آخر الأخبار

دور العثمانيين في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين.. كتاب جديد(2)

شارك

في هذا الجزء الثاني والأخير من قراءتنا لكتاب "خلاصة قصة فلسطين والصهيونية.. من جذور الصهيونية إلى طوفان الأقصى" للباحث محمد إلهامي، يواصل الكاتب التونسي توفيق المديني تسليط الضوء على واحدة من أكثر الحقب حساسيةً في تاريخ الصراع على فلسطين: الحقبة العثمانية المتأخرة، وتحديداً عهد السلطان عبد الحميد الثاني، الذي مثّل آخر السدود السياسية الصلبة في وجه المشروع الصهيوني الناشئ.

بعد أن تتبّع الجزء الأول الجذور الفكرية والسياسية للصهيونية، وتقلّبات المراحل التي مهدت لعودتها إلى الواجهة خلال القرن التاسع عشر، يأتي هذا الجزء ليكشف تفاعل الدولة العثمانية مع ذلك المشروع، وكيف واجه السلطان عبد الحميد الثاني ـ رغم أعوام الانحدار والضغوط الخارجية ـ محاولات هرتزل والدوائر الأوروبية لانتزاع اعتراف عثماني بكيان يهودي في فلسطين.

لا يكتفي المديني هنا بعرض سردية المواجهة بين هرتزل والسلطان، بل يفتح أيضاً ملفّات النفوذ الأوروبي، وأدوار القناصل، والفساد الإداري، ومحاولات التسلل اليهودي، وكيف استطاع العثمانيون ـ رغم الضعف ـ تعطيل كثير من خطط الاستيطان.

كما يتابع الكاتب التحولات التي تلت سقوط السلطان عبد الحميد، ليبيّن كيف انفرج الطريق أمام الحركة الصهيونية، وكيف انتقل المشروع من حالة الارتباك بعد وفاة هرتزل إلى مرحلة القوة مع حاييم وايزمان، في ظل انهيار الدولة العثمانية والحضور العسكري البريطاني المباشر في فلسطين.

يمثّل هذا الجزء إذاً نقطة الوصل بين عناد السلطان عبد الحميد في رفض التنازل عن فلسطين، وبين اندفاع المشروع الصهيوني في أوائل القرن العشرين مستنداً إلى القوة الاستعمارية الأوروبية، وصولاً إلى اللحظة التي أصبحت فيها إقامة “الدولة اليهودية” هدفاً قابلاً للتحقق.

بهذه القراءة، يستكمل المديني رسم لوحة تاريخية دقيقة تساعد القارئ على فهم كيف تقاطعت الإرادة الصهيونية مع الديناميات العثمانية والدولية، لينتقل المشروع من حلمٍ مُجهض عبر ثلاثة آلاف عام إلى واقع سياسي على الأرض بعد أقل من نصف قرن من رحيل هرتزل.

لقد حصل شعبي على هذه الإمبراطورية بإراقة دمائهم، وسوف نغطيها بدمائنا قبل أن نسمح لأحد باغتصابها منا.
القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا