آخر الأخبار

وثائق سرية تكشف: هكذا أعاد اليامين زروال للسلطة الجزائرية شرعيتها

شارك
بواسطة محمد،قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد،قادري

وثائق سرية تكشف: هكذا أعاد اليامين زروال للسلطة الجزائرية شرعيتها

الجزائرالآن _ في مثل هذا اليوم قبل ثلاثة عقود، خاض الرئيس اليامين زروال مغامرة محفوفة بالمخاطر غيّرت مسار الأزمة الجزائرية.

كانت البلاد غارقة في بحر من الدماء، والجماعات المسلحة في أوج قوتها تهدد كل من يتجرأ على التوجه إلى صناديق الاقتراع، فيما دعت أبرز أحزاب المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات.

لكن ما حدث في 16 نوفمبر 1995 فاجأ الجميع، وكشفت وثائق بريطانية رُفعت عنها السرية مؤخراً تفاصيل مثيرة عن ذلك اليوم المفصلي .

فوز ساحق لزروال كسر حاجز الخوف

تكشف وثيقة من السفير البريطاني في الجزائر بيتر مارشال، مؤرخة في 17 نوفمبر 1995، أن زروال حقق انتصاراً حاسماً في الجولة الأولى بحصوله على 61.34% من الأصوات.

لكن المفاجأة الحقيقية لم تكن في الفوز ذاته، بل في نسبة الإقبال التي بلغت 75% من أصل ستة عشر مليون ناخب مسجل، متجاوزة بذلك أكثر التوقعات تفاؤلاً للنظام الذي كان يأمل في الوصول إلى 60% فقط .

تشير الوثائق إلى أن “الانتخابات تحدّت التهديدات السابقة بالتعطيل من قبل الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة والجماعات الإسلامية المسلحة”، وأن “المشاركة المرتفعة بشكل ملحوظ، وخاصة من قبل النساء والشباب، قدمت رسالة واضحة مفادها أن الأغلبية الصامتة الكبيرة تريد العيش بسلام”

رسالة رفض واضحة للتطرف

حصل المرشح الإسلامي المعتدل محفوظ نحناح على 25.38% من الأصوات فقط، ما يمثل أقل من 20% من إجمالي الناخبين.

مصدر الصورة

تؤكد الوثيقة البريطانية أن هذه النتيجة تعني “رفضاً حازماً للحكم الإسلامي من قبل غالبية الناخبين”، وأن النتيجة تمثل “تفويضاً قوياً ضد العنف بدلاً من أن تكون تأييداً لمرشح معين “.

أما أحزاب المعارضة الرئيسية التي دعت إلى المقاطعة، بما فيها جبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الاشتراكية والجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، فقد “أخطأت في تقدير مزاج الناخبين”، وفق تحليل الوثيقة، التي أضافت أن “تكتيكاتهم المعرقلة ربما خدمت مصالح النظام “.

عملية نزيهة في ظل حماية أمنية مشددة

تؤكد الوثائق البريطانية أن “نجاح الانتخابات كان مرهوناً بمستويات أمنية غير مسبوقة”، حيث كان “الوجود العسكري والشرطي واسع النطاق”، ما أتى ثماره فيما وُصف بأنه “أحد أكثر الأيام سلمية التي شهدتها البلاد منذ الانتخابات الأخيرة “.

ورغم مزاعم البعض بتزوير الانتخابات، تشير الأدلة، حسب الوثيقة، إلى أن “العملية أُجريت بنزاهة وشفافية”، وأن “الأرقام كانت دقيقة إلى حد معقول”، وبالتالي “كانت النتيجة صحيحة من الناحية الفنية “.

شرعية جديدة مع تحذيرات من المستقبل

منحت الانتخابات النظام الجزائري ” في تلك الفترة درجة من الشرعية الديمقراطية”.

كما أشارت الوثائق إلى أن “المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الهائلة في تلك الحقبة دائما التي أدت في البداية إلى نشوء التطرف الأصولي لا تزال عصية على الحل كالعادة”، محذرة من أنه “من الصعب أن نرى أن الجماعات المسلحة ستتخلى الآن ببساطة عن نضالها على الرغم من رفض الناخبين الواضح لها “.

ردود فعل دولية حذرة

تكشف الوثائق عن تباين في ردود الفعل الدولية تجاه انتخاب اليامين زروال. فبينما أعرب الاتحاد الأوروبي عن “ارتياحه” لتنظيم الانتخابات وإجرائها دون عنف، قدمت فرنسا رد فعل “هادئاً إلى حد ما”.

وفي حين أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك أرسل رسالة إلى زروال، “تم تعمّد عدم ظهور كلمة تهنئة” فيها .

أما بريطانيا، فقد قرر رئيس الوزراء إرسال رسالة تهنئة تتضمن “إشارة إلى المصالح التجارية البريطانية”.

بداية النهاية للعنف

شكّل فوز زروال، بحسب المحللين، “بداية النهاية لعصر الإرهاب”.

ففي العام التالي نُظّمت انتخابات تشريعية طوت صفحة فوز جبهة الإنقاذ بانتخابات 1991، وترافق ذلك مع ميل كفة الصراع المسلح لمصلحة الجيش الذي ألحق هزيمة بالجماعات الإرهابية ، وأرغم غالبية عناصرها على إلقاء السلاح والاستفادة من قانون العفو الذي أعلنه عبد العزيز بوتفليقة، خليفة زروال في رئاسة البلاد عام 1999 .

اليوم، بعد ثلاثة عقود من ذلك اليوم المفصلي، تبقى انتخابات نوفمبر 1995 شاهداً على لحظة حاسمة في التاريخ الجزائري، حين تحدّى الشعب الجزائري التهديدات والعنف، وأعاد للسلطة شرعيتها عبر صناديق الاقتراع، رغم كل المخاطر المحيطة .

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا