آخر الأخبار

"التوحيد والإصلاح" تنتقد تثمين العمل المنزلي وحدّ "التعدد" في تعديل المدونة

شارك الخبر

تحفّظت حركة التوحيد والإصلاح على مقترحات لتعديل مدونة الأسرة، ودعت إلى مراجعتها أو تقييدها “أثناء الصياغة القانونية لمشروع القانون الجديد، حتى لا يؤدي إعمالها السلبي إلى الإخلال بمقومات بناء الأسرة المغربية المسلمة القائم على المكارمة والمودة والرحمة، ولاسيما في ظل عدد من التطورات والتحولات التي يعرفها مجتمعنا”.

ومن القضايا “تعدد الزوجات”، بعدما نصّت مقترحات المراجعة على: “إجبارية استطلاع رأْي الزوجة أثناء تَوثيق عقد الزواج حول اشتراطها عدم التزوج عليها، من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج؛ وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط، وفي حال غياب هذا الاشتراط فإن “المبرر الموضوعي الاستثنائي” للتعدد سيُصبح محصورا في: إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانِع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى، يُقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية”.

وقالت الحركة إنه “بالرجوع إلى موقف المجلس العلمي يتبين أنه استفتي في مسألة إدراج شرط موافقة الزوجة الأولى في التعدد، وكان جوابه بأنه ‘لا يستجيب لمشروعية إدراج شرط موافقة الزوجة في التعدد، غير أنه يمكن لولي الأمر أن يقرر إدراج شرط موافقة الزوجة الأولى في التعدد’، وحيث إن رأي المجلس العلمي الأعلى لم يتحدث عن إجبارية الإخبار بهذا الشرط، بل أحال الأمر على ولي الأمر لتقرير اشتراط الزوجة عدم التعدد، وحيث إن أمير المؤمنين لم يستعمل هذا التفويض حسب تصريح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية؛ فإنه يتعين التقيد بما عبر عنه المجلس العلمي الأعلى بدل التصرف في مقام ولي الأمر دون تفويض منه”.

وبخصوص الولاية القانونية على الأطفال ذكرت حركة التوحيد والإصلاح أن “التوجهات المعلن عنها” ذهبت إلى “جعل النيابة القانونية حقا مشتركا بين الزوجين أثناء العلاقة الزوجية وبعد انفصالها؛ وفي حال نشوء خلاف حول أعمال النيابة القانونية يتم الرجوع إلى قاضي الأسرة للبت فيه، وفق ضوابط ومعايير قانونية واضحة”، واقترحت “إبقاء الولاية للأب في حال قيام العلاقة الزوجية، مع ترك المجال للأم في حال تعذر قيامه بذلك لمانع مقدر”، وزادت: “وفي حال انفصال عرى الزوجية لا نرى مانعا من جعل النيابة مشتركة، مع تخويل القضاء الفصل عند الاختلاف بما يحفظ المصلحة الفضلى للأطفال”.

وبشأن قضايا الحضانة على الأطفال ذكرت الحركة الإسلامية أن التوجهات المعلن عنها نصت على “اعتبار الحضانة حقا مشتركا للزوجين أثناء العلاقة الزوجية، مع إمكانية تمديد هذا الحق بعد الطلاق إذا اتفق الطرفان”. كما تم تعزيز حق الأم المطلقة في حضانة أطفالها، حتى في حالة زواجها، وضمان الحق في سكن المحضون، مع “تنظيم ضوابط جديدة لزيارة المحضون أو السفر به، بما يضمن مصلحة الطفل”؛ ثم أردفت: “إذ تؤكد الحركة أن المُعول عليه في إسناد الحضانة هو مصلحة الطفل، وهو رأي أغلب أهل العلم، فإن جعل الحضانة للأم مطلقا حتى في حالة زواجها يتعارض مع هذه المصلحة، وهو ما يقتضي جعل الأمر في حال زواجها بيد القضاء لتقدير المصلحة الفضلى للطفل. وتقترح الحركة بهذا الخصوص بقاء المحضون مع أمه حتى بعد الطلاق إلى حدود سن التمييز القانوني (12 سنة)، مع تفعيل دور التتبع والمراقبة من قبل المكلفين بالمساعدة الاجتماعية بأمر من القضاء لتلمس المصلحة الفضلى للطفل في البقاء مع أمه أو الانتقال إلى أبيه”.

