استمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ عملياتها العسكرية المكثفة وحملات الاعتقال الممنهجة التي تطال كافة محافظات الضفة الغربية المحتلة، ويأتي هذا التصعيد الميداني المتواصل في وقت كشفت فيه الأمم المتحدة عن أرقام مقلقة تتعلق بتهجير ما يزيد عن ألف مواطن فلسطيني من أراضيهم ومنازلهم في المنطقة المصنفة "ج" منذ بداية العام الجاري، وهي المنطقة التي تسيطر إسرائيل عليها إدارياً وأمنياً وتشكل الغالبية العظمى من مساحة الضفة.
وتعيش مدن وبلدات ومخيمات الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، حالة من التوتر الدائم نتيجة الاقتحامات اليومية التي تنفذها آليات الاحتلال العسكرية، والتي تتخللها مواجهات عنيفة يستخدم فيها الجنود الرصاص الحي والأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط، إضافة إلى إغراق الأحياء السكنية بقنابل الغاز السام المسيل للدموع، مما يؤدي بشكل مستمر إلى وقوع إصابات وحالات اختناق في صفوف الشبان والمواطنين الآمنين في بيوتهم.
وفي تفاصيل التطورات الميدانية الأخيرة، اقتحمت القوات الإسرائيلية بلدة "دير سامت" الواقعة غربي محافظة الخليل، حيث داهم الجنود منزل عائلة الأسير العواودة وقاموا باعتقال والدته في خطوة اعتبرتها الفعاليات والمصادر المحلية وسيلة ضغط وابتزاز غير أخلاقية تمارسها سلطات الاحتلال لإجبار والد الأسير على تسليم نفسه.
وإلى الشمال من الضفة الغربية، شهدت بلدة بيتا جنوب نابلس اقتحاماً عسكرياً تخلله إطلاق كثيف لقنابل الغاز المسيل للدموع، مما أدى لاندلاع مواجهات مع الشبان في أحياء البلدة. وقد أسفر الاقتحام عن اعتقال مواطن فلسطيني بعد مداهمة منزله وتفتيشه، قبل أن تنسحب الآليات العسكرية بعد حوالي ساعة، بالتزامن مع تسيير دوريات راجلة ومحمولة ونشر جنود المشاة في محيط منطقة بيت إيبا غربي المدينة.
وفي سياق متصل، طالت الاقتحامات الإسرائيلية مخيم قلنديا للاجئين شمال القدس المحتلة، وتحديداً منطقة الكسارات، حيث أطلق جنود الاحتلال الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز بكثافة، ونفذوا عمليات تفتيش دقيقة لعدد من المنازل والمنشآت الصناعية في المنطقة قبل انسحابهم منها مخلفين حالة من الذعر بين السكان.
وعلى صعيد الإصابات والاعتداءات الجسدية، وثقت طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني إصابة سيدة فلسطينية برضوض وجروح نتيجة تعرضها للضرب المبرح والاعتداء من قبل جنود الاحتلال في مدينة دورا بالخليل جنوبي الضفة. كما أصيب شابان فلسطينيان خلال اقتحام قوات الاحتلال لمخيم الأمعري في مدينة البيرة، وسُجلت إصابة شاب آخر بالرصاص الحي في قرية شقبا غرب رام الله، حيث تم نقله لتلقي العلاج في المركز الطبي المحلي بالقرية.
وتأتي هذه الانتهاكات المتصاعدة في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، حيث تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن جيش الاحتلال والمستوطنين قتلوا في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر 2023 أكثر من 1092 فلسطينياً، وأصابوا ما يقارب 11 ألف مواطن بجروح متفاوتة، في حين تجاوزت حصيلة الاعتقالات حاجز الـ 21 ألف معتقل في سجون الاحتلال.
وفي ملف إرهاب المستوطنين، هاجمت مجموعات متطرفة من المستوطنين تجمع "خربة إبزيق" البدوي شمال شرق طوباس واعتدوا على السكان. كما جدد مستوطنون هجومهم على تجمع "الحثرورة" البدوي قرب الخان الأحمر شرق القدس المحتلة، حيث لاحقوا الشبان واعتدوا عليهم. وقد وفرت قوات الاحتلال الحماية للمعتدين وقامت بإغلاق مداخل التجمع والتحقيق مع السكان الذين حاولوا الدفاع عن أنفسهم. وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، نفذ المستوطنون 621 اعتداءً خلال شهر نوفمبر الماضي وحده، تنوعت بين الاعتداء الجسدي وتخريب الممتلكات.
وعلى الصعيد الدولي، سلطت الأمم المتحدة الضوء على سياسة التطهير العرقي الصامت، حيث أكد فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن إسرائيل هجرت أكثر من ألف فلسطيني من المنطقة "ج" هذا العام عبر سياسة هدم المنازل. وأوضح المسؤول الأممي أن الاحتلال يتذرع بعدم وجود تراخيص بناء إسرائيلية، وهي تراخيص يعد الحصول عليها أمراً شبه مستحيل للفلسطينيين، مشيراً إلى أن معدلات التهجير الحالية هي الثانية من حيث الارتفاع منذ عام 2009، مما يعكس استهدافاً ممنهجاً للوجود الفلسطيني في تلك المناطق.
المصدر:
القدس