آخر الأخبار

ليبيا : قطر و الأمم المتحدة يوقّعان اتفاقاً لتمويل العملية السياسية… على حساب الليبيين

شارك
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

عندما ينهار بلدٌ سياسياً، يتفكّك أمنياً و يصبح فريسة سهلة للطامعين الأجانب.

هذا ما يحدث في مالي الخاضعة للنفوذ الروسي (مع ما نعرفه جميعاً من عواقب وخيمة)، و هو أيضاً حال السودان الخاضع لقبضة الإمارات العربية المتحدة (حيث النتيجة كارثية بدورها)، و ينسحب الأمر كذلك على ليبيا.

فمنذ سقوط معمر القذافي، تعجّ الساحة الليبية بلاعبين أجانب : روسيا ، تركيا ، مصر ، فرنسا و قطر في مقدمتهم.

هذا الإمارة الغازية الصغيرة خفّ حضورها الإعلامي في الآونة الأخيرة، لكنها لا تزال حاضرة بقوة.

السلطات الليبية تتعايش مع بلدٍ بات أكبر لوبي في الشرق و أكبر مستثمر في إفريقيا هذا العام، متقدماً حتى على الصين. لكن المشكلة انفجرت عند الوثيقة الموقّعة بين بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (مانول) و سفير قطر في طرابلس…

فقد وقّعت ممثلة برنامج الأمم المتحدة لتنمية البلاد هذا الاتفاق، على حساب الليبيين ، بحضور المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة، الغانية هانا تيته.

الاتفاق تمّ توقيعه يوم 17 نوفمبر 2025 و يتعلّق بتمويل إعادة إطلاق العملية السياسية.

المال متوفر لدى القطريين بكثرة و هم ينفقون بلا تردد لتعزيز «القوة الناعمة».

لكن هل سيأخذ ما هو مُخطط له في ليبيا بعين الاعتبار قبل كل شيء المصلحة الوطنية العليا للبلاد؟

سؤال بلا جواب. المؤكد أنّ هذا الاتفاق يثير الريبة و يثير غضباً واسعاً في رأي عام مرتبك أمام خطورة الأوضاع السياسية و الأمنية.

الجميع يعرف ما تطمح إليه أمريكا في ليبيا و الرئيس دونالد ترامب شديد الوضوح – إلى حدّ المبالغة – عندما يتعلق الأمر بالمصالح المادية المباشرة.

لكن قطر اعتادت المناورة. فلا أحد يعرف شيئاً عن حجم المبالغ التي تحدّثت عنها الدوحة و الأمم المتحدة و لا عن نطاق الأنشطة ولا عن الآليات العملية لهذا التمويل…

ما نعرفه هو أنّ جزءاً من الليبيين يصرخ «الذئب» بمجرد سماع اسم قطر. فمنذ 2011 ينظر كثيرون داخل ليبيا إلى الدوحة نظرة سلبية للغاية. لم ينسَ أحد دعمها لحلف الناتو خلال قصف ليبيا لإسقاط القذافي. وبعد ذلك، موّلت قطر الأحزاب الإسلامية، ومن بينها مجموعات متطرفة، وهي أخطاء دفع الليبيون ثمنها غالياً.

الليبيون، المنهكون من أطماع القوى الأجنبية، ينظرون بشكّ كبير إلى حماسة الدوحة في دعم العملية السياسية. ويُقال إنّ الآلية ستُفعّل قبل نهاية العام، لكن في أي اتجاه ستسير؟ ولأي أجندة؟ لا أحد يملك إجابات واضحة، لا السلطات ولا المواطنون العاديون…

ما هو ثابت أنّ شريحة واسعة من الشخصيات السياسية الليبية تعتبر قطر غير مرحّب بها، وأنّ مانول، بعقدها اتفاقاً معها، لم تعد «وسيطاً محايداً». لكن لتحقيق ذلك، يجب أن يتوفر أولاً توافق وطني قوي يمكّن حكومة الوحدة الوطنية، المعترف بها دولياً، من تثبيت خطوطها الحمراء في مواجهة التدخلات الخارجية.

حالياً، تسود حالة من الانقسام الداخلي والصراعات البينية. وقد استغلّ الجهاز التنفيذي في شرق ليبيا، الخاضع لسيطرة المشير خليفة حفتر، ما وصفه بـ«التدخل الأممي والقطري» للانسحاب فوراً من طاولة الحوار الوطني. وأعلن أسامة حماد، رئيس الحكومة المتمركزة في بنغازي، «وقف التعاون مع مانول».

و تبعه البرلمان المحلي داعياً إلى «مراجعة شاملة لدور مانول» في ليبيا. الموقف نفسه عبّرت عنه اتحاد القبائل، وهي قوة مؤثرة للغاية في البلاد؛ إذ رفضت الاتفاق واعتبرت أنّ مانول «نسفت مبادئ الحياد».

البعثة الأممية لم تتراجع، وردّت بأن أكثر من 13 دولة ومنظمة إقليمية تموّل سلسلة من البرامج لتعزيز مشاركة المجتمع المدني في العملية السياسية. وحتى وإن كان ذلك، وفق مانول، «لا يمنح أي طرف حق التأثير في المناقشات» أو «اختيار المشاركين»…

فهل يعني هذا أنّ الأمم المتحدة غيّرت موقفها وتخلّت عن قطر تحت الضغط؟ الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة.

اشترك في النشرة الإخبارية اليومية لتونس الرقمية: أخبار، تحليلات، اقتصاد، تكنولوجيا، مجتمع، ومعلومات عملية. مجانية، واضحة، دون رسائل مزعجة. كل صباح.

يرجى ترك هذا الحقل فارغا

تحقّق من صندوق بريدك الإلكتروني لتأكيد اشتراكك.

تعليقات
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

مواضيع ذات صلة:
الرقمية المصدر: الرقمية
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا