آخر الأخبار

الزهراوي يقتفي سياقات تحول "تونس قيس سعيد" إلى "صوت للجزائر"

شارك

قال محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية، إن “اختفاء تونس قيس سعيد عن المشهد الإفريقي والعربي صار مألوفا إلى حد الابتذال”، لافتا إلى أن “تونس لم تترشح لمنصب نائب رئيس المفوضية الإفريقية، رغم أنه كان مخصصا لشمال إفريقيا”، مضيفا أن “قيس سعيد فضّل دعم الجزائر والتصويت لمرشحتها يوم 15 فبراير الماضي”.

وأبرز الزهراوي، في مقال له بعنوان “أين اختفت تونس قيس سعيد؟”، أن “مسلسل الاختفاء أو ‘ذوبان تونس’ مثل قطعة ثلج سيستمر دون سابق إنذار”، متسائلا “متى تظهر تونس من جديد بعد هذا الاختفاء الطوعي أو القسري؟”..

نص المقال:

يتكرر المشهد في كل مرة وكل مناسبة، اختفاء تونس قيس سعيد عن المشهد الإفريقي والعربي صار مألوفا إلى حد الابتذال.. تغيب الجزائر لأسباب معروفة وإن كانت غير مقبولة، تختفي معها تونس دون سابق إنذار، تترشح الجزائر، تنزوي تونس إلى الوراء، داعمة ومناصرة دون شروط، صارت في عهد قيس سعيد مثل طيف يظهر ويختفي؛ بل مجرد صوت انتخابي في جيب الجزائر، هكذا بدت تونس أو أريد لها أن تكون في عهد قيس خلال السنوات الأخيرة.

أمثلة كثيرة تؤكد هذا المنحى أو التوجه الجديد خلال أقل من شهر، ليس من باب التجني، تونس اختفت في عهد قيس؛ فهي لم تترشح لمنصب نائب رئيس المفوضية الإفريقية، رغم أنه كان مخصصا خلال قمة الاتحاد الإفريقي (38) لشمال إفريقيا.. لكن قيس فضّل دعم الجزائر والتصويت لمرشحتها يوم 15 فبراير الماضي. ليتكرر مشهد الغياب بعدها وفي ظرف وجيز، إذ بمجرد أن أعلنت الجزائر عبر بيان “خارجيتها الاحتجاجي” عن عدم حضور الرئيس تبون للقمة العربية في القاهرة التي عقدت يوم الأربع من شهر مارس من هذه السنة، حتى اختفى قيس مرة أخرى.

مسلسل الاختفاء أو” ذوبان تونس” مثل قطعة ثلج سيستمر دون سابق إنذار، بشكل لا يليق بتاريخ وعراقة وشهامة شعبها، حيث سيتكرر المشهد هذه المرة على المستوى الرياضي؛ فخلال اشغال الجمعية العامة للكونفدرالية الإفريقية يوم 12 مارس الجاري، اكتفت تونس قيس سعيد بدعم مرشح الجزائر للمكتب التنفيذي للـ”كاف”، وفضّلت الاختفاء مرة أخرى.

الرغبة في الحصول على عضوية المكتب التنفيذي للـ”كاف” بالنسبة للدول ليس ترفا، أو مجرد حدث عابر؛ بل هو رهان بخلفيات جيوسياسية واستراتيجية، يتجاوز منطق الرياضة، إذ تسعى الدول من خلاله إلى الدفاع عن مصالحها الحيوية والتموقع بشكل جيد. تونس ما قبل قيس سعيد كانت حاضرة وبقوة وباحترافية على مستوى صناعة القرار على الرقعة الرياضية الإفريقية؛ لكن، اليوم، كل شيء تغير، وكأن قيس سعيد وقّع شيكا على بياض لعبد المجيد، لربما الأمر يتجاوز ذلك، ليصل إلى “الذوبان”، إذ صارت تونس بلا لون ولا طعم بل بلا صوت، مثل قطعة ثلج، أو وكأنها تحولت إلى “طيف”. فكيف يمكن فهم وتبرير انسحاب ممثل تونس حسين جنيح، المدير السابق للمنتخبات الوطنية التونسية، لصالح مرشح الجزائر الذي كانت حظوظه ضعيفة، وهو انسحاب ليس الأول، ومن غير المستبعد أن يكون الأخير في عهد قيس سعيد.

ثمة محاذير في السياسة كما في الاقتصاد والرياضة، فغايات ورهانات الدول تكون عادة وفق حسابات دقيقة ومدروسة، وترتكز على تحالفات تراعي المصلحة الوطنية، مع الحرص على الاستقلالية في اتخاذ القرار؛ لكن قيس سعيد نجح في جعل تونس شبيهة إلى حد التطابق بالجزائر بفعل التماهي مع سياساتها..

رغم الاختلافات على مستوى التاريخ والعراقة وطبيعة النظامين، فإن قيس يصر على تحطيم كل شيء جميل وتكسير ما تبقى من بلد أنهكه المتآمرون والدعاة وأشباه الوطنيين؛ لكن قيس سعيد، وأمام كل هذا الخراب، فلديه ما يكفي من الوقت ليعمل بجد لا متناهٍ على طمس هوية وعقيدة تونس الخضراء التي وضع أسسها الراحل الحبيب بورقيبة.

فمتى تعود تونس إلى وضعها الطبيعي؟ ومتى تظهر تونس من جديد بعد هذا الاختفاء الطوعي أو القسري؟ متى ينهي وينتهي قيس من لعبة الاختفاء؟ ألم يحن الوقت لمراجعة هذه السياسات والتوجهات التي لا تخدم مصالح الشعب التونسي؟ إذ بات الوضع الراهن يؤشر على انكماش وتراجع تونس، وعجزها عن القيام بدورها المحوري في المنطقة المغاربية.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا