حفاظٌ على المرونة رغم ظرفية اقتصادية تتسم بـ”عدم اليقين”، وترسيخ للأسس والركائز خلال السنة المالية 2024، تميّز بهما النظام المالي الوطني، وفق ما كشفته أبرز خلاصات التقرير السنوي حول “الاستقرار المالي”، في نسخته الـ12.
وسجل التقرير الصادر، بداية الأسبوع الجاري، من لدن بنك المغرب وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي والهيئة المغربية لسوق الرساميل، أن “حجم القطاع المالي المغربي، المُقاس بإجمالي أصول مكوناته، استقر عند 3.441 مليار درهم سنة 2024، بزيادة قدرها 9,8 في المائة مقارنة بالسنة السابقة”، لافتا إلى أن ذلك الحجم “يمثل 216 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي الوطني”.
واستمر “القطاع البنكي” في صدارة القطاع المالي بالمغرب، ليظل “المكون الرئيسي” بحصة تناهز 61 في المائة من إجمالي الأصول، حسب ما طالعته هسبريس في بيانات التقرير.
وتابع المصدر ذاته، ضمن أبرز المضامين، بأن “حصة القطاع المالي من رسملة البورصة سجلت انخفاضا طفيفا، لتبلغ 39,86 في المائة، مقابل 40,58 في المائة سنة 2023، فيما تشكل هذه الحصة سبعة بنوك، وخمْسُ شركات تأمين، وأربع شركات تمويل”.
المتانة صفة لازمَت القطاع البنكي المغربي، محافظًا على “متانة أسسه”؛ بالنظر إلى مؤشرات النشاط، والربحية، والسيولة، وكفاية رأس المال. وكل ذلك جاء “في ظل ظرفية اقتصادية مازالت صعبة”، بتوصيف تقرير الاستقرار المالي.
المستند الرسمي ذاته أبرز في التفاصيل أن “نتائج اختبارات الضغط الكلي لأهم بنوك القطاع، التي أجريت بالاعتماد على البيانات المتوفرة حتى متم 2024، أكدت هذه الخلاصة”، وزاد أن “الاقتصاد الوطني مَرن في مواجهة ظروف مناخية غير مواتية”، و”بيئة دولية غير يقينيّة”.
وأشار التقرير، ضمن معطى دال، إلى أنه “رغم توالي الصدمات واستمرار التوترات الجيوسياسية سجل الاقتصاد العالمي نمواً أفضل من المتوقع؛ وبالموازاة مع ذلك تواصلت عملية الانكماش النقدي، وإنْ كانت بوتيرة غير منتظمة”، مردفا: “كما تميزت السنة المالية نفسها، أيضاً، باستمرار ارتفاع مستوى مديونية الفاعلين غير الماليين (الأُسر والمقاولات غير المالية)، وهو ما لم يخلُ من آثار على الاستقرار المالي العالمي”.
على الصعيد الوطني بلغ النمو الاقتصادي نسبة 3,8%، مدعوماً بانتعاش الأنشطة غير الفلاحية، بينما ظل القطاع الفلاحي يعاني من ظروف مناخية غير مواتية. وفي أفق التوقعات من المرتقب أن يبلغ معدل نمو الاقتصاد الوطني، وفقاً لآخر توقعات بنك المغرب، حوالي 4,6% سنة 2025، قبل أن يتراجع إلى 4,4% سنة 2026. من جهتها، وبعد تباطؤ بنسبة 0,9% سنة 2024، يُتوقع أن تراوح نسبة التضخم 1% سنة 2025، لتتسارع لاحقاً إلى 1,8% سنة 2026.
رغم الأداء الجيد لأنشطة “المهن العالمية للمغرب”، و”تراجع الفاتورة الطاقية”، مازال العجز التجاري للمملكة “كبيراً”، يشخص “تقرير الاستقرار المالي”؛ إلا أنه زاد مستدركا بأنه “بفضل دينامية عائدات وإيرادات الأسفار وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج ظل عجز الحساب الجاري ضمن ‘نطاق الاحتواء’، متحكَّمًا فيه في حدود 1,2% من الناتج الداخلي الخام للمغرب”.
وفي السياق ذاته سجلت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة “نمواً قوياً”، ليبلغ مجموعها 43,8 مليار درهم بنهاية السنة المالية المنصرمة.
تتواصل عملية “توطيد المالية العمومية”، ليسجل التقرير بإيجاب لافت “تراجع عجز الميزانية” (باستثناء عائدات تفويت مساهمات الدولة) إلى 3,9% من الناتج الداخلي الخام سنة 2024، مقارنة بـ 4,4% سنة 2023، وذلك بفضل تعزيز المداخيل الجبائية وغير الجبائية، إلى جانب آليات التمويل المبتكرة وتقليص نفقات المقاصة. في هذا السياق تراجع دين الخزينة إلى 67,7% من الناتج الداخلي الخام بعد أن بلغ 68,7% سنة 2023.
مستشرفًا الآفاق قال التقرير سالف الذكر إنه “يُرتقب أن يستقر عجز الميزانية سنة 2025 قبل أن ينخفض إلى 3,4% سنة 2026″، وأضاف متوقعا: “كما يُنتظر أن يواصل دين الخزينة كنسبةٍ من الناتج الداخلي الخام المنحى التنازلي نفسه، ليبلغ 67% سنة 2025، ثم 65,6% سنة 2026”.