بدأت الأزمة التي هزّت المؤسسة الدينية في إسبانيا يوم 13 مايو/أيار 2024، حين أقدمت راهبات دير بيلورادو على خطوة غير مسبوقة تمثلت في الانتفاض العلني على التسلسل الهرمي للكنيسة الكاثوليكية، وإعلان ولائهن لما يُعرف بالتيار السيدفكانطي، وهو اتجاه لاهوتي يرفض شرعية جميع الباباوات الذين خلفوا بيوس الثاني عشر، ويعتبر الكرسي الرسولي شاغرًا.
ردّ الكنيسة جاء سريعًا. فقد باشرت أبرشية بورغوس بفرض أقسى العقوبات الكنسية، فحرمت الراهبات من الأسرار المقدسة وجرّدتهن من الحياة الرهبانية. كما طالبت السلطات الكنسية رسمياً بإخلاء الدير، وهو ما رفضته الراهبات بشكل قاطع.
ومع تعنّت الراهبات ورفضهن الامتثال، انتقل النزاع إلى الساحة القضائية، حيث أُثيرت قضايا تتعلق بملكية دير بيلورادو وشرعية شغله.
في خضم التصعيد، قامت المجموعة المنشقة بنقل خمس راهبات مسنّات إلى دير أوردوينا (في إقليم فيزكايا)، وذلك عشية تدخل قضائي مرتقب.
في 29 يوليو/تموز، وبعد تأجيلين سابقين، أصدرت محكمة بريفييسكا الابتدائية في محافظة بورغوس حكمًا لصالح الكنيسة الكاثوليكية، يقضي بإخلاء فوري للدير من قبل الراهبات السابقات.
واعتبر القاضي أن "المدعى عليه لم يُثبت أي سند قانوني يبرر استخدام العقار خلافًا لإرادة مالكه"، مؤيدًا موقف المفوض البابوي الذي أكد أن الراهبات المسنّات، غير المشاركات في الانشقاق، يمثلن الجماعة الشرعية للدير.
في أعقاب الحكم، حاولت لجنة مشتركة تضم قاضي تنفيذ، عناصر من الحرس المدني، ممثلين عن أسقفية بورغوس، وراهبات من جماعة كلير المسكينات، الوصول إلى دير أوردوينا لنقل الراهبات المسنّات (اللواتي تجاوزن 85 عامًا) إلى مكان أكثر أمانًا. غير أن العملية فشلت بسبب تدخل المحامي إنريكي غارسيا دي فيدما، شقيق بعض الراهبات المتمردات، وسط تغطية إعلامية واسعة أثارت جدلًا كبيرًا.
فلورنتينو ألاييز، محامي الجماعة المنشقة، أعرب عن خشيته من تكرار محاولة النقل القسري بموجب قرار المحكمة، محذرًا من تداعيات التصعيد.
وقد حذّر الحكم القضائي من أن عدم الامتثال قد يؤدي إلى تنفيذ الطرد بالقوة. في المقابل، لا تزال الراهبات يرفضن بيع دير ديريو (في فيزكايا)، كما يرفضن الاعتراف بأي سلطة بابوية بعد بيوس الثاني عشر.