آخر الأخبار

منظمات تحذر من انتشار صور الأطفال ضحايا الاعتداء الجنسي على الإنترنت

شارك

أضحى الفضاء الرقمي اليوم جزءًا أساسيا من حياة الأفراد والمجتمعات، إذ يوفر إمكانات كبيرة للتواصل والمعرفة والإبداع. غير أن هذا العالم المفتوح يخفي في طياته مخاطر متنامية، أبرزها انتهاك الحياة الخاصة للأطفال من خلال نشر صورهم أو معطياتهم الشخصية دون إذنهم. ويزداد الأمر خطورة حين يتعلق الأمر بالأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية، حيث يتحول الفضاء الرقمي إلى ساحة لإعادة إنتاج العنف ومضاعفة معاناتهم.

وفي هذا السياق عبرت نجاة أنور، رئيسة منظمة “ما تقيش ولدي”، عن قلقها البالغ إزاء تفاقم هذه الظاهرة، قائلة: “نتابع ببالغ القلق والأسى تفاقم انتشار صور الأطفال ضحايا الاعتداء الجنسي على الإنترنت، وهي صور تُخلّد لحظات مأساوية في حياة هؤلاء الصغار، وتبقى راسخة في فضاء الإنترنت بلا نهاية، ما يشكّل خطرًا دائمًا على نفسيتهم وكرامتهم”.

وأضافت أنور ضمن تصريح لهسبريس أن “تداول هذه الصور يحمل في طيّاته تهديدًا عميقًا لمستقبل هؤلاء الأطفال، إذ يمكن أن يتحوّل إلى تشهير دائم، صعب الزوال، يؤلمهم ويعيق شفاءهم”.

وقدمت الحقوقية ذاتها مجموعة من الحلول، مشددة على “ضرورة التحرك على ثلاثة محاور رئيسية”، يتعلق الأول بالتوعية والتعليم، موردة أن “نشر الوعي بأضرار تداول مثل هذه الصور ليس خيارًا، بل واجبٌ وطني وأخلاقي، يبدأ من الأسرة والمجتمع المدني ويمتد إلى المدارس والفضاءات الرقمية”، وزادت: “نُطالب المؤسسات التربوية وباقي المؤسسات المعنية بإدماج هذه المواضيع ضمن البرامج التربوية والتثقيفية، ليصبح جُلّ أولياء الأمور والمدرسين والمدافعين عن حقوق الطفل واعين بحجم الانتهاك”.

ثاني المحاور التي ذكرتها المتحدثة يرتبط بدور الإعلام والإعلاميين، قائلة: “نناشد الصحفيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي أن يعوا خطورة نشر أو حتى مشاركة مثل هذه الصور. على الإعلام التزام أخلاقي وقانوني بأن يتحوّل إلى فضاء لحماية الطفل وليس مجالًا للمزيد من المأساة والترويج لها. نأمل إطلاق حملات إعلامية توعوية تحسّس الناس بأن مشاركة أيّ صورة لطفل ضحية يُعّدّ بمثابة استمرار للاعتداء عليه نفسيًا واجتماعيًا، لذلك يجب أن يكون الإعلام جزءًا من الحل، لا المشكلة”.

وتابعت أنور: “من هذا المنطلق نحن في منظمة ‘ماتقيش ولدي’ ندعو السلطات المختصة، وبالأخص النيابة العامة، إلى فتح تحقيقات فورية وملاحقة كل من تبيّن تورطه في مثل هذه الجرائم، مهما بلغ عدد المشاركين أو حجم انتشار الصور، بما يؤدي إلى إنقاذ الأطفال وضمان محاسبة كل مقترف، مهما حاول الاختفاء وراء شاشة أو رابط”، مردفة: “نؤكد أن حماية الطفل تبدأ من رفضنا نشر معاناته، وتستمر بوعينا الجماعي، وبمسؤولية الإعلام، وبصرامة القانون. فلنجتمع سويًّا لنُعيد للطفولة كرامتها، ونمسح من الإنترنت ما يلوّث وجدان الأطفال الأبرياء”.

من جانبه قال محمد النحيلي، رئيس منظمة بدائل للطفولة والشباب: “إن تداول صور الأطفال بهذه الطريقة لا يمثل مجرد تصرف طائش، بل هو جريمة رقمية خطيرة تمس بكرامة الضحية وشرفها، وتزرع في نفسها مشاعر الخوف والعار، وتؤثر على استقرارها النفسي والاجتماعي. والأسوأ أن هذه الصور قد تبقى متداولة لسنوات طويلة، ما يضاعف الأثر السلبي ويمثل نوعًا من الاعتداء المستمر”.

وأضاف النحيلي موضحًا ضمن تصريح لهسبريس: “أدرك المشرع المغربي خطورة هذه الممارسات فأقر لها إطارًا قانونيًا صارما، إذ نص الدستور المغربي (2011) في فصله 24 على حماية الحياة الخاصة، وجعل في فصله 32 حماية الطفولة مسؤولية الدولة والأسرة والمجتمع. كما عالج القانون الجنائي المغربي في مواده (447-1 إلى 447-3) جرائم نشر الصور أو التسجيلات دون إذن، مع تشديد العقوبة إذا كان الضحية طفلًا. وأكد القانون 103.13 على تجريم العنف الرقمي باعتباره شكلا من أشكال العنف ضد النساء والأطفال. أما على المستوى الدولي فنصت اتفاقية حقوق الطفل (1989) على الحق في الخصوصية (المادة 16)، وعلى حماية الطفل من كافة أشكال العنف والاستغلال (المادة 19)”.

وأردف رئيس منظمة بدائل للطفولة والشباب: “انطلاقًا من هذا الأساس القانوني لا بد من توجيه تحذيرات قوية: إن نشر أو تداول صور الأطفال، خاصة ضحايا الاعتداءات الجنسية، يمثل إعادة للاعتداء عليهم بشكل مضاعف، ويعرض مرتكبيه لمتابعات قضائية صارمة قد تصل إلى السجن والغرامات، فضلا عن إلزامية تعويض الضحايا”.

وأكد المتحدث ذاته أنه “في مواجهة هذه المخاطر تبقى سبل الحماية مسؤولية جماعية، تتقاسمها كل الأطراف: الأسر مطالبة بتربية رقمية واعية تقوم على الموازنة بين الحرية واليقظة، مع تحذير الأبناء من مخاطر مشاركة صورهم؛ والمدرسة مدعوة لإدماج ثقافة السلامة الرقمية ضمن المناهج التعليمية”، ونبه إلى أن “الإعلام مطالب بالتعامل بحذر ومسؤولية في معالجة قضايا الطفولة، بعيدا عن الإثارة والكشف عن هوية الضحايا”، وزاد: “السلطات العمومية ملزمة بتفعيل الترسانة القانونية، وتشديد المراقبة، وضمان الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتضررين؛ والمجتمع المدني شريك أساسي عبر حملات التحسيس والتكوين، وإيجاد منصات للتبليغ والدعم الأسري”.

وختم النحيلي: “حماية الأطفال في الفضاء الرقمي، وخاصة ضحايا الاعتداءات الجنسية، ليست خيارًا ثانويا، بل واجب وطني وأخلاقي وقانوني، يستوجب تضافر جهود الدولة والمجتمع المدني والأسر، من أجل ضمان فضاء رقمي آمن يحترم حقوق الأطفال ويصون كرامتهم”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل حرب غزة حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا