آخر الأخبار

سيدي مولود: عدو المغرب ليس الصحراويين بل التدبير المحلي في الصحراء

شارك الخبر
مصدر الصورة

أعرب الناشط الصحراوي المنشق عن جبهة البوليساريو، مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، عن اعتزازه بثناء الملك محمد السادس على الصحراويين في خطابه الأخير أمام البرلمان، مشيدا بما أسماها “رسالة الأمل” التي أطلقها الملك، والتي أكدت الانتقال من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير فيما يتعلق بقضية الوحدة الترابية للمغرب.

ورغم التفاؤل الملكي، انتقد ولد سيدي مولود التأخر المستمر لبعض القوى السياسية في مجاراة الطموحات الملكية، مشيرًا إلى قرار الأغلبية الحكومية بترشيح “سيدي محمد”، نجل الحاج حمدي الرشيد، ليخلف ابن عمه في رئاسة مجلس المستشارين، معتبرا هذا التعيين جزءًا من استمرار المحسوبية والقرابة السياسية التي تتحكم في المناصب الرئيسية بالأقاليم الصحراوية.

كما أبدى الناشط استغرابه من تزامن هذا القرار مع حكم المحكمة الأوروبية الذي شكك في استشارة سكان الصحراء، معتبرًا أن هذه الممارسات تهدد التماسك المجتمعي وتشكك في تمثيلية سكان الأقاليم الصحراوية، مشددا على أن هذا النهج السياسي يتعارض مع توجهات الدولة المغربية في السعي نحو حل سياسي للنزاع عبر الحكم الذاتي.

وفي ما يلي نص المقال كاملا:

عدو المغرب ليس الصحراويين بل التدبير المحلي في الصحراء
بقلم: مصطفى سلمى ولد سيدي مولود*

“من الطبيعي والأخلاقي أن يعتز كل صحراوي بثناء ملك البلاد عليهم في خطابه البارحة أمام النواب، وأكثر من ذلك رسالة الأمل بغدٍ أفضل التي افتتح بها الجالس على العرش خطابه:

“لقد قلت، منذ اعتلائي العرش، أننا سنمر في قضية وحدتنا الترابية من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير داخليًا وخارجيًا.”

لكن بعض القوى ما زالت كعادتها متأخرة جدًا عن ركب الطموحات الملكية، مما يجعل جهود المغرب في التقدم لإنهاء النزاع غير متناسبة مع النتائج على الأرض. فقد بدت هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية بالأمس وكأنها في سباق مع الرؤية الملكية في المرور من مرحلة التدبير إلى مرحلة “التغيير” بقرارها ترشيح “سيدي محمد”، نجل الحاج “حمدي الرشيد” عن حزب الاستقلال، ليخلف ابن عمه وصهره “النعمة ميارة” في رئاسة مجلس المستشارين خلال النصف الثاني من الولاية التشريعية للمجلس.

ومن عجائب القدر أيضًا أن يتصادف صدور قرار المحكمة الأوروبية الذي شكك في استشارة ناس الصحراء مع إعلان حزب الاستقلال، الذي يدير الأقاليم الجنوبية منذ عقدين على الأقل، عن لائحة لجنته التنفيذية. وقد ضمت خمسة أسماء عن الأقاليم الصحراوية: الحاج “حمدي الرشيد”، وابنه، وابن عمه – وصهره، إضافة إلى السيدة “آمنة حمداتي أشبيهنا”. وجاء رئيس مجلس الشبيبة الاستقلالية خامسهم لتأثيث المشهد، وكلهم من جهة العيون. بينما أُقصي “الخطاط ينجا”، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، من اللجنة التنفيذية، وغاب أي تمثيل لجهة كلميم وادي نون.

وغادرتُ الأقاليم الصحراوية في مثل هذه الأيام من عام 1979 إلى مخيمات تندوف، بعد اختطافي من طرف البوليساريو، وتركت حينها السيد “خليهن ولد الرشيد” وزيرًا للشؤون الصحراوية، وبرلمانيًا ورئيسًا لبلدية العيون كبرى حواضر الصحراء. كما تركت السيد “حمداتي شبيهنا” مستشارًا في الرباط عن الصحراء. ولما زرت الإقليم بعد ذلك بـ31 سنة، في 2010، وجدت السيد “خليهن” رئيسًا للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ونائبه “ماء العينين” ابن أخ “حمداتي”. ووجدت الحاج “حمدي ولد الرشيد” قد ورث أخاه في رئاسة بلدية العيون ومقعدها البرلماني، وابنه “سيدي محمد” نائبًا أول عنه، وابن أخيه “حمدي براهيم الرشيد” رئيسًا لجهة العيون. وبقية أبناء الأخوات والإخوة والأصهار موزعون بين رئاسة الغرف والبرلمان بغرفتيه.

وأمس طالعتنا وسائل الإعلام أن هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية في المغرب قررت بعد التداول والتشاور ترشيح نجل “حمدي الرشيد” عن حزب الاستقلال ليخلف ابن عمه وصهره في رئاسة مجلس المستشارين خلال النصف الثاني من الولاية التشريعية للمجلس.

وقرأت في الكتب أن الأحزاب السياسية هي مؤسسات عامة وآلية للوساطة بين الدولة والساكنة، تشتغل على تأطير المواطنين بما يخدم المصلحة العليا للبلاد، ويذكي الروح الوطنية، باعتماد قيم المواطنة المسؤولة وإحلال ثقافة الكفاءة والاستحقاق بدل القرابة والزبونية. لولا أن أب الأحزاب المغربية “الاستقلال”، الذي كنا نتوسم أن نتعلم منه مُثل السياسة وأخلاقياتها، كان له رأي آخر عنوانه “باك صاحبي”.

نذكر قيادة حزب الاستقلال أن استمرار اشتغالهم في الأقاليم الصحراوية على النحو الذي نشاهده، إن كانوا يرونه يخدم تماسك حزبهم، فهو ضار باللحمة المجتمعية في الصحراء، وسبب مباشر للتشكيك في تمثيلية السكان. وفوق ذلك يتعارض بالمطلق مع توجهات الملك والدولة المغربية في السعي نحو حل سياسي لنزاع الصحراء مؤسس على تدبير السكان لشؤونهم بأنفسهم في إطار الحكم الذاتي.

بالمناسبة، هذا المشهد السريالي مستمر منذ قرابة نصف قرن (منذ 1977)، ويتمدد…”.

* قائد شرطة سابق لجبهة البوليساريو ومنشق سياسي

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا