آخر الأخبار

فرنسا : ساركوزي يثير الجدل مجدداً من خلال الترويج المسرحي لكتابه المثير «يوميات سجين»

شارك
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

لا يبدو أن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي يعتزم التهدئة بعد خروجه من السجن، فذلك لا يشبه طباعه.

فهو لا يعرف معنى التحفّظ – وكذلك ابنه لويس ساركوزي.

و قد بالغ كثيراً في إظهار معاناته عقب الحكم الصادر عن المحكمة الجنائية بباريس بسجنه خمس سنوات (بتهمة تكوين جمعية أشرار في ما يُعرف بالملف الليبي)، كما بالغ في استعراض «آلامه» عند خروجه من سجن لا سانتي، وسعى للفت الأنظار بمجرد أن أصبح طليقاً.

و بما أن هذا «العرض» يخدم مصالحه – في ظل سيل المحاكمات التي تنتظره – فإنه يواصل اللعبة بلا تردد.

لم يقضِ ساركوزي سوى 20 يوماً خلف القضبان، وهي مدة تُعد ضئيلة مقارنة بخطورة الوقائع، لا سيما بالنسبة لرجل في مكانته. ومع ذلك، يعتبر هو أن هذه الأيام العشرين «أكثر مما يجب»، على الأقل هذا ما سيحاول إقناع قضاته والرأي العام به. وليس مؤكداً أن تنجح هذه المناورة…

لم يمضِ على استعادة ساركوزي لحريته (المشروطة برقابة قضائية صارمة) سوى عشرة أيام، حتى أعلن عن صدور كتاب جديد يحمل عنواناً صادماً: «يوميات سجين».

عنوان متضخم ومتشدد ومبالغ فيه، يعكس تماماً شخصية صاحبه. فحين يسمعه المرء يتحدث، يخال أن سجنه كان الأسوأ في التاريخ وأن معاناته امتدت دهراً. أليس هذا مبالغاً فيه؟

كان معروفاً أنه يعمل على كتاب جديد وأنه سيكون على شاكلة «زمن النضال»، لكن لم يتوقع أحد أن «العمل» سيصدر في 10 ديسمبر.

و يزداد الأمر غرابة بالنظر إلى أن الرئيس السابق سيُحاكم استئنافياً في مارس 2026. ومن الواضح أن إصدار كتاب هجومي حول القضاء والسجن في هذا التوقيت خطوة في غير محلها…

ساركوزي يدرك تماماً أن القضاة سينزعجون من هذا الكشف المبالغ فيه، لكنه يستهدف الرأي العام، محاولاً استمالته. إنه معركة سياسية جديدة، تماماً كما يوحي عنوان كتابه الأخير.

و كان المدعي العام لدى محكمة النقض، ريمي هيتز، قد عبّر عن قلقه من أن تؤثر العلاقات الخاصة جداً بين وزير العدل جيرالد دارمانان وساركوزي على هدوء القضاة و يبدو أن هذا الكتاب سيعمّق المخاوف وربما أسوأ.

الرئيس السابق يعلم أن محاكمته الاستئنافية لن تبرّئه، نظراً لحجم القرائن في ملف التمويل الليبي، ولذلك يسعى لتحريض أنصاره ضد قضاة محكمة الاستئناف.

يريد ممارسة ضغط هائل على المحكمة. وهي مناورة محفوفة بالمخاطر، في ظل اللوم القاسي الذي يظهره الفرنسيون في استطلاع رأي (3 من أصل 4 يرون أن ساركوزي مجرد متقاضٍ مثل غيره).

ماذا نعرف عن كتابه الجديد؟ نعرف أنه سيصدر عن دار النشر «فايار»، المملوكة لصديقه الملياردير المحافظ فانسون بولوريه، الذي يملك أيضاً – من بين مؤسسات أخرى – قناة «CNews» الأكثر إثارة للجدل في فرنسا. الأجواء المثيرة، لطالما أحاطت بساركوزي، منذ رحلاته على متن طائرة وباخرة بولوريه الفاخرتين بعد انتخابه في 2007، وولائمه في «الفوكيتس»، وشغفه بساعات «رولكس».

و ساركوزي نفسه هو أفضل من يروّج لكتابه. فقد نشر على حسابه في منصة «X» يوم الجمعة 21 نوفمبر قائلاً : «في السجن لا يوجد شيء لتراه ولا شيء لتفعله. أنسى الصمت الذي لا وجود له في لا سانتي حيث هناك الكثير مما يُسمع. الضجيج هناك للأسف دائم. لكن تماماً كالصحراء، تعزّز الحياة الداخلية في السجن».

لا جديد بالنسبة لمحامٍ محترف، فهو يتقن كل قواعد التواصل ويعرف جميع الحيل.

و يتضح ذلك في عبارة «متاح للطلب المسبق» التي وضعها في نهاية منشوره.

لقد قال ما يكفي لإثارة فضول قرائه ودفعهم لشراء الكتاب فوراً. ولا ينبغي أن ننخدع: فالقضية مالية أيضاً…

أما المال، فهو جزء أساسي من عالمه. و لم يكن ساركوزي مرتاحاً عندما استعرض قاضي محكمة الاستئناف ملايين اليوروهات التي يجنيها من أنشطته المربحة جداً (مهنته كمحامٍ، دوره كلوبيست، محاضراته، رواياته، وغيرها).

لذلك نعم، «يوميات سجين» كتاب سياسي بامتياز، لكنه أيضاً مشروع مالي، تماماً كالقضايا الخمس التي تلوح في الأفق، وقد تكلفه غالياً.

تعليقات
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

مواضيع ذات صلة:
الرقمية المصدر: الرقمية
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا