في السنوات الأخيرة، باتت شاشات التلفزيون الجزائرية تعج بمشاهد “تأنيث الرجل”، حيث يتقمص بعض الممثلين أدوار النساء بأسلوب هزلي يثير الضحك، حسب البعض، الذي أكد أن هذه الظاهرة في الحقيقة يسقط من قيمة الرجل والمجتمع ككل.
آخر هذه الخرجات كان ما قام به الممثل مروان قروابي، الذي تشبه بامرأة في أحد المسلسلات ليضحك الجمهور، غير مدرك أن مثل هذه الأدوار تثير الجدل في المجتمع الجزائري، وتساهم في تسطيح الذوق العام والتقليل من شأن الرجل الجزائري الذي كان عبر التاريخ مثالًا للشهامة والهيبة، وفق ما عبر عنه الكثير من المتابعين.
في المقابل، رد قروابي مدافعًا عن أدائه، وقال: “لست أفضل من عمالقة الفن في الجزائر والعالم”، كما حظي الفنان الجزائري أيضًا بدعم من قبل المعلقين.
لسنوات طويلة، عرف المسرح والسينما بعض الشخصيات التي لعبت أدوار النساء، لكنها كانت تقدم ذلك في سياقات مدروسة تخدم القصة، كما هو الحال في المسرحيات العالمية، أو حتى بعض الأعمال الجزائرية القديمة.
لكن أن يصبح الأمر عادة سخيفة في المسلسلات الهزلية الجزائرية، فهذا يدل على أزمة فنية حقيقية.
إن الكوميديا ليست مجرد وسيلة للترفيه والإضحاك، بل هي فن قائم على الذكاء والرسائل العميقة. ومنذ فجر التاريخ، كانت الكوميديا وسيلة البشر المفضلة للترويح عن النفس، والتعبير عن الانتقادات الاجتماعية والسياسية، وحتى طرح التساؤلات الفلسفية.
لكن ما نراه اليوم هو مجرد استهزاء واستخفاف بالمشاهد، وترويج لصورة سلبية عن الرجل الجزائري، وكأن الضحك لا يتحقق إلا عندما نراه يضع مساحيق التجميل ويرتدي الحجاب.
واللافت أن بعض الممثلين يبررون ذلك بأن عمالقة الفن سبق أن فعلوا ذلك، متناسين أن السياقات تختلف، وأن الفن ليس تكرارًا أعمى بل إبداع متجدد.
هذه الظاهرة تتزامن مع تراجع جودة الإنتاج الدرامي في الجزائر، حيث يتم استنساخ أفكار رديئة وإعادة تدوير نفس النكت المبتذلة. فأين هم من زمن العملاق الراحل حسن الحساني الذي عرف باسم “بوبقرة” ، وأين زمن العبقري الراحل رويشد، أو كما عرف بـ”حسان طيرو”، أو القوي عثمان عريوات وقفشات الزمن الجميل، وغيرهم من الأسماء التي كتبت أسماءها بماء الذهب في سجل الدراما الفكاهية الجزائرية.
في الختام، يتفق الجمهور والنقاد على أنه يجب على صناع الدراما أن يدركوا أن الفن مسؤولية، وليس مجرد وسيلة لإضحاك الجمهور بأي ثمن.
فالضحك وإن كان مطلوبًا، لا يجب أن يكون أبدًا على حساب رجولة الرجل الجزائري وهيبته.