آخر الأخبار

كارثة "ويندوز 11".. كيف تحولت الترقية إلى عبء على الكوكب؟

شارك

أثارت خطوة إعلان " مايكروسوفت " عن انتهاء الدعم الرسمي لنظام "ويندوز 10" جدلا واسعا، لأنها تعني توقف التحديثات الأمنية والدعم الفني المجاني.

ورغم أن إنهاء الدعم يُعد خطوة طبيعية في دورة حياة أي نظام برمجي فإن "مايكروسوفت" تواجه هذه المرة عاصفة من الانتقادات، ليس بسبب القرار في حد ذاته، بل بسبب طريقة فرض الانتقال إلى "ويندوز 11".

وظهر "ويندوز 10" إلى العلن قبل عقد من الزمن، وحظي باستخدام واسع في المنازل والشركات والمؤسسات الحكومية.

وتمثل نهاية الدعم نقطة تحول رئيسية في صناعة التكنولوجيا، حيث تجبر ملايين المستخدمين حول العالم على الترقية إلى "ويندوز 11" أو التخلي عن الأجهزة الحالية.

وتروج "مايكروسوفت" لنظام التشغيل "ويندوز 11" بصفته خطوة ضرورية لتعزيز الأمان والأداء، ولكن المتطلبات الصارمة للترقية تجعل ملايين الحواسيب غير متوافقة.

وأثارت هذه الترقية جدلا بشأن التقادم المخطط والمسؤولية البيئية للشركات الكبرى، وينظر العديد من المستخدمين إليها بصفتها كارثة بسبب تبعاتها البيئية والاقتصادية والاجتماعية الواسعة النطاق.

مصدر الصورة تروج "مايكروسوفت" لنظام التشغيل "ويندوز 11" بصفته خطوة ضرورية لتعزيز الأمان والأداء (غيتي)

أسباب انتهاء الدعم

ظهر "ويندوز 10" بصفته نظام تشغيل كخدمة، مع تحديثات مستمرة بدلا من إصدارات جديدة كبيرة، ووعدت الشركة بدعم طويل الأمد.

ومع ذلك، أعلنت الشركة في 2021 أن الدعم الرسمي ينتهي في أكتوبر/تشرين الأول 2025 مع كون "الإصدار 22 إتش2" (Version 22H2) الإصدار النهائي.

وتشير أرقام سبتمبر/أيلول إلى أن 4 من كل 10 مستخدمين لنظام "ويندوز" حول العالم ما زالوا يستخدمونه على الرغم من إطلاق خليفته "ويندوز 11" في عام 2021.

وتشمل أسباب "مايكروسوفت" الرئيسية لإنهاء الدعم التركيز على تطوير "ويندوز 11" الذي يدعم ميزات متقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، والحاجة إلى تقليل الدعم للإصدارات القديمة لتوفير الموارد.

إعلان

وتقدم "مايكروسوفت" برنامج "تحديثات الأمان الموسعة" (إي إس يو) الذي يوفر التحديثات الأمنية الحرجة والمهمة فقط، ولكن دون ميزات جديدة أو إصلاحات غير أمنية أو دعم فني للمشكلات العامة.

وتختلف التكلفة والمدة بشكل كبير حسب نوع المستخدم، سواء كان مستهلكا فرديا أم عميلا تجاريا مؤسسيا.

ومن أجل كسب ولاء قاعدة المستخدمين قدّمت الشركة خيار الحصول على تحديثات السنة الأولى مجانا، ولكن هذا الخيار ليس مجانيا بالكامل، إذ تشترط ربط الجهاز بخدمة "ويندوز باك أب" (Windows Backup) ومزامنة الإعدادات مع السحابة عبر خدمة "وان درايف".

وتتبّع الشركة سياسة تحويل الأمن إلى خدمة من خلال ربط التحديثات الأمنية المهمة باستخدام منظومتها السحابية.

وغالبا مما تتجاوز عمليات النسخ الاحتياطي الحد المجاني، مما يجبر المستخدم على شراء خطط تخزين شهرية أو سنوية، وبهذه الطريقة يتحول الخيار المجاني إلى عملية بيع لخدمات سحابية.

مصدر الصورة ظهر "ويندوز 10" بصفته نظام تشغيل كخدمة مع تحديثات مستمرة بدلا من إصدارات جديدة كبيرة ووعدت الشركة بدعم طويل الأمد (رويترز)

المتطلبات الصارمة تعيق التوافق

يفرض نظام "ويندوز 11" متطلبات تقنية صارمة، أبرزها دعم "الإقلاع الآمن" (Secure Boot) والجيل الثاني من "وحدة المنصة الموثوقة" (تي بي إم).

وتقتصر معالجات "إنتل" المدعومة على معالجات الجيل الثامن، في حين تشمل قائمة "إيه إم دي" (AMD) سلسلة "رايزن 2000" وما فوق.

وتدّعي "مايكروسوفت" أن هذه المتطلبات تعزز أمان النظام أمام هجمات معينة، مثل سرقة مفاتيح التخزين أو التلاعب بالبرمجيات على مستوى الإقلاع.

وظهرت شكوك بأن هذه المتطلبات ليست ضرورية وقابلة للجدل، حيث يعمل النظام عبر أجهزة لا تمتلكها، ولو من دون الاستفادة من بعض وظائف الأمان المتقدمة.

ونجح المستخدمون في تجاوز هذه المتطلبات وتشغيل "ويندوز 11" عبر أجهزة غير مدعومة باستخدام طرق رسمية وغير رسمية، مما يثبت أن النظام يعمل بدونها بلا مشاكل كبيرة.

ويوحي هذا أن المتطلبات قد تكون أداة لفرض التقادم المخطط، خاصة مع تخفيف "مايكروسوفت" بعض القيود في الإصدارات الأخيرة.

وأدت هذه المتطلبات إلى استبعاد ملايين الأجهزة وجعلها غير مؤهلة للترقية رغم أنها تفوق متطلبات الأداء الأساسية وقادرة على تشغيل المهام اليومية بكفاءة، مما يعزز الجدل بشأن الاستدامة.

ويرى البعض أن الهدف الحقيقي من فرض هذه المتطلبات هو التحكم في دورة حياة الأجهزة وتحفيز سوق الأجهزة الجديدة، وليس تعزيز الأمان.

وبدلا من أن يكون التحديث أداة لإطالة عمر الأجهزة وتحسين كفاءتها أصبح وسيلة لفرض تقادمها بشكل متعمد.

كارثة النفايات الإلكترونية

بحسب دراسة من شركة "كاناليس"، فإنه من المقدر أن تحول نهاية دعم "ويندوز 10" نحو 240 مليون جهاز حاسوب إلى نفايات إلكترونية، ويعادل هذا الرقم وزن 320 ألف سيارة.

وتتطلب عملية إعادة تدوير النفايات الإلكترونية طاقة كبيرة ومرافق متخصصة للتعامل معها بشكل آمن.

وعندما لا يعاد تدوير الأجهزة الإلكترونية ينتهي بها المطاف عادة في مكبات النفايات، حيث تتسرب مواد سامة، مثل الرصاص والزئبق والكادميوم إلى التربة.

إعلان

وتلوث هذه المواد الكيميائية التربة وتؤثر في جودتها، مما يجعلها غير صالحة للزراعة، كما أنها تشكل مخاطر على إمدادات مياه الشرب وعلى النظم البيئية المائية، وعلاوة على ذلك يطلق حرق النفايات الإلكترونية أبخرة ضارة في الغلاف الجوي.

وعبر العديد من المستخدمين عن معارضة هذا القرار معتبرين أنه بمثابة كارثة بيئية، مع دعوات لمقاطعة "مايكروسوفت" أو الانتقال إلى "لينكس" (Linux).

وتدعو حملات، مثل "مشروع ريستارت" إلى منع "مايكروسوفت" من إنتاج النفايات، لأن خطوة تقنية ظاهرها تحديث للأمان قد تتسبب في زيادة حجم النفايات الإلكترونية عالميا.

وفي وقت تتجه فيه الشركات التقنية الكبرى إلى تقليل بصمتها الكربونية تأتي خطوة "مايكروسوفت" لتناقض كل شعارات الاستدامة البيئية، وتحول التحديث البرمجي إلى كارثة بيئية.

ولا تقتصر آثار هذه السياسة على البيئة، بل تمتد إلى الاقتصاد، خاصة في الدول النامية حيث تعتمد على الأجهزة المستعملة، لأن شراء حاسوب جديد يكلف مئات إلى آلاف الدولارات.

ويشير العديد من المستخدمين إلى أن هذه الترقية القسرية غير مرغوبة، مع تفضيل البقاء على "ويندوز 10" رغم المخاطر.

مصدر الصورة يعرض "ويندوز 11" إعلانات مدفوعة وتوصيات تسويقية تظهر في أماكن لا ينبغي أن تكون مكانًا للترويج التجاري (غيتي)

مشاكل مايكروسوفت المستمرة

يواجه "ويندوز 11" انتقادات تتعلق بالخصوصية، حيث يجمع البيانات التشخيصية بكميات كبيرة ويرسلها إلى خوادم الشركة، دون شفافية كافية بشأن طبيعة هذه البيانات أو كيفية استخدامها.

ويواجه تطبيق "آوت لوك" الجديد اتهامات بأنه يحمّل جميع رسائل البريد الإلكتروني إلى خوادم الشركة للمسح بالذكاء الاصطناعي فور تسجيل الدخول بحساب بريد إلكتروني غير تابع لشركة مايكروسوفت.

كما يحتوي تطبيق "مايكروسوفت فوتوز" (Microsoft Photos) على زر تعديل يحمل الصور التي يشاهدها المستخدم إلى السحابة دون تأكيد أو موافقة صريحة.

ولا يقتصر الأمر على الدفع مقابل ترخيص نظام التشغيل، حيث يعرض "ويندوز 11" إعلانات مدفوعة وتوصيات تسويقية تظهر في أماكن لا ينبغي أن تكون مكانا للترويج التجاري.

واختبرت الشركة ظهور الإعلانات في قائمة ابدأ، كما تظهر الإعلانات والتنبيهات الترويجية عبر شاشة القفل، إلى جانب نوافذ منبثقة تحاول منع المستخدمين من التبديل إلى متصفحات غير "مايكروسوفت إيدج".

وتدمج "مايكروسوفت" أدواتها القائمة على الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها "كوبايلوت" (Copilot) وخدماتها السحابية "وان درايف" بشكل إجباري ومكثف، حيث يجري إقحام زر "كوبايلوت" في شريط المهام وفي أدوات البحث.

ويجبر الإصرار على دمج هذه الميزات المستخدمين على التفاعل مع منظومة "مايكروسوفت" السحابية والذكاء الاصطناعي حتى لو لم يرغبوا في ذلك.

ختاما، فإن نهاية دعم "ويندوز 10" ليست مجرد حدث تقني، بل كارثة بيئية ومالية تكشف عن سياسات التقادم المخطط في صناعة التكنولوجيا، في حين توفر "مايكروسوفت" فوائد أمنية، لكن الترقية إلى "ويندوز 11" تبدو غير ضرورية وغير مرغوبة للكثيرين مع بدائل مثل "لينكس".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار