آخر الأخبار

تعديل المدونة.. تقرير يرصد مواطن الاختلاف بين التيارات الحداثية والمحافظة

شارك الخبر
مصدر الصورة

في سياق النقاش الدائر حول تعديل مدونة الأسرة في المغرب رغم  رفع الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة مقترحات تعديل المدونة، إلى نظر الملك محمد الساد، يستمر الجدل بين مختلف التيارات الفكرية والعلماء حول المسائل المتعلقة بتعزيز حقوق المرأة ومكانة الأسرة. إلا أن الاختلافات المرجعية بين التيارات المحافظة والحداثية، تؤدي إلى تعقيدات في تحديد الخطوات العملية لتعديل المدونة.

في هذا السياق، تناول تقرير نشره المعهد الغربي لتحليل السياسات، مختلف أوجه التوافق والخلاف بين التيارات النسائية والعلماء بشأن تعديل المدونة. التقرير ألقى الضوء على التحديات المطروحة في عملية إصلاح مدونة الأسرة، مشيرًا إلى أن الهدف المشترك بين جميع الفاعلين، هو تعزيز حقوق المرأة ومكانة الأسرة.

أحد المحاور الأساسية التي تناولها التقرير هو الخلاف العميق، بين التيارات النسائية العلمانية والتيارات النسائية الإسلامية فيما يخص الحقوق الممنوحة للمرأة. في حين تعتمد “النسائيات العلمانيات”، على المواثيق الدولية والاتفاقيات الحقوقية كمصدر رئيسي لمرجعيتهن، تستند “النسائيات الإسلاميات” إلى الشريعة الإسلامية والتقاليد الدينية. ويؤدي هذا التباين في المرجعية، إلى اختلاف في الرؤية حول مفهوم المساواة وحقوق المرأة داخل الأسرة.

وفيما تطالب التيارات النسائية العلمانية، بمقاربة قانونية تقوم على المساواة الكاملة بين الجنسين وتطبيق المواثيق الدولية، ترى التيارات النسائية الإسلامية، أن هناك مقاربة اجتماعية ترتكز على تحقيق التوازن بين حقوق المرأة وحقوق الأسرة كوحدة متماسكة، مبرزة أن هذا ينعكس في الممارسات العملية، حيث تقوم التنظيمات النسائية العلمانية بإنشاء مراكز استماع ودعم للنساء، بينما تركز التنظيمات الإسلامية على إنشاء مراكز للإرشاد الأسري.

وأشار التقرير إلى عدة مسائل خلافية تُطرح على طاولة النقاش حول تعديل مدونة الأسرة. أولها مسألة إثبات النسب للأطفال المولودين خارج إطار الزواج، حيث تتمسك التيارات الدينية بموقفها التقليدي الذي يعتمد على الحديث النبوي “الولد للفراش وللعاهر الحجر”، والذي ينص على أن النسب الشرعي للأطفال يثبت فقط من خلال الزواج.

في المقابل، تطالب التيارات النسائية العلمانية بإدراج البصمة الوراثية (ADN) كوسيلة لإثبات النسب في حالة الولادات خارج إطار الزواج، لتجنب الضرر النفسي والاجتماعي على الأطفال.

ولفت التقرير إلى أنه على الرغم من بعض المحاولات القضائية لتطبيق هذه الفكرة، إلا أن محكمة النقض في المغرب رفضت إثبات النسب للأطفال المولودين خارج إطار الزواج استنادًا إلى الحفاظ على أسس الشريعة الإسلامية، والتي تعتبر أن الأسرة القائمة على الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع.

فيما يخص زواج القاصرات، أشار التقرير، إلى أن هناك دعوات متزايدة من التيارات النسائية العلمانية لتجريم هذا النوع من الزواج بشكل مطلق. ورغم أن القانون المغربي الحالي يسمح بزواج القاصرات في بعض الحالات الاستثنائية وفقًا لمواد معينة في مدونة الأسرة، إلا أن هذه الممارسة تعرضت لانتقادات شديدة بسبب الأضرار النفسية والاجتماعية التي تُلحق بالفتيات، مشيرة إلى أن المواثيق الدولية تعتبر أن مكان الفتيات القاصرات هو المدرسة، وليس الزواج.

في المقابل، ترى التيارات الدينية أن القانون المغربي يسعى إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على حقوق القاصر وإعطاء السلطة للقضاء لتقدير الحالات الاستثنائية بناءً على ظروف معينة، مثل الحالة الصحية والاجتماعية للقاصر. ومع ذلك، يسجل التقرير أن ” هناك دعوات لتضييق هذه الاستثناءات أو إلغائها تمامًا، في ظل تزايد حالات زواج القاصرات في السنوات الأخيرة”.

تعدد الزوجات هو أيضًا موضوع جدلي في النقاش حول مدونة الأسرة، حسب ما أشار إلى ذلك التقرير، الذي لفت إلى أن النسائيات العلمانيات يرون في تعدد الزوجات انتهاكًا لمبدأ المساواة بين الجنسين، ويطالبن بإلغائه بشكل كامل. في المقابل، تعتبر  التيارات الإسلامية أن تعدد الزوجات، رغم قلة ممارسته في المغرب، لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، طالما تحقق شرط العدل بين الزوجات.

ويؤكد التقرير، أن التشريع المغربي، ينظم تعدد الزوجات بشكل صارم، حيث يشترط على الزوج الحصول على إذن من المحكمة وتقديم مبررات مقنعة لهذا الزواج. رغم ذلك، فإن هناك دعوات من بعض الفاعلين الحقوقيين إلى حظر هذه الممارسة نهائيًا في ضوء التغيرات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع المغربي.

كما يثير موضوع حضانة الأبناء بعد الطلاق نقاشًا حادًا بين التيارات النسائية. ويشير التقرير إلى أن “النسائيات العلمانيات والإسلاميات” يتفقن على ضرورة عدم تقييد حق الأم في حضانة أطفالها، إلا أن الخلاف يظهر في تفاصيل التعديل. فبينما تدعو النسائيات العلمانيات إلى منح الأم الحاضنة حقوقًا أكبر فيما يخص الولاية القانونية على الأبناء، ترى النسائيات الإسلاميات، أن ذلك يجب أن يخضع لشروط محددة، مثل إثبات تعسف الأب في أداء واجباته.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا