آخر الأخبار

دراسة تحذر: موجات الحر تسرّع الشيخوخة وتزيد أعباء الصحة العامة

شارك

تظهر حصيلة الوفيات الناجمة عن الحرارة الشديدة أبعادًا مقلقة، حيث سُجلت حوالي 63,000 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة في جميع أنحاء أوروبا خلال صيف 2022، وفقًا للباحثين. وتحذر الدراسة الجديدة من أن التعرض المطول والمتكرر لموجات الحر قد يضيف على المدى الطويل عبئًا إضافيا على القطاع الصحي.

كشفت دراسة علمية حديثة أن التعرض المتكرر لموجات الحر يُسرّع من عملية الشيخوخة لدى الأشخاص، مع آثار صحية ضارة تضاهي تلك الناتجة عن التدخين أو الإفراط في استهلاك الكحول أو قلة ممارسة النشاط البدني.

وأشارت أبحاث سابقة إلى وجود علاقة بين موجات الحر قصيرة الأمد وارتفاع معدلات الوفيات؛ إذ سُجّلت نحو 600 حالة وفاة مبكرة خلال موجة حرّ واحدة شهدتها إنجلترا هذا العام. ومع ذلك، كشفت النتائج الجديدة، التي نُشرت في مجلة "Nature Climate Change"، عن تأثيرات طويلة الأمد لتلك الموجات على صحة الإنسان.

واستند البحث إلى تحليل بيانات صحية امتدت على مدار 15 عاماً، شملت نحو 24,922 بالغاً في تايوان، بمتوسط عمر بيولوجي بلغ 46 عاماً.

وأظهرت النتائج أن التعرض لأربعة أيام إضافية فقط من موجات الحر خلال عامين ارتبط بزيادة العمر البيولوجي بنحو تسعة أيام.

واستخدم الباحثون في دراستهم على قياسات طبية روتينية، مثل ضغط الدم وعلامات الالتهاب، والكوليسترول، وقياسات وظائف الرئة والكبد والكلى - لحساب "العمر البيولوجي" لكل مشارك، ثم قاموا بعمل نموذج لكيفية تغير هذا العمر مع التعرض لموجة الحر. لحساب "العمر البيولوجي" لكل مشارك.

وأظهرت الدراسة أن العمال اليدويين، وسكان المناطق الريفية، والأشخاص الذين يعيشون في مجتمعات تفتقر لعدد كاف من مكيفات الهواء، كانوا الأكثر عرضة للشيخوخة المرتبطة بموجات الحر. وبصورة عامة، أوضحت النتائج أن السكان المقيمين في مناطق تعرف أياما شديدة الحرارة تظهر عليهم آثار شيخوخة بيولوجية أكثر من أولئك الذين يعيشون في المناطق الأكثر برودة.

و حثت الدراسة الأفراد على اتخاذ خطوات للتكيف مع الحرارة المرتفعة ، مثل استخدام مكيفات الهواء حيثما كانت متاحة، وقضاء المزيد من الوقت في الظل لتقليل التأثيرات السلبية.

وفي هذا السياق، قال الدكتور كوي قوه، من جامعة هونغ كونغ، الذي أشرف على البحث: "إذا استمر التعرض لموجات الحرّ لعدة عقود، فإن التأثير الصحي سيكون أكبر بكثير مما تم تسليط الضوء عليه في هذه الدراسة".

وأضاف: "مع زيادة وتيرة موجات الحر واستمرارها لفترات أطول، قد تكون الآثار الصحية المستقبلية أكثر حدة وأوسع نطاقًا".

ما هي الموجة الحارة وكيف تؤثر على أجسامنا؟

وتُعرَّف الموجة الحارة بأنها فترة ممتدة من درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير اعتيادي، يتم تحديدها بناءً على العتبات المناخية المحلية بدلاً من اعتماد درجة حرارة عالمية موحدة. على سبيل المثال، في المملكة المتحدة، يعلن مكتب الأرصاد الجوية عن موجة حارة عندما تتجاوز درجات الحرارة اليومية العتبات الإقليمية لمدة ثلاثة أيام متتالية أو أكثر. وغالبًا ما تكون هذه العتبات 25 درجة مئوية في المناطق الأكثر برودة مثل ويلز وأسكتلندا، و28 درجة مئوية في المناطق الأكثر حرارة، بما في ذلك لندن وأجزاء من شرق ميدلاندز.

وعلى المدى القصير، تضع درجات الحرارة الشديدة ضغطًا فوريًا على أنظمة التبريد في الجسم. ويعمل التعرق وزيادة تدفق الدم إلى الجلد على تنظيم درجة حرارة الجسم، لكن هذه الاستجابات تزيد من الضغط على القلب والكليتين. وإذا لم تتوفر السوائل والراحة الكافية، قد يؤدي ذلك إلى الجفاف والإجهاد الحراري، وفي الحالات الشديدة قد يتسبب في ضربة شمس قاتلة.

أما على المدى الطويل، فإن التعرض المتكرر أو المطول لدرجات الحرارة المرتفعة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الحالات الصحية المزمنة، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية، والجهاز التنفسي، والكلى.

ويرى العلماء أن التلف الخلوي التراكمي، بما في ذلك تلف الحمض النووي والإجهاد التأكسدي والالتهاب المزمن، قد يفسر كيف يسرّع التعرض المتكرر للحرارة من ظاهرة الشيخوخة البيولوجية.

أهمية الدراسة

وتتزامن النتائج الجديدة مع أزمة مناخية عالمية تجعل موجات الحر أطول وأشد حرارة وأكثر تكرارًا. وتؤثر هذه الظاهرة بشكل خاص على أوروبا، القارة الأسرع ارتفاعًا في درجات الحرارة على مستوى العالم. فقد شهدت فرنسا بالفعل موجتين حارتين قياسيتين هذا الصيف ، حيث وصلت درجات الحرارة إلى أكثر من 43 درجة مئوية في بعض مناطق البلاد.

وفقًا لتقييم حديث صادر عن شبكة "World Weather Attribution"، وهي شبكة دولية تضم باحثين متخصصين، تم تسجيل متوسط 41 يومًا إضافيًا من الحرارة الخطرة على مستوى العالم في عام 2024.

وتظهر حصيلة الوفيات الناجمة عن الحرارة الشديدة أبعادًا مقلقة، حيث سُجلت حوالي 63,000 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة في جميع أنحاء أوروبا خلال صيف 2022، وفقًا للباحثين. وتحذر الدراسة الجديدة من أن التعرض المطول والمتكرر لموجات الحر قد يضيف عبئًا صحيًا تراكميًا طويل الأمد.

وحسب تقديرات منظمة العمل الدولية، يتعرض أكثر من 2.4 مليار شخص للإجهاد الحراري في أماكن العمل، مما يؤدي إلى أكثر من 22 مليون إصابة مهنية وحوالي 19,000 حالة وفاة مرتبطة بالعمل سنويًا بسبب الحرارة.

وحذرت لجنة عموم أوروبا المعنية بالمناخ والصحة في أوروبا - وهي مجموعة دعا إليها الدكتور هانز كلوج، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية - من أن الطقس الحارّ أصبح الآن "حالة طوارئ صحية عامة تتكشف في الوقت الحقيقي".

وتؤكد الدراسة الجديدة على الحاجة الملحة لسياسات تهدف إلى تقليل أوجه التفاوت البيئي وتعزيز القدرة على التكيف مع موجات الحر، خاصة بالنسبة للفئات السكانية الأكثر ضعفًا. كما تدعو إلى توفير حماية محدّدة وإلى تخطيط فعال للرعاية الصحية للتعامل مع هذه التحديات المتزايدة.

يورو نيوز المصدر: يورو نيوز
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار