دعت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق المستهلك أولياء الأمور إلى توخّي الحيطة والحذر عند اختيار المخيمات الصيفية لأبنائهم، مشيرة إلى أهمية التأكد من توفّر هذه الفضاءات التربوية على التراخيص القانونية والتأمينات الضرورية.
وتأتي هذه الدعوة تزامنًا مع اقتراب موسم العطلة الصيفية، الذي يشهد عادةً ارتفاعًا في الإقبال على أنشطة التخييم، وسط عرض متنوع لا يخلو من ممارسات عشوائية قد تُعرض الأطفال لمخاطر جسدية ونفسية، وتُنتهك فيها حقوقهم الأساسية كمستهلكين في طور التكوين.
وتأتي هذه التحذيرات في سياق تصاعد بعض الممارسات غير القانونية، حيث تُنظَّم مخيمات صيفية من قبل جهات تفتقر إلى التأهيل اللازم، وتُمارَس فيها أنشطة تفتقر إلى أبسط الشروط التربوية واللوجستية. وهو ما يعرض الأطفال لمخاطر جسدية وصحية ونفسية قد تكون وخيمة.
ونبّهت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق المستهلك إلى أن غياب التأطير التربوي المناسب وانعدام المراقبة الجادة قد يُفقدان تجربة التخييم معناها التربوي، ويحوّلانها إلى مصدر تهديد بدل أن تكون فضاءً لبناء الشخصية واكتساب المهارات الاجتماعية.
وأكّد علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك وعضو الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن المخيمات الصيفية وجمعيات حماية المستهلك تضطلعان بأدوار متكاملة في تربية الأطفال، وتنمية وعيهم الحقوقي والاجتماعي في ظل التحديات التربوية المتزايدة.
وأضاف شتور، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذه الفضاءات تسهم في ترسيخ القيم الاجتماعية والأخلاقية، وتعزيز الصحة النفسية والجسدية، وغرس مبادئ المواطنة من خلال ورشات بيئية وتربوية تتمحور حول حقوق الطفل والسلام والبيئة.
وأبرز أن الأطفال ليسوا فقط مستهلكين ناشئين، بل فاعلين في منظومة الاستهلاك، مما يستدعي توجيههم نحو استيعاب مفاهيم السلامة والاختيار والمعلومة الدقيقة ومواجهة الإشهار المضلل. ودعا إلى تعزيز دور الأسرة والمدرسة والمخيمات في تنشئة الطفل كمستهلك واعٍ ومسؤول.
كما شدّد على ضرورة دعم البرامج التربوية للمخيمات الصيفية، وتشجيع التنسيق بين وزارات التربية والثقافة والشباب وجمعيات حماية المستهلك، وتكوين المؤطرين، وتوفير منصات رقمية تفاعلية للأطفال، مشيرا إلى تجربة تأطير أطفال مخيم إيموزار خلال السنة الماضية، باعتبارها نموذجًا ناجحًا في ترسيخ ثقافة الاستهلاك الواعي لدى الناشئة.
من جهته، قال طارق سريفي، الفاعل الجمعوي في مجال التخييم، إن الإشكال الجوهري لا يكمن فقط في غياب التراخيص أو التأمين، بل في غياب رؤية واضحة تؤطر العمل التربوي بالمخيمات، وتحوّله إلى مشروع مجتمعي قائم بذاته، وليس مجرد فضاء لملء فراغ العطلة.
وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أوضح سريفي أن جزءاً من الأزمة ناتج عن ضعف تكوين بعض الأطر، وغياب التجديد في المضامين والورشات، مما يجعل المخيمات تكرر نفسها دون أن تواكب تحولات المجتمع وانتظارات الناشئة.
وأضاف أن الكثير من المخيمات تُدار بعقلية موسمية وتقنية، بدل أن تكون ورشة لبناء الشخصية وإعداد المواطن الصغير.
وأكد أن النهوض بالمخيمات يحتاج إلى سياسة وطنية واضحة تُدمج التخييم في السياسات التربوية العمومية، وتربط بين التربية النظامية وغير النظامية. ودعا إلى تشجيع الابتكار في المضامين، وتوفير ميزانيات محترمة، وتثمين جهود الجمعيات الجادة التي تعمل في الميدان رغم ضعف الإمكانيات.
وأشار سريفي إلى أن التجارب الناجحة في هذا المجال تُبنى على التكوين المستمر للمؤطرين، وتوفير الإمكانيات اللوجستيكية الضرورية، إلى جانب إشراك الأسر في العملية التربوية، عبر التواصل المستمر وتقييم مردودية الأنشطة.
وأبرز أن عدداً من الجمعيات بدأت تُدرج التربية الاستهلاكية في برامجها، بتعاون مع جمعيات حماية المستهلك، مما يفتح آفاقًا جديدة لتكامل الأدوار بين مختلف الفاعلين في تربية النشء.
وختم تصريحه بالقول إن الاستثمار في المخيمات يجب أن يُنظر إليه كاستثمار في المستقبل، وليس مجرد موسمية ظرفية، داعيًا إلى إحداث صندوق وطني لدعم الجمعيات، التي تشتغل وفق مقاربة تربوية مواطِنة من أجل تعميم التجارب الرائدة وتوسيع نطاق الاستفادة منها على الصعيد الوطني.