آخر الأخبار

غزة تغرق في البرد: استشهاد 14 فلسطينياً وانهيار منازل تزامناً مع قرار أممي يطالب بفتح المعابر

شارك

ارتفعت حصيلة الضحايا في قطاع غزة جراء الأحوال الجوية القاسية، حيث ارتقى 14 مواطناً نتيجة البرد الشديد والأمطار الغزيرة، كما تعرض أكثر من 15 منزلاً للانهيار منذ بداية المنخفض الجوي "بيرون". يأتي هذا التدهور الميداني والإنساني في وقت صادقت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يلزم الاحتلال الإسرائيلي بفتح المعابر فوراً ودون شروط لإدخال المعونات الإنسانية العاجلة إلى القطاع المحاصر.

وأفادت مصادر طبية عاملة في مستشفيات القطاع بأن موجة البرد القارس أودت بحياة 14 شخصاً، من بينهم 6 أطفال، في حين تسببت السيول الجارفة في انهيار أكثر من 15 منزلاً في أحياء متفرقة من مدينة غزة. ويواجه النازحون الفلسطينيون ظروفاً كارثية داخل خيامهم المتهالكة التي لا تقوى على صد الرياح أو الأمطار، وسط انعدام شبه تام لوسائل التدفئة وحماية الأطفال، مما يفاقم من المأساة الإنسانية.

وفي شمال القطاع، رصدت المصادر الميدانية انهيار مبنى سكني متعدد الطوابق في منطقة مشروع بيت لاهيا، دون تسجيل إصابات بشرية، بينما تمكنت فرق الدفاع المدني وطواقم الإسعاف من انتشال جثامين أربعة شهداء، بينهم طفلان، بعد انهيار منزلهم في منطقة "بير النعجة" شمالي غزة، في مشهد يعكس هشاشة البنية التحتية بعد أشهر من القصف.

وتفاقمت معاناة مئات الآلاف من النازحين منذ يوم الخميس الماضي، حيث يعيشون لحظات عصيبة تحت وطأة المنخفض الجوي المستمر. ووفقاً لبيانات المكتب الإعلامي الحكومي، فقد تسببت الرياح العاتية ومياه الأمطار في غرق واقتلاع ما يزيد عن 27 ألف خيمة، مما ترك قاطنيها في العراء يواجهون مصيراً مجهولاً في ظل شح الإمكانيات.

وعلى الصعيد الدولي، صرح فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، بأن التقديرات تشير إلى تضرر أكثر من 140 ألف شخص جراء السيول التي اجتاحت ما يزيد عن 200 موقع لإيواء النازحين في غزة. وشدد المسؤول الأممي على ضرورة إزالة كافة العراقيل التي يضعها الاحتلال أمام وصول المساعدات، مؤكداً على أهمية استئناف عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) دون قيود لإنقاذ الأرواح.

وفي سياق متصل، أطلق جوناثان كريكس، المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في فلسطين، نداءً عاجلاً لزيادة تدفق المساعدات الإغاثية إلى القطاع. وأكد كريكس في تصريحات صحفية على الحاجة الماسة لتكثيف إدخال الملابس الشتوية والخيام الصالحة للسكن لحماية الأطفال والأسر من قسوة الشتاء التي تفتك بأجسادهم الضعيفة.

من جهتها، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن الكميات الشحيحة من مستلزمات الإيواء التي يُسمح بدخولها لا تلبي أدنى مقومات الحياة ولا تحمي من برد الشتاء. وأشارت الحركة إلى أن ارتقاء شهداء بسبب الغرق والبرد وانهيار المنازل هو دليل قاطع على استمرار حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وإن اختلفت الوسائل والأدوات المستخدمة لقتل الفلسطينيين.

ارتقاء شهداء بسبب الغرق والبرد وانهيار المنازل هو دليل قاطع على استمرار حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وإن اختلفت الوسائل والأدوات المستخدمة.

وتعيش قرابة 250 ألف عائلة فلسطينية في مخيمات النزوح ظروفاً مأساوية، حيث يفتقرون لأبسط مقومات الحياة والخدمات الأساسية نتيجة الحصار الإسرائيلي المطبق، ويواجهون خطر الموت برداً داخل خيام لا تصلح للسكن الآدمي، بحسب تحذيرات سابقة للدفاع المدني الفلسطيني.

سياسياً، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً صاغته النرويج، يطالب إسرائيل -بصفتها القوة القائمة بالاحتلال- بضمان التدفق الفوري وغير المشروط للمساعدات الإنسانية، وتوفير الغذاء والمياه والدواء والمأوى لسكان المناطق المحتلة. كما شدد القرار على وجوب حماية الطواقم الطبية والإغاثية، ومنع سياسات التهجير القسري والتجويع، وعدم عرقلة مهام المنظمات الدولية.

ورغم الدعوات الدولية والقرارات الأممية، لا تزال سلطات الاحتلال تضع العراقيل أمام وصول المساعدات الإنسانية. وتشير الإحصائيات إلى أن ما يدخل القطاع حالياً يقل بكثير عن الحد الأدنى اللازم لتلبية احتياجات نحو 2.4 مليون مواطن يعيشون كارثة إنسانية حقيقية في غزة، مما ينذر بتفاقم المجاعة والأمراض.

وعلى صعيد التحركات الدبلوماسية، أصدر وزراء خارجية كل من قطر والسعودية ومصر والأردن والإمارات وتركيا وإندونيسيا وباكستان بياناً مشتركاً أكدوا فيه أن دور "الأونروا" لا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله في رعاية اللاجئين الفلسطينيين. وأدان البيان بشدة اقتحام قوات الاحتلال لمقر الوكالة في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، واصفين ذلك بأنه انتهاك صارخ للقانون الدولي وتصعيد خطير.

في المقابل، هاجمت وزارة الخارجية الإسرائيلية القرار الأممي، واصفة المنظمة الدولية بأنها "مشوهة أخلاقياً"، وكررت مزاعمها حول ارتباط موظفي الأونروا بحركة حماس، وهي الاتهامات التي نفتها الوكالة والتحقيقات المستقلة مراراً. وتناغم الموقف الأمريكي مع الرواية الإسرائيلية، حيث اعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية أن قرار الجمعية العامة "غير جاد ومنحاز"، زاعمة أنه يستند إلى "ادعاءات كاذبة" ويبتعد عن المسار الدبلوماسي الفعلي.

يشار إلى أن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي منذ أكتوبر 2023، أسفرت حتى الآن عن ارتقاء أكثر من 70 ألف شهيد، وإصابة ما يزيد عن 171 ألف مواطن، فضلاً عن تدمير هائل طال 90% من البنية التحتية للقطاع، مخلفة خسائر مادية أولية تجاوزت 70 مليار دولار.

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا