آخر الأخبار

نداء “الخطوة الحرة” يدعو لتفرغ المثقفين المغاربة وتحصينهم من تسكع الحانات

شارك الخبر
مصدر الصورة

قال الكاتبان المغربيان، سعيد ناشيد ووفاء مليح إن معظم الدول المتقدمة اختارت التشجيع على إنشاء مراكز لإنتاج الأفكار، وعيا منها بأن قوة الدفع التنموي تقاس بجودة الأفكار التي يتم إنتاجها كل يوم في كل مجالات الحياة، وأن تدبير الذكاءات يمثل أحد أكثر مجالات التدبير أهمية.

وأكدا على أن المقاربات المالية التقليدية التي كانت تضع دور المثقف على الهامش، لكي يحتضنه إما اليسار الجذري أو حانات التسكع، قد أصبحت عاجزة عن تلبية حاجيات عصر أصبح فيه كل مواطن يمتلك مكبر صوت ليقول أي شيء.

وفي السياق ذاته، دعا سعيد ناشيد، ووفاء مليح، مؤسسات الدولة المعنية بالشأن الثقافي لمنح كل قطاع من قطاعات الوظيفة العمومية نسبة محددة لغاية التفرغ للعمل الثقافي، أسوة بالتفرغ النقابي والسياسي والجمعوي، وذلك وفق معايير ولوائح يتم تحديدها ومن ثم تحيينها كل عام، بناء على الإنتاجية والمردودية كذلك.

وشدد الكاتبان في نداء أطلقا عليه “نداء الخطوة الحرة -دفاعا عن الإنسان” على ضرورة رعاية الحقل الثقافي في أبعاده الفكرية والأدبية والعلمية بكل الجدية المطلوبة، وفق رؤية استراتيجية واسعة المدى وطويلة الأمد، وذلك بمعزل عن الحسابات السياسوية الضيقة التي ترعى “مشاهير نسب المشاهدة العابرة”.

وطالب النداء بالعمل على الإصلاح التربوي على أساس إدماج الرقمنة والذكاء الاصطناعي وفق مناهج تركز على تنمية الذكاء التركيبي، الذكاء العاطفي، وملكة الخيال، والعمل على الإصلاح اللغوي على أساس تبسيط واختزال قواعد اللغة العربية، وبما يتماشى مع حاجيات الانتقال الرقمي.

ودعت الوثيقة إلى فتح وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية على النقاش الثقافي والفكري بإخراج فني وتواصلي يشدّ الجمهور ويوجه النقاش العمومي، تماما مثلما تفعل بعض الفضائيات الرائدة باحترافية، وذلك بعيدا كل البعد عن أكذوبة “هذا ما يحبه الجمهور”، وفق تعبير المصدر.

وذكر النداء يضرورة إعادة النظر في فلسفة وسياسة الجوائز الفكرية والأدبية، ومراجعة معايير وطرائق تقييم عمل مراكز الدراسات، بنحو يحفزها على إنتاج الأفكار الجديدة، واقتراح المبادرات غير التقليدية، مع إشراف أكاديميين عريقين ومتعددي التكوين على مساطر التقييم والمحاسبة، على اعتبار أن الإنتاج اللامادي له معاييره الخاصة.

ونادى ناشيد ومليح بإعطاء الاعتبار لكل أشكال الإبداع الفكري والأدبي والعلمي والمعرفي والفني، انسجاما مع التحولات العالمية الجارية، وتقديرا للرؤية الملكية المعبر عنها منذ عام 2014 والتي تنص على أهمية” احتساب الرأسمال غير المادي كمكون أساسي”.

وقال النداء إن الحضارة الإنسانية تعيش اليوم منعطفا تاريخيا فارقا، يضعها أمام مفترق طرق مفصلي، وأمام أسئلة شائكة حول تداعيات كل من الرقمنة الشاملة والذكاء الاصطناعي، على هوية الإنسان، تماسك المجتمعات، ومصائر النوع البشري.

وأضاف المصدر ذاته: “وإذ تحمل التكنولوجية فائقة التطور كثيرا من الآمال للتنمية والسلام، فإنها تحمل في المقابل مخاطر التدهور الحضاري وتفشي بعض أشكال الهمجية والتوحش”.

وقال أيضا إن التكنولوجية التي تجعل الإنسان اليوم يختصر كثيرًا من الجهد المعرفي والتواصلي والحركي، قد تجعله في المقابل يستغني عن مهارات هي مكسب آلاف السنين من التطور، وقد ينجم عن ذلك كله ضمور بعض جوانب فاعلية الإنسان. يقال، العضو الذي لا يعمل يموت، أفلا يُخشى أن تضمر الأبعاد الإنسانية في الإنسان حين تتوقف عن الاشتغال؟، يتساءل المصدر ذاته.

وأوضحت الوثيقة أن المطلوب هو أن تعمل أبعاد الإنسان كافة وباستمرار، وذلك لئلا تضعف أمام فاعلية التكنولوجيا المتطورة، على أنّ ميدان العمل الأساسي لأجل الحفاظ على ما هو إنساني في الإنسان هو الحقل الثقافي بالذات، باعتباره قوة ناعمة للتنمية والأمن والسلام، مشيرة إلى أنه في عصر الانتقال الرقمي، الذكاء الاصطناعي، وأجهزة التواصل الحديثة، سيكون الجهل المعرفي، والغباء العاطفي، والقابلية للتضليل والخداع، بمثابة عوائق كبرى أمام مشاريع الأمن والتنمية والسلام.

 

 

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا