيم استفتاء لتقرير المصير كما كان في السابق.
وأكد الحزب على ضرورة إقامة “علاقة متوازنة قدر الإمكان مع المغرب والجزائر” لتحقيق الاستقرار بمنطقة المغاربية، معبرا عن دعمه لجهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم، لكن حضور وفد من جبهة “البوليساريو” في المؤتمر أثار جدلا واسعا داخل المشهد السياسي والإعلامي الإسباني.
وفي هذا الصدد، وصفت صحيفة “El Plural” الإسبانية خطوة حزب الشعب الإسباني باستدعاء “البوليساريو” بـ”الخطيرة” و”غير المحسوبة”، محذرة من تبعاتها السلبية على العلاقات الحساسة بين مدريد والرباط، والتي تشهد تطورا إيجابيا ملحوظا منذ اعتراف إسبانيا بمغربية الصحراء ودعمها لمبادرة الحكم الذاتي.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه دعوة “البوليساريو” لحضور هذا المؤتمر أثارت استياء المغرب، لافتة إلى أن حزب الشعب الإسباني يتعرض لضغوط متزايدة من الإعلام والسياسيين والدبلوماسيين الإسبان من أجل حسم موقفه من ملف الصحراء المغربية ليتماهى مع الموقف الرسمي بإسبانيا، معتبرين أن موقفه الحالي يشكل انحرافا عن السياسة الإسبانية الرسمية.