أعلنت المؤسسة الدولية للإعلام النسائي (IWMF) عن فوز المصورة الصحفية الألمانية جوهانا ماريا فريتز بجائزة “أنيا نيدرينجهاوس للشجاعة في التصوير الصحفي” لعام 2025، وذلك تقديرًا لشجاعتها وتفانيها في توثيق معاناة المدنيين في السودان، عبر مشروع فوتوغرافي مؤثر حمل عنوان: “النو.. المستشفى الأخير”.
يركز المشروع الفائز على الحياة اليومية داخل مستشفى النو في مدينة أم درمان، الذي يُعدّ أحد آخر المرافق الطبية العامة التي ما زالت تعمل في الخرطوم . وقد استطاعت فريتز أن ترسم بعدستها صورةً إنسانية عميقة عن الأطباء والممرضين والمتطوعين وهم يكافحون لإنقاذ الأرواح في ظل القصف المستمر، ونقص الإمدادات، وانهيار البنية التحتية الصحية.
تُظهر الصور المستشفى كملاذ هش وملجأ أخير للمدنيين، حيث تحولت أروقته إلى خطوط مواجهة حقيقية بين الحياة والموت. العدسة لم تكتفِ بتصوير الألم، بل وثقت أيضاً لحظات الصمود والإصرار على النجاة، في بلد يعيش واحدة من أعقد أزماته الإنسانية.
الجائزة التي تبلغ قيمتها 20 ألف دولار أمريكي، وتقدمها مؤسسة هوارد جي. بافيت، استحدثت عام 2014 تخليداً لذكرى المصورة الألمانية أنيا نيدرينجهاوس، الحائزة على جائزة بوليتزر، والتي قُتلت أثناء عملها الصحفي مع وكالة أسوشيتد برس في أفغانستان. ومنذ انطلاقتها، تُمنح الجائزة سنويًا للمصورين الذين يقدّمون التزاماً استثنائياً في توثيق الحقائق في مناطق النزاع.
وقالت إليسا ليز مونوز، المديرة التنفيذية لمؤسسة IWMF: نعيش في عالمٍ تمزقه الصراعات، لكن السودان يظل من أكثر المآسي تجاهلًا. إن شجاعة جوهانا في توثيق جرائم الحرب والأزمات الإنسانية تذكّر العالم بالثمن الباهظ الذي يدفعه المدنيون. عملها يساعدنا على فهم هشاشة عالمنا وإدراك حجم الخسائر التي تخفيها الأرقام.
بدورها، عبرت جوهانا ماريا فريتز عن اعتزازها الكبير بهذا التكريم، مشيرة إلى أن نهج المصورة الراحلة أنيا نيدرينجهاوس كان دائماً مصدر إلهام لها. وقالت:”أن أكرم بجائزة تحمل اسم أنيا، خاصة عن عملي في السودان، هو شرف عظيم. لقد كان هذا المشروع من أكثر التقارير الصحفية صعوبةً وحزنًا في حياتي المهنية، لكنني شعرت بواجب تجاه الأشخاص الذين التقيتهم؛ الأطباء، المرضى، والعائلات التي واجهت المستحيل كي تعيش.”
وأضافت: رغم القصف المتواصل ونقص الإمكانيات، تمكنّا من توثيق قصص أناس طيبين وشجعان، وهذا ما يدفعني للاستمرار كمصورة صحفية.
صور تروي المأساة
من بين الصور التي وثقتها فريتز، لقطة مؤثرة للطفل ور (5 سنوات) المصاب بطلق ناري، ينتظر عملية جراحية بينما يتولى شقيقه أحمد (14 سنة) حمل المحلول الوريدي(الدرب) إلى جانبه. وفي مشهد آخر، يظهر عشرات المواطنين مصطفين أمام صيدلية يديرها متطوعون لجمع تبرعات محلية ودولية لشراء الأدوية لمن لا يملكون ثمنها. هذه الصور تحولت إلى شهادات بصرية عن الأمل والصمود رغم القسوة.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تخوض فيها جوهانا فريتز غمار الصراعات. فمنذ عام 2016، غطّت عدستها مناطق ساخنة مثل أفغانستان قبل عودة طالبان وبعدها، وأوكرانيا خلال الحرب، وسوريا بعد سقوط الأسد، وصولًا إلى السودان اليوم. وقد نُشرت أعمالها في كبريات الصحف والمجلات الألمانية والدولية مثل دي تسايت، دير شبيغل، وشتيرن.وحصدت فريتز خلال مسيرتها عدة جوائز مرموقة، من بينها:جائزة صورة الصحافة العالمية عام 2024 وجائزة إنجي موراث عام 2017 وجائزة السلام للتصوير الفوتوغرافي عام 2019.
أفق جديد