أثار الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن مباشرة إجراءات تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان كـ"منظمات إرهابية أجنبية"، تفاعلا واسعا في الأردن، ونقاشا داخليا حول دلالات الخطوة الأميركية، وانعكاساتها على مستقبل الجماعة في المملكة.
واعتبر البيت الأبيض أن فروع التنظيم في الأردن ومصر ولبنان "تشرك نفسها أو تسهل وتدعم حملات عنف وزعزعة استقرار، تضر بمناطقها وبمواطني الولايات المتحدة وبمصالحها".
وفي الأوساط السياسية الأردنية، استقبل عدد من الكتاب والسياسيين القرار الأميركي باعتباره "خطوة منسجمة مع التحولات الداخلية والإقليمية تجاه الإخوان"، خاصة بعدما أصدرت سلطات المملكة قرارا بحظر الجماعة في أبريل من العام الجاري، ليشمل كافة أنشطتها في الأردن، مع إغلاق مقارها ومصادرة ممتلكاتها.
وجاء قرار حظر جميع أنشطة الإخوان في الأردن بعدما أثبتت تحقيقات السلطات الأمنية تورط عناصر من الجماعة المنحلة في مخططات تهدد الأمن الوطني، تشمل تصنيع متفجرات وصواريخ، واستهداف مواقع حساسة، مما يعرض حياة المواطنين للخطر ويعيق مسيرة التنمية.
كما اعتبر قطاع واسع من الرأي العام القرار بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح للتصدي لأدوار الجماعة التي أثارت جدلا خلال العقود الماضية"، معتبرين أن التجربة الأردنية، رغم خصوصيتها، أظهرت أن الجماعة "استثمرت العمل الاجتماعي والخيري لتحقيق مكاسب سياسية ودعم العنف، وهو ما دفع إلى ضرورة مراجعة شاملة لدورها".
ويرى محللون سياسيون أردنيون، في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن قرار ترامب لا ينفصل عن سياق إقليمي ودولي آخذ في التضييق على جماعة الإخوان وتقليص حضورها السياسي، مؤكدين أن "الخطوة الأميركية تشكل ضغطا مباشرا على التنظيم، سواء على مستوى نفوذه السياسي أو مصادر تمويله، بما يمهد لإعادة ضبط دوره وحدود تأثيره داخل المنطقة".
ضغوط إضافية
يقول المحلل السياسي رئيس لجنة فلسطين السابق في البرلمان الأردني فراس العجارمة، إن "قرار ترامب بالغ الأهمية كونه يراجع صراحة تصنيف جماعة الإخوان في مصر والأردن ولبنان كمنظمات إرهابية"، مشددا على أن "الخطوة الأميركية ستكون بمثابة ضغط على الدول التي لا تزال تسمح بعمل الجماعة، لدفعها نحو تقييدها وحظرها واجتثاث مصادر تمويلها".
وأضاف لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الدول الثلاث الواردة في البيان ليست في حالة انسجام مع الجماعة، فالإخوان محظورون رسميا في مصر و الأردن، وبعلاقات متوترة في لبنان، ومع انتهاء مهلة الـ45 يوما التي منحها الرئيس الأميركي لوزيري الخارجية والخزانة ستكون هناك تداعيات خطيرة على وضع الإخوان في المنطقة، مع اتجاه واضح نحو تقليص نفوذهم وربما الدفع نحو حظرهم بشكل نهائي".
وأكد العجارمة أن "المصالح العليا للدول، لا سيما علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ستفرض على الأرجح اتخاذ إجراءات عملية تتماشى مع التوجه الأميركي، ومن ثم ستكون هناك قيود أكبر على تلك الجماعة لدفعها نحو مزيد من الانكماش".
"أساليب العمل السري"
أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية بدر الماضي، فقال إن "قرار الحظر الأميركي سيكتسب بعدا أقوى وطابعا دوليا أكثر تأثيرا بالنظر إلى أن الولايات المتحدة، بمجرد تبنيها هذا التوجه، ستدفع دولا أوروبية وأخرى لم تحسم موقفها بعد إلى إعادة النظر في تعاملها مع جماعة الإخوان".
وأكد في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "مصر والأردن على وجه الخصوص سبقتا فعليا إلى حظر الجماعة، بحيث لم يعد لها وجود تنظيمي حقيقي، غير أن أهمية القرار الأميركي تكمن في إسباغ غطاء دولي يعزز هذا المسار".
واعتبر الماضي أن "خطوة من هذا النوع قد تدفع الإخوان إلى العودة لأساليب العمل السري التي اعتمدوها في بداياتهم، وهو ما سيضع أعباء إضافية على الأجهزة الأمنية في الدول المعنية، بالنظر إلى طبيعة التحديات التي تطرحها التنظيمات السرية وقدرتها على التحرك بعيدا عن الأطر القانونية".
وشدد على أن التجربة الأردنية تظهر أن "الشارع استوعب تماما قرار الحظر المحلي، وأن المعطيات السياسية والاجتماعية الحالية تشير إلى أن المملكة ستشهد ردود فعل إيجابية تجاه أي خطوة من شأنها تقييد الجماعة، نظرا لتراجع حضورها الشعبي وعدم قدرتها على لعب دور محوري في الحياة السياسية خلال السنوات الأخيرة".
المصدر:
سكاي نيوز