وبشأن تدبير الأموال المكتسبة ذكرت مذكرة “التوحيد والإصلاح” أن التوجهات الجديدة المعلن عنها أطرت بشكل جديد تدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثْمين عمل الزوجة داخل المنزل، واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية، ومع ذكرها أنها “تؤكد على حقوق طرفي الزواج في ما اكتسباه من أموال مكتسبة خلال فترة الزواج، وهو ما أطرته المادة 49 من مدونة الأسرة الحالية بوضوح كاف، وتؤكده نصوص الشرع من كتاب وسنة، فإن حركة التوحيد والإصلاح تعبر عن رفضها هذا المقتضى وتنبه إلى خطورة هذه التوجهات المطلقة ومآلاتها غير الواضحة على بناء الأسرة واستقرارها، حيث تثير المخاوف لدى المقبلين على الزواج، والمشاكل التي تنشئها لدى المتزوجين والورثة وعموم أفراد الأسرة”، كما سجلت أن “اعتماد تثمين العمل المنزلي من شأنه أن يجعل من الأسرة بمثابة ‘شركة تعاقدية’، تسودها قيم المكايسة والمشاحة بدل قيم الفضل والعدل والرحمة والمكارمة”.

وترى الحركة أن “مفهوم العمل المنزلي يظل مفهوما فضفاضا وهلاميا وملتبسا، من حيث تعريفه وتحديد مشتملاته وكيفية إثباته وتقويمه؛ وهو ما سيفضي إلى خلق نزاعات وتوترات داخل الأسر هي في غنى عنها، كما أن المعني به ليس فقط الزوجة، بل قد يمتد للزوج والأبناء والأم والأخوات وغيرهم ممن يحتمل مشاركتهم في أعباء البيت والأسرة”؛ وبالتالي اقترحت “جعل المساهمة في الأموال المكتسبة أثناء الزواج محددة في أعمال الكد والسعاية المعرفة بوضوح لدى الفقهاء، مع اعتماد المرونة في وسائل إثباتها وذلك ضمانا لحقوق المرأة التي قد تقوم بهذه الأعمال ويتم هضم حقوقها بسبب تضييق وسائل الإثبات”.

وبخصوص “حق الزوج أو الزوجة في الاحتفاظ ببيت الزوجية، في حالة وفاة الزوج الآخر، وفق شروط يحددها القانون”، ذكرت الحركة أنه “يجدر التنبيه إلى رأي المجلس العلمي الأعلى الذي نص على ‘إيقاف السكنى’ بدل العمرى الإجبارية”، مع تنبيهها إلى “ضرورة التقيد بالشرع الحنيف في توزيع الإرث وفقا للحقوق المكفولة من لدن الحكيم العليم سبحانه وتعالى”، وتؤكد على أن “تقدير إيقاف السكنى أو تأجيل اقتسام السكن الرئيسي لابد أن يكون في إطار السلطة التقديرية للقضاء، مع تأطير هذه السلطة التقديرية بمقتضيات قانونية تحفظ الإبقاء على الطابع الاستثنائي لها، وتراعي قيمة السكن ووضعية باقي الورثة الاجتماعية، لاسيما في حالة وجود الأم أو البنات من زوجة أخرى أو الأخوات”.

وحول مقترح “إمكانية عقد الزواج بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك” ذكرت التوحيد والإصلاح أن “هذا المقتضى يحتاج إلى تقييد كبير، إذ لا يتصور عقد زواج دون وجود شاهدين اثنين إلا في حالات تكاد تكون منعدمة، وهو ما يتطلب إعمال قاعدة سد الذرائع حتى لا يتم استغلال هذا الاستثناء لجعله قاعدة تخرج بالزواج من إطاره الشرعي إلى نموذج ‘الزواج المدني’ المعمول به في الأنظمة العلمانية”.

أما بشأن المصطلحات الواردة في المدوّنة فقالت الحركة إنها “تؤكد تشبثها بالمصطلحات الشرعية لكونها ليست مجرد تعبيرات بشرية وتاريخية، بل هي في الغالب مصطلحات شرعية أنزلها الله تعالى في كتابه المجيد، وهي ذات حمولة شرعية ومضامين قيمية وأخلاقية ومعرفية تتجاوز بعض الفهومات السطحية والقراءات البسيطة والمختزلة”، ثم أردفت: “بخصوص استحقاق طالبة التطليق للشقاق للمتعة فإننا لا نراه صوابا، إذ سيشجع كثيرا من النساء الراغبات في الفرقة ولو دون سبب على اللجوء إلى طلب التطليق للشقاق، فيلحقن بالزوج ضررا أولاّ هو الفرقة التي لم يطلبها ويتسبّب فيها، وضررا آخر جرّاء استحقاق المتعة. ولقد أعادت محكمة النقض الأمر إلى نصابه حين رفضت تمتيع طالبة التطليق للشقاق، وسار العمل القضائي بعد ذلك على أن طالبة الطّلاق للشقاق لا تستحق المتعة، ما لم يتأكد للمحكمة أنها دُفعت إليه دفعا.”

يذكر أن حركة التوحيد والإصلاح أشادت بمقترحات من بينها “إحداث مؤسسة للصلح والوساطة”، و”إقرار ضمانات جديدة للزواج دون سن الأهلية تدقيقا مهما ومفيدا، لاسيما الإبقاء على الاستثناء دون سن 18 سنة بالنظر للمعطيات الاجتماعية والثقافية وارتفاع مؤشرات الهدر المدرسي وغيرها (…) غير أن هذا المقتضى القانوني يحتاج للمواكبة من خلال سياسات عمومية خاصة في مجال ضمان التمدرس والحماية الاجتماعية”، وسجلت كون “فتح المجال أمام سماع دعوى الزوجية إجراء حكيما لمعالجة الحالات الاستثنائية التي تعذر فيها توثيق الزواج في وقته”، مع ذكرها أن “حذف مسطرة اللجوء للقضاء في حالة الطلاق الاتفاقي والاكتفاء بتوثيقه أمام العدول هو إجراء حسن لكنه يحتاج إلى تقييد يُجوّد نتائجه من خلال ربطه بسلوك مسطرة الصلح والوساطة رغبة في استنفاد كافة السبل للحفاظ على تماسك الأسرة وعدم التشجيع على الفرقة والإسهام في حماية حقوق كافة الأطراف”.

كما حيّت الحركة مقتضى التّنصيص على “تقليص مدة البت في قضايا الطلاق والتطليق إلى ستة أشهر كحد أقصى”، لأنه “يتماشى مع مقتضيات الدستور في الفصل 120″، ثم قالت إن “وجوب الشروع في حساب أجل البت” ينبغي أن يتم “بعد الانتهاء من مرحلة الصلح والوساطة”.

أما بخصوص التّعصيب، وتوارث مختلفي الدِّين، فقالت المذكرة إن “مقترح المجلس العلمي الأعلى بخصوص موضوع إلغاء التعصيب في حالة ترك البنات دون الأبناء، والقاضي بإمكانية أن يهب المرء قيد حياته ما يشاء من أمواله للبنات، وكذا مقترح فتح إمكانية الوصية والهبة أمام الزوجين في حال اختلاف الدين، مع قيام الحيازة الحُكمية مقام الحيازة الفِعلية وفق مقتضيات مدونة الحقوق العينية، يقدمان حلولا شرعية بديلة تجنب الأسر المسلمة المساس بأحكام الإرث المؤطرة بنصوص قطعية، ويفتحان الباب أمام العديد من الأسر التي ترى مصلحة في الأخذ بها”.

تجدر الإشارة إلى أن هذه المذكرة أصدرتها حركة التوحيد والإصلاح بعدما قالت إنه يوجد “قصور واضح في التواصل الحكومي، وغياب التفصيل في عدة قضايا تم إيرادها مجملة وبقيت ملتبسة، رغم الدعوة الملكية للحكومة من أجل التواصل مع الرأي العام، وإحاطته علما بمستجدات هذه المراجعة”، مردفة بأن “إعلان نتائج الإحصاء العام للسكن والسكنى لسنة 2024 كشفت نتائجه عن معطيات خطيرة ومقلقة للوضعية الديمغرافية ببلادنا، خاصة ما يتعلق بانخفاض معدل الخصوبة من2.2 طفل لكل امرأة سنة 2014 إلى 1.97 طفل في 2024، ما جعل بلادنا في وضعية أقل من عتبة تجديد الأجيال المحددة في (2,1 طفل لكل امرأة)؛ كما سجلت انكماش قاعدة الهرم السكاني (…) ما يؤدي إلى تزايد ظاهرة الشيخوخة السكانية، وهي نتائج ومعطيات تدعو إلى التفكير الجاد في مستقبل المغرب ودور الأسرة في تحقيق التوازن الديمغرافي (…) جعل مراجعة مدونة الأسرة تقوم على رهانات ديمغرافية واضحة، وفي إطار سياسات عمومية متكاملة، تنطلق من التشجيع على الزواج وتيسير تأسيس الأسر وحمايتها، وضمان استقرارها، ومعالجة أسباب تفككها وانحلالها”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر

الأكثر تداولا اسرائيل حماس مصر حرب غزة

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا