في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يحذر الدكتور ميخائيل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب والضابط السابق في الاستخبارات الإسرائيلية، مما وصفها بموجة تقارير مشبوهة ومتداولة في الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي تتحدث عن استعدادات مصر المتسارعة لحرب ضد إسرائيل.
ويرى ميلشتاين أن هذه السلسلة من الأخبار التي يشكك في مصداقيتها ومصادرها تحمل في طياتها محاولة متعمدة من جهات يمينية في إسرائيل لإشعال توتر خطير بين القاهرة وتل أبيب، في وقت بالغ الحساسية بالنسبة لإسرائيل.
ويعتبر الخبير الإسرائيلي في مقاله بصحيفة يديعوت أحرنوت أن تداول مثل هذه المزاعم، حتى وإن كانت بلا أساس، يجب أن يثير الأضواء الحمراء ليس فقط لدى صانعي القرار الإسرائيليين، بل عند كل طرف معني بالحفاظ على استقرار العلاقات مع مصر ومنع انزلاقها نحو مواجهة غير ضرورية.
يشير ميلشتاين أيضا إلى أن ما يتردد في الأسابيع الأخيرة عن "مؤامرة مصرية مظلمة"، بدءا من خرق اتفاقية السلام، مرورا بحشد قوات في سيناء، وصولا إلى استعدادات مصرية لهجوم ضد إسرائيل، يفتقد إلى الجدية والاعتماد على مصادر رسمية.
ويوضح أن معظم من يروجون لهذه المزاعم ينتمون إلى أوساط يمينية أو شخصيات أمنية سابقة، ويعتمدون على "مصادر غامضة تفتقر إلى المصداقية".
ويصف هذه الظاهرة بأنها "صندوق صدى" حيث ينقل كل طرف ما يقوله الآخر من دون تحقق، وهو ما يخلق انطباعا عاما بوجود تهديد مصري وشيك بينما لا يوجد ما يدعمه.
كما يلفت إلى أن كثيرين من هؤلاء المحذرين أنفسهم كانوا عشية هجوم 7 أكتوبر/تشرين أول 2023 يعتقدون أن الوضع في غزة مستقر وأن حماس مردوعة، ما يكشف تناقضا في مواقفهم.
ويحذر الضابط السابق من أن الخطورة لا تكمن في صحة هذه التقارير من عدمها، بل في الدوافع وراءها، إذ يرى أنها قد تكون محاولة مدروسة لإحداث قطيعة بين إسرائيل ومصر خدمة لمصالح أطراف ثالثة، مستشهدا بما عرف سابقا بقضية "قطر غيت" التي تضمنت اتهامات للدوحة بالعمل على محاصرة وإضعاف الدور المصري في وساطة وقف إطلاق النار بغزة، وعملت تلك الأطراف في هذا الإطار أيضا على نشر معلومات كاذبة حول نوايا القاهرة الهجومية ضد إسرائيل.
ويقول ميلشتاين أنه "تبين أن مثل هذه التقارير بما في ذلك هجوم مصري محتمل على مفاعل ديمونا، كانت أخبارا كاذبة، أو طهي مواد قديمة".
في المقابل، يقر الخبير الإسرائيلي بأن العلاقات المصرية الإسرائيلية تمر فعليا بمرحلة تدهور، تعود أساسا إلى قلق القاهرة من أن إسرائيل تسعى إلى حل مشكلة غزة على حسابها عبر دفع السكان الفلسطينيين إلى سيناء.
ويقول إن هذا الخوف تعزز مع الخطط الإسرائيلية لاحتلال مدينة غزة من خلال عملية عربات جدعون 2 التي قال الاحتلال إنها تهدف لحشر سكان القطاع المهجرين في مناطق ضيقة جنوبه، إضافة إلى تصريحات إسرائيلية فُهمت في مصر على أنها تهديد مباشر.
ويسرد الكاتب أمثلة على ذلك، من بينها ارتداء نتنياهو قلادة تحمل خريطة "أرض الميعاد" التي تشمل أراضي مصرية، والمقابلة التي اتهم فيها القاهرة بعرقلة هجرة الغزيين، وكذلك اقتراح وزيرة إسرائيلية إقامة دولة فلسطينية في سيناء، وهي مواقف زادت قلق مصر من وجود "مؤامرة إسرائيلية" تستهدفها وفقا للكاتب.
ويرى ميلشتاين أن ما يفاقم الوضع هو "علاقة مهتزة وانعدام ثقة عميق بين قيادتي البلدين"، معتبرا أن هذه التركيبة الخطيرة يمكن أن تقود إلى سوء تقدير متبادل وربما إلى مواجهة عسكرية حتى دون رغبة أي طرف في خوضها، فإجراءات التأهب المصرية لمواجهة سيناريوهات انفلات في غزة -مثل اختراق الحدود أو تدفق اللاجئين- تُفسر في إسرائيل كتحضيرات هجومية، ما يثير ردودا تهديدية من جانبها، لتتدحرج كرة الثلج نحو صدام محتمل.
ويخلص إلى أن إستراتيجية إسرائيل القائمة منذ أشهر على الانتقال من "الاحتواء" إلى استعراض القوة في كل الساحات تنطوي على مخاطر كبيرة، لأنها قد تدفع نحو مواجهة غير ضرورية مع مصر، ما يهدد أحد أهم الأصول الإستراتيجية التي تمتعت بها إسرائيل طوال نصف قرن، في وقت تعيش فيه عزلة دولية وتواجه تحديات عسكرية داخلية معقدة وعلى رأسها حرب غزة.