فتح تعادل المنتخب المغربي لكرة القدم مع نظيره المالي، ضمن ثاني جولة من دور مجموعات كأس إفريقيا للأمم الباب أمام “قراءات نقدية متعددة” لأداء لاعبي “كتيبة الركراكي”، الطامحين إلى الظفر باللقب.
وقال مصطفى الهرهار، خبير رياضي، إن “أداء المنتخب كان جيدًا على مستوى المردود العام”، لافتا إلى أن الأرقام والإحصائيات تؤكد ذلك، سواء من حيث الاستحواذ أو عدد الفرص السانحة للتسجيل، حيث ظهرت مؤشرات إيجابية عديدة، ولا يمكن الحديث عن صورة سلبية أو “سواد” كما تم تداوله بعد المباراة.
وأضاف الهرهار، في تصريح لهسبريس، أنه “يجب وضع المباراة في سياقها العام؛ فهي مواجهة مصيرية في سباق التأهل، والمنتخب كان مطالبًا بالحفاظ على الصدارة. إضافة إلى ذلك، أُجريت المباراة في ظروف صعبة؛ أبرزها الضغط الجماهيري وقوة الخصم، إذ يُعرف منتخب مالي بقوته البدنية ومستواه التقني العالي”.
ومن الناحية التكتيكية، وفق المتحدث، “يمكن تسجيل بعض الملاحظات، خاصة فيما يتعلق بالتشكيلة الأساسية التي لم تكن موفقة بشكل كامل، وهو أمر تكرر في أكثر من مباراة؛ غير أن المدرب اعتاد تدارك هذه الاختيارات من خلال التغييرات، كما فعل خلال السنوات الخمس الأخيرة”.
وأبرز الخبير الرياضي ذاته أن نقاط الخلل “ظهرت في وسط الدفاع، خاصة بعد غياب بعض الركائز؛ ما خلق نوعًا من الارتباك وانخفاضًا نسبيًا في المستوى. كما أن بعض اللاعبين لم يكونوا في أفضل جاهزيتهم البدنية أو الذهنية، وهو ما انعكس على أدائهم داخل الملعب”.
وتابع الهرهار: “أما التغييرات، فلم تكن كلها ناجحة، خصوصًا مع إخراج لاعبين كانوا يشكلون مفاتيح اللعب خلال الشوط الأول؛ وهو ما أثّر على توازن الفريق في النصف الثاني من المباراة”.
وبيّن المتحدث أن كرة القدم تُلعب على 90 دقيقة، ولا يمكن الحفاظ على نفس الإيقاع العالي طوال اللقاء، إذ كان من الضروري في فترات معينة تهدئة اللعب وتأمين الدفاع وتدبير الجهد البدني للاعبين.
وأشار الهرهار إلى أنه رغم البداية القوية في الشوط الثاني وخلق فرص حقيقية للتسجيل، فإن المنتخب لم يُحسن تدبير الدقائق الأخيرة، ولعب بأسلوب مفتوح كأنه مطالب بالتسجيل، ما كان قد يكلفه الخسارة؛ مبرزا أن النتيجة تبقى رغم ذلك إيجابية بنسبة كبيرة، حيث إن المنتخب لا يزال في الصدارة بأربع نقاط، والتعثر جاء أمام خصم قوي وفي مرحلة المجموعات وليس في الأدوار الإقصائية.
من جانبه، أورد هشام رمرم، خبير رياضي، أن “الإشكال الحقيقي لا يكمن في النتيجة بحد ذاتها، بقدر ما يرتبط بالطريقة والأسلوب، وبسيناريو أصبح يتكرر أكثر من مرة؛ ما يخلق نوعًا من التخوف وعدم الاطمئنان لدى المتابعين”.
وأضاف رمرم، في تصريح لهسبريس، أن هذا السيناريو تكرر في منافسة يراهن عليها المغرب بقوة، خاصة بعد سلسلة من 19 مباراة دون هزيمة، التي جرى تسويقها كإنجاز كبير؛ غير أن أصواتًا عديدة، وفق المتحدث، رأت أن هذه السلسلة، رغم قيمتها الرقمية، لا تخفي حقيقة أن المنتخب لم يستقر بعد على تشكيلة قارة ولا على أسلوب لعب واضح المعالم.
وأردف الخبير الرياضي أن المنتخب المغربي عانى سابقًا أمام المنتخبات التي تعتمد الكتلة الدفاعية المتأخرة، وكان يجد صعوبة كبيرة في فك هذا النوع من الدفاعات، مشيرا إلى أنه حتى الفوز الأول أمام جزر القمر لم يكن مطمئنًا بالشكل الكافي؛ بل تم تجاوزه سريعًا دون أن يبدد هذه المخاوف.
وأوضح المتحدث أن ما زاد من حدة القلق هو مباراة مالي؛ فالخصم لم يكن متكتلًا دفاعيًا، بل لعب بأسلوب مفتوح نسبيًا. ومع ذلك ظهر المنتخب المغربي بنوع من الارتباك، سواء في التدبير التكتيكي أو في إدارة فترات المباراة، مع ملامح تردد وغياب ذلك الاطمئنان المطلوب من منتخب مرشح.
وتابع رمرم: “لكن من السابق لأوانه إصدار حكم نهائي، لأن المنافسة ما زالت في بدايتها، ولا خيار سوى الانتظار لرؤية ما سيقدمه المنتخب في الدور الثاني، إذ من الممكن أن يتحسن الأداء وتظهر صورة مختلفة، لكن التخوف ما زال قائمًا”.
وزاد الخبير الرياضي: “صحيح أن النتيجة الحالية تقرّب المنتخب المغربي من التأهل، وأن الرهان الآن قد يكون على إنهاء الدور الأول في المركز الأول أو الثاني أو حتى الثالث؛ غير أن المؤشرات توحي بوجود مشكل في إدارة اللعب وفي الاستقرار التكتيكي”.
وختم رمرم بالإشارة إلى أن هذا الإحساس بعدم الاطمئنان لن يزول إلا بظهور منتخب متوازن، واضح الهوية، واثق من نفسه في جميع أطوار المباراة، وقادر على التحكم في الإيقاع وفي مختلف مراحل المنافسة، لا فقط الاعتماد على النتائج الظرفية.
المصدر:
هسبريس