في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بات قطاع غزة على صفيح ساخن بعدما رفعت المقاومة من وتيرة عملياتها ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي ، في وقت تتواصل فيه مفاوضات الدوحة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وبثت كتائب القسام ، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية ( حماس )، مشاهد توثق محاولة أسر جندي إسرائيلي قبل قتله والاستحواذ على سلاحه في كمين مركب شرقي خان يونس (جنوبي قطاع غزة ).
ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية فيديو القسام بأنه مرعب وصعب وغير مناسب لذوي القلوب الضعيفة، كما أنه يكذب رواية الإعلام الإسرائيلي، إذ لم يقاتل الجندي بشراسة بل فر من أرض المعركة، في حين اختار مقاتلو حماس ترك جثته وأخذ سلاحه فقط.
ويمس هذا الفيديو "الكرامة الوطنية الإسرائيلية" في ظل الأسطورة التي بناها جيش الاحتلال بشأن جنوده، مما يكسر الثقة بينه وبين المجتمع الإسرائيلي، وفق حديث الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى لبرنامج "مسار الأحداث".
ويؤكد فيديو القسام أن ثمة حربا صعبة تدور في غزة رغم استمرار مفاوضات وقف إطلاق النار، حسب المستشار السابق للأمن القومي الأميركي مايكل فايفل.
ومن هذا المنطلق، تبرز مخاوف في إسرائيل بعد هدنة الـ60 يوما المفترضة من أن تعيد حماس ترميم قواتها وتستعيد قدراتها العسكرية، مما قد يعرقل سير مفاوضات وقف الحرب.
أما عسكريا، لم تنجح الإستراتيجية التي أتى بها رئيس الأركان الجديد إيال زامير ، إذ زادت عمليات المقاومة بوتيرة دموية أعلى وخسائر بشرية أكثر.
ويعني هذا أن جيش الاحتلال لم يأخذ إرادة القتال في عين الاعتبار، وفق الخبير العسكري إلياس حنا، بعدما استطاعت المقاومة التأقلم وإنتاج قيادات جديدة ذات خبرة.
وكذلك، يأتي تصاعد عمليات المقاومة في سياق حرب استنزاف، إذ زادت وتيرتها بعد وقف حرب إيران، في رسالة مفادها بأن غزة ستبقى عقدة وثقبا ينزف بذاكرة المجتمع الإسرائيلي، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة.
وتمثل هذه العمليات أيضا رسالة تفاوض بالنار، ومستوى عاليا من الضغط العسكري ينعكس على طاولة المفاوضات، وكذلك على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن.
وبناء على هذا الوضع، لا يوجد خيار أمام إسرائيل سوى إيقاف عدوانها والانسحاب بعد فشل المقاربة العسكرية، في حين هناك خبث وسوء نية واضح لدى نتنياهو المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب في غزة.
ويشير الحيلة إلى أحدث تصريحات نتنياهو التي حذر فيها من العودة للقتال "إذا لم يتم نزع سلاح حماس وتفكيك الحركة خلال فترة 60 يوما".
وأعرب الخبير العسكري عن قناعته بأن ما تقوم به المقاومة له أبعاد مختلفة في مرحلة ما بعد نهاية الحرب تتعلق بمصير المقاومة وسلاحها والقيادات السياسية والعسكرية.
ويؤكد حنا أن رفض المقاومة قبول خرائط جديدة للانسحاب الإسرائيلي يشير إلى أن المرحلة المقبلة سيكون فيها القتال دمويا والثمن مرتفعا.
ويعني بقاء جيش الاحتلال في محور موراغ جنوبا أنه "قادر على البدء من حيث انتهى بعد هدنة الـ60 يوما"، في حين تريد المقاومة انسحابه للعمل على مساحة أكبر وتكبيد إسرائيل أثمانا كبرى، فضلا عن إمكانية الحصول على استعلام تكتيكي تحضيرا للفترة المقبلة.
أما سياسيا، لا يريد نتنياهو التعهد بالانسحاب من قطاع غزة وليس وقف الحرب، إذ يعتقد بأن هذه ورقة ضغط قوية على حماس، وفق مصطفى، كما أن عدم الانسحاب يمكن إسرائيل من الاحتفاظ بمنطقة تبني فيها ما تسمى بـ"مدينة إنسانية"، مما يبقي فكرة التهجير قائمة.
في المقابل، لا يريد جيش الاحتلال هذه المنطقة لكونها مكلفة ماديا، كما أنه لا يستطيع تنفيذها، وتحوله عمليا إلى شرطة مدنية في غزة، وتؤكد غياب أي أفق سياسي وإستراتيجي للحكومة الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن كلفة إنشاء "المدينة الإنسانية" بغزة تقدر بـ20 مليار شيكل (6 مليارات دولار)، مما يعادل نصف ميزانية وزارة الدفاع.
وبين هذا وذاك، يحاول زامير رسم صورة نصر رقمية، مع رسالة مبطنة مفادها بأنها لا يمكن تحقيق أهداف إسرائيل بتدمير حماس ونزع سلاحها، مع ضرورة الذهاب للحل السياسي كأفضل خيار لكي يرتاح الجيش ويعيد بناء نفسه وذخيرته، حسب حنا.