تشهد الساحة السودانية في الآونة الأخيرة جدلاً واسعاً حول مستقبل تطبيق الفيديوهات القصيرة “تيك توك”، وسط مطالبات متزايدة بضرورة حجبه بدعوى أنه أصبح منصة لبث محتوى “مخالف للقيم المجتمعية” ويُسهم في نشر الانحلال الأخلاقي.
ورغم عدم صدور قرار رسمي حتى الآن من وزارة الاتصالات أو الجهات التنظيمية بحظر التطبيق، فإن حالة الترقب والتخوف من قيود جديدة على الفضاء الرقمي في البلاد باتت واضحة، وسط ضغوط مجتمعية متواصلة مدفوعة بأصوات ترى أن المنصة تلحق ضرراً بالغاً بالنسيج الاجتماعي، خاصة في ظل الحرب وما يرافقها من اضطراب في خدمات الإنترنت وتقييدات سابقة طالت بعض المنصات كان آخرها حجب مكالمات واتس آب داخل السودان.
وتتوزع أسباب المطالبة بالحظر بين الشقين الأخلاقي والأمني، فمن جهة، يتهم منتقدو التطبيق محتواه بأنه يفسد القيم الاجتماعية ، ويؤثر سلباً على الشباب. ومن جهة أخرى، ترى السلطات السودانية أن المنصة قد تُستخدم في نشر خطاب الكراهية والتحريض، ما يجعلها تهديداً أمنياً في وقت يسعى فيه النظام إلى التحكم في تدفق المعلومات.
من أبرز الأحداث التي غذّت المطالبة بحظر التطبيق، التراشق الإعلامي بين الفنانتين عائشة الجبل وهبة جبرة عبر “تيك توك”، والذي أثار موجة واسعة من الجدل.
هذه الحادثة دفعت اتحاد المهن الموسيقية إلى التدخل وإصدار قرار بفصل عائشة الجبل من عضوية الاتحاد، بينما لم تُتخذ إجراءات مماثلة بحق هبة جبرة لعدم عضويتها.
في حديثه لـ«التغيير»، أوضح رئيس اتحاد المهن الموسيقية، نجم الدين الفاضل، تفاصيل القرار قائلاً: “موضوع فصل عائشة الجبل مرتبط بعضويتها في الاتحاد؛ فهي كانت عضواً منتسباً في فترة تجريبية، وقد التزمت عند انضمامها بتقديم فن يحمل القيم والمثل. لكن ما بدر منها عبر وسائل التواصل الاجتماعي خالف لوائح الاتحاد الداخلية، وعلى رأسها السلوك، لذلك تم فصلها. أما هبة جبرة، فهي ليست عضواً في الاتحاد، وبالتالي لا تنطبق عليها لوائحنا”.
وأكد الفاضل، أن الفنانة عائشة الجبل عند تقدمها لعضوية الاتحاد التزمت بتقديم غناء راقٍ لا يسيء إلى المجتمع. وأوضح أنه كان قد اقترح منحها فرصة كعضو منتسب تحت التجربة لمدة عامين إلى ثلاثة أعوام لمتابعة التزامها بالضوابط، غير أنها – بحسب قوله – لم تلتزم بما تعهدت به. وأضاف أن الاتحاد طبّق اللوائح المنظمة، وقرّر فصلها من العضوية.
وأضاف الفاضل أن هناك خلطاً بين “مجلس المهن الموسيقية” و”اتحاد المهن الموسيقية”، مشيراً إلى أن المجلس جهة تتبع للدولة، وتصدر قرارات التصديق لمزاولة المهنة، بينما الاتحاد كيان مهني يسعى لاستعادة كامل صلاحياته.
ويرى مراقبون أن “تيك توك” قد لا يكون الأخير في دائرة الجدل والقيود. فالسجل التاريخي للحكومة السودانية يُظهر استعدادها لقطع الإنترنت أو تقييد منصات التواصل في أي لحظة بدافع “الأمن القومي”. ومع استمرار الحرب، تبدو المنصات الرقمية الكبرى كلها مهددة بقيود إضافية قد تُفرض في أي وقت.
التغيير