قالت “شبكة رؤساء شعب القانون العام بالمغرب” إنها عقدت اجتماعا لتدارس عدد من القضايا التي تندرج في إطار أولوية انشغالات شعب وأساتذة القانون العام بالمغرب، وعلى وجه التحديد “موضوع الإصلاح البيداغوجي الذي يجري تطبيقه على مستوى الجامعات المغربية؛ وضمنها كليات العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وكليات العلوم القانونية والسياسية والكليات متعددة التخصصات، وتداعياته على تدريس القانون العام، والقانون عموما، وكذا بحث شروط وإمكانيات تنظيم الملتقى الوطني الثاني القانون العام، وتعزيز دوره كتقليد جامعي محمود”.
وأوضحت “شبكة رؤساء شعب القانون العام بالمغرب”، في بلاغ لها، أن “الحاضرين في الاجتماع توقفوا، في نقاش هادئ ومسؤول، عند استعراض وتحليل عدد من الاختلالات التي أبان عنها تفعيل هذا الإصلاح البيداغوجي منذ انطلاقته، والتي كشفت أنه في ظل غياب المقاربة التشاركية المطلوبة لم يحظ بما يكفي من الدراسة والتمحيص الذي يحتاجه إصلاح من هذا النوع، وأنه قفز على مشاكل حقيقية يصعب التفكير في ‘أزمة’ الجامعة المغربية خارجها، وخاصة الكليات ذات الولوج المفتوح”.
وسجل البلاغ “أهمية فتح نقاش عميق حول وضعية المؤسسات الجامعية ذات الولوج المفتوح؛ وفي مقدمتها المؤسسات الجامعية التي تدرس القانون، التي تحتضن أعدادا كبيرة من الطلاب، ومساءلة وظيفتها اليوم، باستحضار مضمون ومعنى تدريس القانون في عالم اليوم، وشروط ومستلزمات البحث العلمي في العلوم القانونية والسياسية والاقتصادية، ولنموذج الكلية الأكثر ملاءمة للتحولات، على مستوى الولوج والتخصصات والتأطير والهوية البيداغوجية وبنيات البحث، وعلى صعيد وظائفها المجتمعية والقيمية والرمزية، من أجل استجابة أكبر لحاجيات الدولة والاقتصاد والمجتمع، لا سيما في ظل مستويات الهدر الكبرى التي تعرفها هذه المؤسسات، وانسداد آفاق الشغل في وجه خريجيها”.
وأشار المصدر ذاته إلى “الحاجة الملحة إلى إعادة النظر في بعض مضامين الإصلاح البيداغوجي وتقويمها”، مضيفا أن “الشبكة ترى في هذا الإطار أن خمس قضايا رئيسية تفرض نفسها بإلحاح في الوقت الراهن، وتحتاج إلى مراجعة عاجلة لما أبانت عنه من عيوب ومثالب”.
وعن القضية الأولى، ذكر البلاغ أن “اعتماد التخصص والتوجيه انطلاقا من السنة الأولى لولوج الطلبة إلى المؤسسات الجامعية فرض عليهم ضرورة الاختيار بين مسالك جامعية لم يسمعوا عنها من قبل، ولم يراع بالتالي حاجة الطلاب حديثي العهد بالجامعة إلى التوفر على رصيد معرفي يمكنهم من حسن الاختيار. كما قلص من فرصهم في الاستفادة من تكوين متكامل في العلوم القانونية التي كان يوفرها نظام الجذع المشترك”.
أما عن القضية الثانية، فقد أكد البلاغ أن “خريطة الوحدات المبرمجة للتدريس بكيفية مشتركة بين التخصصات المعتمدة في العلوم القانونية لا يبدو أنها كانت موضوع دراسة دقيقة، وبدت كما لو أنها نقل حرفي لتجارب معينة دون مراعاة للمستويات التي يجب أن تدرس فيها، وللانسجام الذي يجب أن يسود بينها، وللحاجة البيداغوجية التي تفرضها ضرورة وجود وحدات معرفية معينة يصعب الاستغناء عنها عندما يتعلق الأمر بالجدع المشترك”.
وبخصوص القضية الثالثة، أشار البلاغ إلى أن “خلق مسالك جديدة تحت مسميات إجازة التميز، وخاصة من ناحية شروط الولوج إليها وأعداد الطلبة الذين يدرسون بها، فضلا عن الطريقة التي اعتمدت لإفراغ طلابها مباشرة في مسالك الماستر، بيّن أنها في كثير من الحالات لم تحمل من التميز إلا ‘الاسم’، وأنها تكرس التمييز بدل أن تصنع التميز”.
أما القضية الرابعة، فقد ربطها البلاغ بكون “إغراق فصول التدريس في مختلف المسالك بعدد كبير من الوحدات باسم ‘مهارات القوة’، علاوة على كونه حرم الطلاب من دراسة عدد من الوحدات المعرفية المهمة، خلّف ارتباكا كبيرا في تدريس هذه المواد، وأصبح يثير حفيظة الطلبة والأساتذة على حد سواء”.
وقالت شبكة رؤساء شعب القانون العام بالمغرب، بخصوص القضية الخامسة، إن “منصة ‘روزيتا’ Rosetta Stone، التي تم اعتمادها كوسيلة لتعليم اللغات الأجنبية وتقوية القدرات اللغوية لدى الطلبة، يبدو أنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها؛ فبالإضافة إلى ما يمكن أن يسجل بشأن مستويات التكوينات والمهارات اللغوية التي تستهدفها المنصة، فقد تحول تدريس اللغات الأجنبية على هذه الوسيلة إلى مشكلة للطلبة وللمؤسسات في الآن نفسه، في ظل الصعوبات التي تواجه الطلبة في الولوج إلى الفضاء الرقمي، والنقص الكبير في الموارد البشرية واللوازم اللوجستيكية التي يتطلبها استخدام هذا النوع من الوسائل في التعليم”.
واعتبرت الشبكة أن “هناك حاجة مستعجلة إلى العودة إلى نظام الجذع المشترك بين جميع تخصصات العلوم القانونية خلال الفصول الأربعة الأولى، ومراجعة وإعادة ضبط شروط ولوج وعمل ‘مسالك التميز’، من أجل إعطائها مضمونا يليق باسمها، وكذا إعادة النظر في بعض جوانب تدريس الوحدات المحسوبة على مهارات القوة واللغات”.
وأثارت شبكة رؤساء شعب القانون العام انتباه كل الجهات المعنية إلى هذه القضايا التي تطرح نفسها بكيفية مستعجلة، واعتبرت أن “معالجتها تحتاج إلى حوار داخلي على صعيد المؤسسات الجامعية التي تدرس القانون، وخاصة بين مختلف الشعب التي تحتضنها؛ بالنظر إلى أهمية الأدوار والوظائف البيداغوجية التي تلعبها الشعب كهيئات منتخبة داخل مؤسسات التعليم العالي”.
وعبّرت شبكة رؤساء شعب القانون العام بالمغرب عن “استعدادها الكامل للتعاون والتنسيق مع الزملاء في شعب القانون الخاص والاقتصاد والتدبير، مستحضرة بهذا الخصوص العمل التنسيقي المهم والبناء الذي باشرته شعب القانون الخاص والعام خلال الفترة التي طرح فيها نظام الباشلور”.
وجاء في ختام البلاغ أن “الشبكة تعتبر أن الملتقى الوطني الثاني لشعب القانون العام، الذي تعلن عن انعقاده قبل متم السنة الجامعية الجارية، في التاريخ والمكان الذي سيتم اإاخبار بهما لاحقا، سيكون فرصة مناسبة لمزيد من تعميق النقاش وتوضيح الرؤى حول هذه القضايا، وإعداد تقييم متكامل لحصيلة تنزيل الإصلاح البيداغوجي على مستوى المؤسسات الجامعية التي تدرس القانون. كما سيكون مناسبة أيضا لمناقشة قضايا أخرى تفرض نفسها هي الأخرى في الوقت الحاضر؛ وفي مقدمتها ما يجري التحضير لإدخاله من تعديلات على القانون المتعلق بتنظيم التعليم العالي”.