آخر الأخبار

إشراف الداخلية على التحضير السياسي.. هل يُعيد المغرب ضبط بوصلة الإعداد الانتخابي؟ - العمق المغربي

شارك

تنزيلا للتوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش، التي أعلن فيها الملك محمد السادس عن إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في موعدها الدستوري والقانوني العادي، ترأس وزير الداخلية، عبد الوافي اجتماعين متواليين مع قادة كافة الأحزاب السياسية خصصا لموضوع تحضير الانتخابات التشريعية المتعلقة بانتخاب أعضاء مجلس النواب لسنة 2026.

وعكس العرف السياسي منذ دستور 2011، حيث دأب رئيس الحكومة في الولايتين السابقتين، على الإشراف المباشر على المشاورات السياسية المتعلقة بالقوانين الانتخابية، باعتباره الفاعل المؤسساتي الذي يقود الأغلبية الحكومية، لكن في أفق انتخابات 2026، أُسندت هذه المهمة إلى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت.

ضمان النزاهة والشفافية

اعتبر المحلل السياسي، محمد شقير، أن إشراف وزير الداخلية على المشاورات المتعلقة بالاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، تنم عن رغبة وإرادة ملكية في أن تكون العملية الانتخابية المقبلة عملية شفافة ونزيهة وأن تؤطر، وفق تعبيره، الاستحقاقات التشريعية المقبلة بمدونة انتخابية شفافة ونزيهة بما يسمح بإفراز نخبة سياسية مؤهلة لتنزيل الأوراش الكبرى.

وفي تصريح لجريدة “العمق المغربي”، قال شقير إن الأسباب أو الدوافع الرئيسية وراء اختيار وزير الداخلية للإشراف على مشاورات الانتخابات المقبلة ترتبط برغبة ملكية واضحة في أن تكون العملية الانتخابية المقبلة عملية شفافة ونزيهة، حيث تم التأكيد على ضرورة أن تحظى هذه العملية بشرعية سياسية وشفافية شاملة وهذه من بين الأسباب التي جعلت مهمة الإشراف تُسنَد إلى وزارة الداخلية”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “العملية الانتخابية القادمة تكتسي طابعاً خاصاً، لأنها ستكون أول انتخابات تفرز ما يُصطلح عليه بـ”حكومة المونديال” بالنظر إلى أن المغرب يستعد لتنظيم نهائيات كأس العالم، وهذه التظاهرة ليست مجرد حدث رياضي أو كروي، بل هي تظاهرة ذات رهانات سياسية ودولية كبيرة، وفق تعبيره.

وذكر بأن “هذا الاجتماع جاء تنزيلاً للتوجيهات الملكية التي تضمنها خطاب العرش الأخير، حيث وجه الملك تعليماته إلى وزير الداخلية للشروع في مشاورات حول مدونة الانتخابات، إذ كان مضمون الخطاب واضحاً، وفق تعبيره، أن وزير الداخلية هو الشخصية التي يفترض أن تشرف على هذا الورش المرتبط بالاستحقاقات الانتخابية”.

تجاوز التجربة السابقة

شدد المحلل السياسي على “الإراة الجماعية سواء من طرف الملك محمد السادس أو من الفاعلين السياسين في أن تُؤطَّر الانتخابات المقبلة بمدونة انتخابية شفافة ونزيهة، بما يسمح بإفراز نخبة سياسية مؤهلة لتنزيل هذه الأوراش الكبرى”، معتبرا أن “هذا الضغط السياسي القوي يفسر جزئياً استبعاد رئيس الحكومة من الإشراف المباشر على هذه المرحلة”.

وقال شقير: “من الصعب جداً أن يترأس رئيس الحكومة هذه المشاورات، بصفته أحد أطراف العملية الانتخابية فهو أيضا رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو الحزب المتزعم للأغلبية الحكومية، ولذلك لا أعتقد أن من المنطقي سياسياً أن يُكلَّف رئيس الحكومة بالإشراف على هذا المسار وأرى أن ذلك لا يستقيم من الناحية السياسية، وهذا سبب كافي لأن يوجه الملك تعليماته إلى وزير الداخلية ليأخذ بزمام هذا الملف”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “وزير الداخلية، بحكم اختصاصاته، هو الأجدر بالإشراف على هذا المسار، بما أن وزارة الداخلية هي الجهة التي تنظم وتشرف فعلياً على العملية الانتخابية برمّتها، لذلك كان من الطبيعي أن تُسنَد إليه هذه المهمة”، وفق تعبيره.

وتابع: “هذا التوجه يُفهم أيضاً كمحاولة لتجاوز الانتقادات التي وُجِّهت، ليس فقط خلال هذه الولاية الحكومية، بل خلال مراحل سابقة، حينما وصفت بعض أصوات المعارضة المشهد السياسي أو الأغلبية الحكومية بما يسمى “التغوّل الديمقراطي”، حيث إن التجربة السابقة كانت لها بعض السلبيات، ويحاول صانع القرار اليوم تفادي تكرارها في المرحلة المقبلة”.

إفراز نخب نزيهة

قدم وزير الداخلية تصور الوزارة لمراجعة المنظومة الانتخابية، خلال اللقاء الذي دام زهاء ساعة ونصف، من خلال سبعة أهداف رئيسية، مؤكدا أن هذا التصور يظل مفتوحا على اقتراحات الأحزاب في إطار حوار مسؤول وصريح.

وتتعلق هذه الأهداف بتحيين اللوائح الانتخابية العامة، وتحديد الآليات والإجراءات الكفيلة بتخليق العملية الانتخابية وجزر التجاوزات، واتخاذ التدابير العامة المساعدة على تحفيز المشاركة القوية، وعقلنة المشهد السياسي وتحفيزه من خلال مراجعة بعض بنوذ القانون التنظيمي المرتبطة بالتمويل العمومي، ورفع جاذبية العمل السياسي بصفة عامة.

كما تشمل هذه الأهداف السبعة، رفع فرص ولوج النساء والشباب داخل المشهد السياسي وتقوية حضورهم، وتطوير أساليب الإعلام العمومي والأساليب التواصلية الحديثة، وأخيرا تحديد الجدولة الزمنية والتنظيم المادي واللوجيستيكي لتنظيم الانتخابات.

وفي هذا الصدد، اعتبر المحلل السياسي محمد شقير أن “هذه الأهداف تسعى لتحقيق غايتين رئيسيتين، الأولى تتمثل في أن تتم العملية الانتخابية المقبلة بشكل شفاف، بما يؤدي إلى استعادة الثقة في العملية الانتخابية، ومن ثم تعزيز المشاركة السياسية في هذا الاستحقاق المقبل وهو الهدف الأساسي الأول الذي تقف خلفه هذه الإجراءات، وفق تعبيره.

كما تسعى هذه الأهداف، حسب المحلل السياسي ذاته، “محاولة إعادة التوازن إلى المشهد السياسي بعد مرحلة من “التغول السياسي”، حيث إن هناك رغبة في تحقيق نوع من التوازن السياسي وتجاوز ذلك التغوّل الذي خلّف آثاراً سلبية، خاصة في طريقة التعامل مع بعض أطياف المعارضة، التي شعرت بأن المشهد لا يتوقف عند الإشادة بل طغت عليه الشعبوية والشعارات فقط”، على حد قوله.

أما الغاية الثانية، حسب شقير، “العمل على إفراز نخبة سياسية نزيهة وكفؤة، خاصة وأن من بين الأوراش تخليق الحياة العامة كما جاء في الخطاب الملكي”، ملفتا أن إعادة الاعتبار للنخبة السياسية هو هدف يسعى جميع الفاعلين لتحقيقه، بعد أن شهد المشهد السياسي تورط عدد من المنتخبين، سواء برلمانيين أو جماعيين، في قضايا واختلالات مختلفة، حيث أُدين بعضهم فيما لا يزال آخرون قيد المتابعة القضائية”، وفق تعبيره.

وشدد محمد شقير على أن “الأهداف الأساسية لهذه المرحلة، هو دفع الأحزاب السياسية إلى اختيار نخب تتسم بالنزاهة والكفاءة، وتجنب تكرار تلك الممارسات المرتبطة بسوء التدبير والاختلاسات، من خلال استعادة الثقة في المشهد السياسي وإفراز نخبة نزيهة وكفؤة”.

يشار إلى أنه تم الاتفاق على أن تقوم الأحزاب السياسية بموافاة وزارة الداخلية، داخل أجل أقصاه نهاية شهر غشت الجاري، باقتراحاتها المتعلقة بالإطار المنظم للانتخابات التشريعية لسنة 2026، حيث جاء تحديد هذه الفترة الزمينة، حتى يتأتى دراستها والتوافق في شأن التدابير ذات الطابع التشريعي التي يتعين صياغتها وعرضها على المسطرة التشريعية خلال الدورة التشريعية الخريفية المقبلة، في أفق إخراجها إلى حيز الوجود قبل متم السنة الحالية تنفيذا لتوجيهات الملك محمد السادس.

وطالب الملك محمد السادس، بإخراج القوانين المؤطرة للانتخابات التشريعية المقبلة، وذلك قبل نهاية العام الجاري 2025، مشيرا إلى أنه أعطى تعليماته إلى وزير الداخلية من أجل الإعداد الجيد للانتخابات المقبلة سنة 2026.

العمق المصدر: العمق
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل نتنياهو حرب غزة

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا