آخر الأخبار

في الذكرى الأولى.. تقرير يستعرض أوجه قصور تعامل السلطات مع زلزال الحوز

شارك الخبر

سجل المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والتقنية، حدوث عدة اختلالات متعلقة بعملية إسكان المتضررين من زلزال الحوز، إذ أنه وبعد مرور 8 أشهر على الزلزال، لا تزال بعض الأسر تقطن في منازل آيلة للسقوط أو خيام، خاصة وأنه تم إعادة بناء 1000 منزل فقط، وذلك بسبب توقف عملية التعمير.

وأشار المركز في تقرير له بعنوان “تقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية لزلزال الحوز منطقة إيغيل نموذجا”، إلى حرمان الكثيرين من التوصل بالمساعدة لأسباب إدارية فهناك من تم رفض ملفه فقط بسبب عدم توصله بالرقم الخاص الذي يتم إرساله عبر الهاتف.

تعويضات غير منصفة

وحسب المصدر ذاته فإن الجهات المسؤولة كلفت الساكنة بمسؤولية هدم المساكن لصعوبة ولوج آليات الهدم إلى المناطق المتضررة دون توفير أي موارد أو وسائل للساكنة في سبيل تطبيق هذه العملية.

وأكدت الوثيقة التي توصلت بها جريدة “العمق”، إنتقاد الساكنة للتعويضات المقدمة واصفة إياها بغير المنصفة، حيث تم إسكان أسر متعددة الأفراد في منازل صغيرة لا تتجاوز 70 مترا، وكما أنه لم يتم احترام شروط الساكنة فيما يتعلق بشكل المعمار والمواد التي ينبغي أن يتم بها البناء.

واعتبر التقرير أن المنهجية التي تم العمل بها في صرف المساعدة للسكان لم تتصف بالعملية وتستلزم وقتا طويلا، حيث كان على العديد من الساكنة الانتظار لفترات طويلة بعد صرف الدفعة الأولى قبل أن تأتي لجنة لتعاين ما تم إنجازه ويتم صرف الدفعة الثانية.

هذا، وتواجه إدارة الكوارث في المغرب حسب المركز عدة تحديات، من بينها ضعف أنظمة الاتصال، والاستغلال غير الأمثل لنظام “MPRA”، ونقص التمويل في مركز اليقظة والتنسيق، كما تعاني قواعد البيانات من التشتت، مما يحد من قدرة السلطات على اتخاذ قرارات سريعة وفعالة في حالات الطوارئ.

ضعف الإطار التشريعي

وأضاف أنه بالرغم من وجود إطار قانوني ينظم تدبير الكوارث الطبيعية في المغرب، إلا أن هذا الإطار يعاني من عدة ثغرات، منها عدم وضوح تعريف الخطر الطبيعي، وعدم تحديد واضح للمسؤوليات، وتعدد الجهات المتدخلة مما يؤدي إلى تشتت الجهود، مشيرا إلى أن معظم النصوص وضعت استجابة لظروف استعجالية دون رؤية استراتيجية شاملة، مع عدم مراعاة المخاطر في قوانين البناء وتخصيص العقارات.

وشددت المؤسسة على أن المبالغ المالية المخصصة داخل القوانين المالية السنوية لمواجهة الكوارث الطبيعية، فإن هذه المبالغ لا يتم استغلالها بكفاءة، خاصة وأن إدارة هذه الأموال تعاني من عدة تحديات، منها عدم تحديد واضح للمخاطر التي تستهدفها هذه المبالغ، وقصور في الشفافية حول كيفية إنفاقها.

واعتبرت أن حجم الأموال المرصودة لا يتناسب مع الحاجة الفعلية، مما يؤدي إلى محدودية الأثر على الأرض، كما أن توزيع هذه الأموال على عدة صناديق صغيرة يضعف من قدرتها على تحقيق أهدافها.

وأردف التقرير، أن المغرب يعاني من تحدٍ كبير يتمثل في ضعف التنسيق بين المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية (المجتمع المدني) على المستوى المحلي، مسجلا أن غياب آلية واضحة لتنظيم هذه العلاقة يعرقل جهود التنمية ويقلل من فاعلية الاستجابة للأزمات.

وأكدت الوثيقة أن ضعف العمل الجمعوي بالمنطقة أثر سلبا على مستوى التنظيم والتخطيط وعلى قدرة الجمعيات على الاستجابة للأزمات والطوارئ كما أدى إلى انعدام الكفاءة في تقديم المساعدة والدعم للمجتمعات المحلية في خضم الزلال وبعده، ما يؤكد الحاجة إلى إعادة هيكلة وتنظيم هذا القطاع بشكل عاجل لضمان تقديم الدعم الإنساني بشكل فعال ومستدام.

خسائر اقتصادية وجتماعية

هذا، وخلف زلزال الحوز خسائر متوسطة قدرت بنحو 0.24% من إجمالي اقتصاد المغرب، وبشكل مفصل تراجع الناتج المحلي الإجمالي لجهة مراكش آسفي بنسبة 1.3%، بينما شهد النشاط الاقتصادي في إقليم الحوز انخفاضًا حادًا بلغ 10.2%.

وبلغت التكلفة المباشرة للزلزال، حسب التقرير، والتي تشمل الأضرار التي لحقت بما يقارب 50,000 مسكن انهار كليًا أو جزئيًا، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، الطرق، وشبكات الهاتف، الماء، والكهرباء، نحو 3 إلى 4 مليارات درهم.

واجتماعيا سجل التقرير أن هذه الكارثة أجبرت السكان على النزوح قسريًا والتشرد، خاصة مع اضطرار الكثيرون إلى مغادرة منازلهم المدمرة بحثًا عن مأوى آمن، مما أدى إلى تفكك المجتمعات المحلية وزيادة العزلة الاجتماعية.

وطالت الأضرار قطاع التعليم، حيث تعرضت المدارس والمؤسسات التعليمية لأضرار جسيمة، مما أدى إلى إغلاقها مؤقتًا أو بشكل دائم، ما أثر على الطلاب، مسببة توقف العملية التعليمية وأزمات نفسية وتعليمية قد تستمر لمدى طويل.

توصيات لتجاوز الوضع

ولتجاوز هذا الموضع أصدر المركز العديد من التوصيات التي ركزت بشكل أساسي على ضرورة تطوير برامج شاملة لإعادة الإسكان، مع تبسيط مساطر إعادة البناء ووضع دليل مفصل لبناء مساكن جديدة مقاومة للزلازل، تأخذ في الاعتبار البيئة الطبيعية والثقافية للمنطقة.

ومن بين الأولويات التي اقترحها المركز، تقديم دعم للمجالس المحلية بالمعدات والمهارات اللازمة لتحسين التخطيط وإدارة الأزمات، بما يشمل تعزيز الشفافية والمشاركة المجتمعية في اتخاذ القرارات، مما يضمن استدامة الحلول واحترام الثقافة المحلية، بالإضافة إلى دعم المبادرات الإبداعية المحلية لتحسين ظروف المعيشة.

وفيما يتعلق بالعمل الجمعوي، أوصى المركز بضرورة إعادة هيكلة هذا القطاع وتأطيره لضمان استمرارية المبادرات وفعاليتها، بالإضافة إلى تمويل بحوث لدراسة النجاحات والإخفاقات واستخلاص الدروس للتعامل مع الكوارث المستقبلية، داعيا إلى إنشاء آليات دائمة للاستجابة السريعة للأزمات الطبيعية، وضمان توفير الموارد اللازمة على المستوى المحلي.

من جانب آخر، تم تسليط الضوء على دعم المزارعين مالياً وتقنياً لتحسين أساليب الزراعة التقليدية وتشجيع الابتكار، خاصة في الزراعات الجبلية من خلال إدخال تقنيات حديثة، كما سجلت التوصيات ضرورة توسيع البنية التحتية الرقمية واستخدام الإنترنت عبر الأقمار الصناعية لتوفير اتصال عالي السرعة للمناطق الجبلية النائية التي تفتقر إلى خدمات الإنترنت التقليدية.

وتضمن التقرير توصيات لتعزيز التعليم عن بعد والتعليم الذاتي من خلال توفير منصات تعليمية شاملة، وتوزيع الأجهزة اللوحية والحواسيب على الطلاب مع تدريبهم على استخدامها، و إلى جانب ذلك، أوصى المركز بتطوير منصات رقمية للمجالس المحلية لتعزيز التواصل واتخاذ القرارات في حالات الطوارئ، وتدريب السكان على استخدام التكنولوجيا الرقمية.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا