آخر الأخبار

تساؤلات تطال مدونة الأسرة بشأن رهانات التعديل وإشكاليات المقاربة

شارك الخبر

في ندوة أطرتها 10 تساؤلات رئيسة، من تنظيم “منتدى المتوسط للتبادل والحوار”، مساء أمس الثلاثاء بالمكتبة الوطنية في الرباط، لم يخفت زخم النقاش والتفاعل حول مدونة الأسرة الجاري حاليا إعداد مشروع قانون حكومي بشأنها، مسلطة ضوء التعاطي من زاوية “رهانات التعديل وإشكاليات المقاربة”.

وسجلت الأرضية ذاتها، التي تليت في افتتاح اللقاء من لدن رئيس المنتدى رضى بنخلدون، أن “مشروع مراجعة مدونة الأسرة المغربية لحظة مفصلية في مسار تطور المجتمع المغربي، حيث يتطلب التعديل المرتقب موازنة دقيقة بين الحفاظ على ثوابت الهوية الوطنية من جهة، والاستجابة للتحديات المستجدة ومتطلبات التطوير من جهة أخرى”، مبرزة أن “مقاربة هذا الورش المهم تستدعي استحضار السياق الدستوري والاجتماعي الذي يكرس تعددية الهوية المغربية وارتباطها بالمرجعية الإسلامية، مع الالتزام بقيم الانفتاح والعدالة والمساواة”.

مصدر الصورة

استراتيجية للأسرة

خالد الصمدي، الأستاذ الباحث في شؤون التربية والبحث العلمي، أشار، ضمن مداخلة بعنوان “التكامل بين القيم والقانون في مسار مراجعة مدونة الأسرة”، إلى “سياق خاص طبع هذا الأخير” واصفا بأن “دهشة الإنصات وردود الأفعال” بعد عرض المقترحات التعديلية بعد بلاغ الديوان الملكي، أظهرت “الحساسية الكبيرة لموضوع مراجعة مدونة الأسرة التي تحتاج كثيرا من التعقل والتأمل والاستبصار”.

ودعا الصمدي، ضمن أبرز خلاصات حديثه، إلى “التفكير في سؤال العمل على الاستراتيجية الوطنية لإنقاذ الأسرة أو إصلاح واقعها”، حسب توصيفه. وقال: “لسْنا أمام تعديلات قانونية بسيطة في مدونة الأسرة، بل تحولات كبرى ستعيشها الأسرة خلال الـ10 سنوات أو العشرين سنة الأخيرة وتحكم تكوينها ومعيشها”، مؤكدا أن “ما اعتمل واستجد بين 2004 و2024 هو ما ينبغي أن نبني عليه الإصلاح الراهن”.

كما اعتبر كاتب الدولة السابق في التعليم العالي والبحث العلمي أن “ورش المراجعة الحالية جاءت بعد رفع المملكة رسميا لتحفظات في إطار اتفاقية سيداو المصادق عليها (المواد 2 و9 و15 مما يتطلب الملاءمة القانونية”، مشددا على مواكبة الورش الحالي بـ”استعجالية إخراج ‘المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة’ الذي كان من أبرز ما حملته محطة التعديل الدستوري لسنة 2011”.

“لحظة الإعلان عن التعديلات كانت درسا في السياسة الشرعية وارتباط العلماء بمؤسسة إمارة المؤمنين”، قال الصمدي مبرزا التفرد المغربي بهذا النوع من الروابط المبنية على البيعة وتفعيل المؤسسات الدينية؛ وهي “إشارة غاية في الأهمية لتحديد إطار المراجعة الذي يحكم المدونة”.

وختم منبها إلى دور “المحطة المقبلة التي تعد حاسمة في مسار الإصلاح أبرزها المحطة التشريعية”، مثيرا “توجسات من مفاهيم بقيمة ثقيلة”. وقال: “معركة المفاهيم أقوى من معركة الأحكام لأن تغيير المفاهيم يغير كل شيء”، منوها بـ”إحداث لجنة مختصة لدى المجلس العلمي الأعلى ستواكب الصياغة التشريعية”.

مصدر الصورة

إصلاح متميز

سجلت شرفات أفيلال، رئيسة منتدى المناصفة والمساواة وعضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن “النقاش الذي واكب تقديم مقترحات التعديل جدي وعادي جدا”؛ وهو ما جعلنا تجاوزنا التقاطبات التي كانت في 2004 وارتقينا بمسلسل الإصلاح إلى مستوى حضاري”، حسبها.

وأضافت أفيلال، خلال مشاركتها في الندوة: “هو نقاش صحي بحدة في مدونة الأسرة؛ لأنها نص يحظى بخصوصية تمثيل المجتمع المغربي بكافة روافده الفكرية”، مشددة على “محورية ومركزية كبيرتيْن يكتسيهما؛ فهو ليس قانونا بل هو مدونة، له تداعيات وتأثيرات على قوانين أخرى وصنع سياسات عمومية تعني الرجل كما المرأة والطفولة”.

“الإصلاح يجب أن يكون في مستوى اللحظة التي نعيشها مع تكريس المساواة وحظر التمييز المنصوص عليهما في الدستور المغربي”، لفتت المتدخلة معتبرة أن “المسار التشريعي للمدونة سيكون متميزا.. وننوه ونثمن منهجية اللجنة المكلفة التي اشتغلت بانفتاح محمود وإيجابي جدا على كل حساسيات المجتمع وأطيافه”، داعية إلى التركيز على “اختلالات التطبيق التي أبرزتها بياضات مدونة 2004”.

ونادت أفيلال بإعمال “الاجتهاد وفق مبادئ ثوابت الأمة المغربية؛ ومنها الإسلام المنفتح الذي يقبل التأويل وقراءات منفتحة تراعي تطور المجتمع”، ضاربة المثال بـ”مسألة إثبات النسب بالخبرة الجينية التي يتفاعل معها بعض الفقهاء بتفهم لتطورات العصر واجتهادات مناسبة”؛ غير أنها قالت إن “الرأي الشرعي حول الخبرة الجينية شكل أكبر إحباط لدى الجمعيات المناصرة للنساء، بعد إعلان عدم القبول بها”.

واسترسلت بأن “الطفل المزداد يبقى الحلقة الأضعف دائما؛ ولكن يجب أن يأخذ حقه في النسب..”، داعية إلى اعتماد “كلية الحقوق غير القابلة للتجزيء”، وفق تعبيرها، خاتمة أن “المساواة في الحقوق داخل الأسرة عامل يمتن أواصرها وليست ضدا على النص الشرعي.. كما أن إقرارها يحد من عوامل التفكك والطلاق”.

مصدر الصورة

“تدقيق الصياغة”

بثينة قروري، رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، لفتت، خلال مداخلة لها، إلى أهمية “إشراك الجمعيات النسائية ومختلف مكونات الحركة الحقوقية بمختلف أطيافها في مسار تشاوري دقيق بالموازاة مع بدء صياغة مشروع القانون من طرف الحكومة”، ملحة على “ضرورة التدقيق في الصياغة قبل الوصول إلى المصادقة التشريعية لدرء أي تقاطبات أو تجاذبات”.

وفي هذا الصدد، قالت قروري: “ينبغي على الحكومة أن تفتح مسلسل التشاور حول التعديلات وباب تلقيها مذكرات وإشراك فاعلين حقوقيين ومدنيين وسياسيين”.

ونوهت رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية بـ”مسار المراجعة الراهن الذي جاء بمبادرة ملكية ومحطات عرفت إشراكا مؤسساتيا، مع تحديد الأطر التوجيهية والمقتضيات المسطرية”، مضيفة أننا “بصدد أفكار وتوجهات عامة ولسنا بصياغة دقيقة وفق قواعد واضحة ودقيقة قانونيا؛ ولكن النقاش المجتمعي الذي رافق مقترحات التعديل صحي، وإنْ كان فيه بعض التجاوزات”، وفقها.

واعتبرت قروري أن “المجتمع برهن أنه مهتم جدا بقضاياه الحيوية؛ ومنها قضية المرأة والأسرة”، راصدة أن “مرحلة التشاور العمومي فيها إشارات لأدوار أساسية إلى مؤسسة إمارة المؤمنين وعلاقتها بمهام العلماء”.

ولفتت المتحدثة إلى أن “القواعد القانونية تبقى اجتماعية من حيث خصائصها وتؤثر في السلوك الفردي للرجل والمرأة”؛ وهو ما يدل على الارتباط الكبير بين التشريع والواقع، وأن الأسرة وحدة تساهم في التنمية الاقتصادية وخزان حضاري بأدوار كبيرة”، قبل أن تنتقد “عدم وجود دراسات اجتماعية حقيقية لكشف طبيعة التحولات وفهمها”.

كما أبرزت ضرورة التدقيق في مسألة “تثمين وكيفية تقييم العمل المنزلي، الذي نشأ في سياق غربي”، بحكم أن “قضية الأموال المكتسبة وفق المادة 49 من المدونة أثبتت إشكالات وفق دراسة ميدانية أنجزها منتدى الزهراء”، متسائلة: “على أي أساس سيتم احتسابه، الحد الأدنى للأجور أم ساعات عمل المرأة في بيت الزوجية…؟”. وزادت: “هناك مشكل تقني في التنزيل ما يحتم الانتباه للصياغة قصد تشجيع الناس الزواج، لأن في حال ساءت الصياغة فإن ذلك سيغير من طبيعة عقود الزواج، التي تعد عقود مكارمة وليست عقدا عوضيا”.

“حفظ المقاصد الشرعية”

ولم تخلُ الندوة من إسهام فقهي وديني، مثله صوت الشيخ عادل رفوش، المشرف العام لمؤسسة ابن تاشفين للدراسات والأبحاث والإبداع، الذي أشاد بـ”إشراك مشيخة العلماء المغاربة في الحراك المجتمعي الكبير عبر المجلس العلمي الأعلى وما أحاله الملك عليه من مسائل وقضايا، بمقصد وغرض حفظ الدين”، باعتباره من أجل المقاصد الكبرى للشرع.

وفي مداخلة بعنوان “مسؤولية العلماء في حماية الأسرة”، قال رفوش إن الأمر يتعلق أساسا بـ”وجود معركة ألفاظ ومصطلحات قبل الحديث التفصيلي في مقترحات التعديل”، لافتا إلى أن “ضرورة التفصيل والتدقيق فيها وإرجاعه إلى ذوي الاختصاص الشرعي”.

وأبرز المتدخل أن “الأسرة عاكسة لمصير الأمة برمتها؛ ما يتطلب الاحتياط الشديد دون غلق لباب الاجتهاد والنظر المصلحي الذي ينبغي الإرشاد إليه، وفق حسبة العلماء وتقدير المصلحة”، منوها بما عرفه مسار المراجعة من “إحالة بعض المسائل الشرعية إلى أولي الأمر من العلماء لضبط الفكر حينما ينتمي إلى الدين…”، وفق تعبيره.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر

الأكثر تداولا اسرائيل دونالد ترامب حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا