عاد العرض التاريخي الفني “نوستالجيا” في دورة جديدة تبعث الحياة من جديد في جنبات موقع شالة الأثري، ضمن موسم ثالث يحتفي بالذاكرة الجماعية ويعيد تشكيل ملامح التاريخ فوق ركح الزمن.
التظاهرة، التي تنظمها وزارة الشباب والثقافة والتواصل بشراكة مع الأستوديوهات المغربية العالمية بورزازات، تأتي هذه السنة برؤية فنية متجددة، في سياق إستراتيجية تروم إعادة الاعتبار للمواقع التاريخية وتحويلها إلى فضاءات حية نابضة بالثقافة والتفاعل، وقد حظيت هذه الدورة بالرعاية الملكية السامية للملك محمد السادس.
ووسط جدران شالة العتيقة، وتحت أضواء صممت بعناية لتحاكي عبق العصور، عاش الحضور لحظات ساحرة تجسدت فيها، مساء أمس الخميس، حضارات تعاقبت على المكان، من الفينيقيين والرومان إلى المرينيين، في عرض مسرحي يجمع بين الشعر والصورة، وبين الحكاية التاريخية والإبداع البصري.
وقد امتلأت مدرجات شالة وساحتها بجمهور غفير توافد من مختلف الأعمار والفئات، ليستعيد مع العرض صفحات من الذاكرة ويرافق الممثلين في رحلة عبر الزمن تحاكي حياة من سبقونا على هذه الأرض، وتوثق لجغرافيا من المشاعر والتجارب الإنسانية التي انصهرت فوق تراب هذه المعلمة الأثرية.
وفي تصريح لهسبريس، قال يوسف بريطل، المدير الفني للمشروع، إن النسخة الثالثة من “نوستالجيا” تأتي هذه السنة بعنوان “روح شالة”، في إشارة إلى الأبعاد الرمزية التي ينطوي عليها العرض.
وأضاف بريطل أن “أرواح شالة” تستقبل الناس هذا العام في تجربة فريدة تغوص بهم في عمق الحضارات وتفتح أمامهم أبواب الاكتشاف والمتعة.
وتابع المدير الفني للمشروع أن تذاكر العروض الخمسة عشر نفدت بالكامل خلال ست ساعات فقط من طرحها على المنصة الرقمية؛ ما يؤكد الإقبال المتزايد على هذه التظاهرة التي باتت تحجز لنفسها مكانة مميزة ضمن المشهد الثقافي الوطني، خاصة لدى الأسر والعائلات التي تبحث عن منتوج ثقافي يجمع بين الفرجة والتكوين المعرفي.
وأضاف المتحدث ذاته أن هذا المشروع ينجز بشراكة وثيقة مع أستوديوهات ورزازات العالمية، التي توفر الديكور والملابس التاريخية؛ ما يضفي على العرض صدقية وجمالية بصرية تحاكي حقيقة العصور، وتمنح المتلقي تجربة غامرة في قلب التاريخ.
ويعد موقع شالة الأثري، المدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ عام 2012، من أبرز معالم الرباط التاريخية، إذ يحتضن في جنباته آثارا ضاربة في القدم تعود إلى قرون ما قبل الميلاد، ويقف شاهدا صامتا على توالي حضارات وثقافات، تركت وراءها شواهد تروي قصة المغرب العريق.
وتشكل عروض “نوستالجيا” الفنية لقاء روحيا مع الذاكرة، وجسرا بين الماضي والحاضر، تكتب على خشبته فصول من تاريخ لا يموت لمملكة عريقة.