آخر الأخبار

منيب: "نيوليبرالية متوحشة" ترهن سيادة المغرب.. والوعي هو المخرج من "دائرة الفقر والتبعية"

شارك

شددت نبيلة منيب، البرلمانية الأمينة العامة السابقة للحزب الاشتراكي الموحد، على الدور الحيوي للشباب المغربي في ترسيخ الديمقراطية وتعزيز الوعي السياسي، مؤكدة أن التغيير الديمقراطي لم يبدأ اليوم، بل هو نتيجة تراكم سنوات من النضال والمقاومة ضد الفرص الضائعة والتوجهات المعاكسة لتحقيق العدالة الاجتماعية.

وقالت منيب في لقاء عقده فرع “الشمعة” بمقاطعة المنارة بمدينة مراكش، إن المغرب يعيش تحولات متسارعة على جميع الأصعدة، داخليا وخارجيا، منبّهة إلى أن المعرفة والوعي هما الأساس لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وأشارت إلى أن الشباب المغربي، وخصوصا جيل “جيل زد”، يمثل قوة ضاغطة يمكنها إعادة توجيه مسار البلاد نحو الديمقراطية والمواطنة الفاعلة، مستشهدة بحركات 20 فبراير وحراك الريف وجرادة، التي أظهرت قدرة المجتمع على النهوض ضد التهميش والفساد والاستبداد.

وأكدت منيب على أن الاستبداد والفساد ليسا محليين فقط، بل مرتبطان بمنظومة عالمية تتحكم في الاقتصاد والسياسة، داعية الشباب إلى التعلم واستثمار المعرفة كأداة مقاومة. وقدمت منيب ما سمتها “5C” كأساس للعمل السياسي والاجتماعي: المعرفة، الوعي التواصل، المقارنة والاستمرارية مؤكدة أن تفعيل هذه الركائز يمكن الشباب من فهم واقعهم، مواجهة التحديات، والمساهمة في صياغة بدائل ناجعة للتنمية الوطنية.

وفي جانب آخر من حديثها، انتقدت منيب السياسات الحكومية المتعاقبة التي لم تسهم في الحد من الفقر أو تعزيز العدالة الاجتماعية، مشيرة إلى أن الفساد يكلف الدولة نحو 50 مليار درهم سنويا، بحسب تقارير رسمية. وأوضحت أن الحكومة تركز على مشاريع كبرى وغالبا ما تهمل المقاولات الصغرى والمتوسطة، ما يفاقم الفوارق الاقتصادية ويحد من إمكانيات النهوض بالبلاد.

كما تناولت منيب ملف التعليم والصحة، معتبرة أن الخصخصة والتهميش في القطاعين العموميين أضعف الدولة، وأن تجربة بعض الوزراء في إدارة البرامج العمومية أظهرت غياب الاستعداد الحقيقي لتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، خاصة في الجهات المهمشة. وشددت على أن النهوض بالمدرسة العمومية والصحة العمومية ضرورة لاستعادة الثقة في الدولة، وتحقيق تنمية بشرية حقيقية.

في إطار التدخلات الدولية، أبرزت منيب أن المغرب يتأثر بقوى عالمية تتحكم في التكنولوجيا، الاقتصاد، وحتى السياسات الداخلية للدول، داعية إلى إعداد استراتيجية وطنية قائمة على المعرفة والوعي والتخطيط الاستراتيجي لمواجهة هذه الضغوطات. ولفتت إلى أهمية استغلال الثروات الطبيعية والموارد الاقتصادية الوطنية بشكل عادل لضمان استفادة جميع المواطنين، وتعزيز السيادة الوطنية.

وجهت نبيلة منيب، الأمينة العامة السابقة للحزب الاشتراكي الموحد، انتقادات لاذعة للوضع السياسي والحقوقي بالمغرب، واصفة المرحلة الحالية بـ”الردة السياسية” التي تضرب المكتسبات والحريات عبر ترسانة قانونية تخدم مصالح ضيقة، داعية المثقفين والشباب إلى الانخراط في معركة الوعي لمواجهة ما أسمته بـ”التحكم العالمي الجديد”.

ووصفت منيب الحكومة المغربية بـ”الضعيفة والمستسلمة”، متهمة إياها بالانخراط في تطبيق توجيهات خارجية وتشجيع “الفساد الداخلي” الذي يغذي الفساد الخارجي. كما حذرت من خطر “التبعية الرقمية” و”المنظومة المالية الدولية”، مؤكدة أن القوى العظمى والشركات التكنولوجية الكبرى باتت تتحكم في المعطيات الشخصية للمغاربة وفي خياراتهم المستقبلية، وصولا إلى مخططات “النقود الرقمية” التي اعتبرتها أداة جديدة للتحكم والسيطرة.

وعلى المستوى الدولي، اعتبرت منيب أن العالم يعيش مخاضا نحو “تعددية قطبية” قد تنهي غطرسة النيوليبرالية المتوحشة، مشيرة إلى أن روسيا استطاعت الصمود أمام الضغوط الاقتصادية والعسكرية الغربية بفضل مراهنتها على “العلم والمعرفة” وتكوين مئات الآلاف من المهندسين، وهو ما مكنها من تحقيق تفوق تكنولوجي فاجأ حلف “الناتو”. وأكدت أن بروز دول “البريكس” قد يخلق توازنا دوليا جديدا يخدم مصالح الشعوب “المستعبدة” اقتصاديا.

وفي خطاب مباشر الموجه للشباب المغربي، خاصة “جيل Z”، دعت منيب إلى التحرر من “سياسة الخوف” التي تُعتمد كطريقة للحكم العالمي. وحثت الشباب على التسجيل في اللوائح الانتخابية وامتلاك ناصية المعرفة، مؤكدة أن الجهل هو السلاح الذي تستخدمه السلطة لتهميش 3.5 مليون شاب مغربي خارج منظومات التعليم والشغل والتكوين.

ولم يخلُ خطاب منيب من التشكيك في دوافع جائحة كوفيد-19 وتدبير عملية التلقيح، واصفة إياها بـ”المفتعلة” والمبنية على “الترهيب”. وانتقدت صمت وزارة الصحة المغربية تجاه الدراسات الدولية التي تتحدث عن أعراض جانبية خطيرة، معتبرة أن “صناعة الخوف” و”الأخبار الزائفة” هي الأدوات الجديدة لتدجين الشعوب ومنعها من الفعل السياسي والاحتجاجي.

وشددت الفاعلة السياسية إلى أن الحل يكمن في بناء “المغرب الكبير” والتحالف مع العمق الإفريقي الغني بالثروات، شريطة التخلص من التبعية واعتماد استراتيجيات مبنية على البحث العلمي والسيادة الوطنية الحقيقية.

وختمت منيب كلمتها بالدعوة إلى المشاركة المكثفة في الانتخابات القادمة، والمراقبة الفعلية لنزاهتها، مؤكدة أن استرجاع السيادة الشعبية وتحقيق التغيير الديمقراطي يتطلب توحيد جهود جميع الحراكات الشعبية، من الأساتذة والممرضين والأطباء، وصولا إلى جميع الفئات الاجتماعية المحرومة والمظلومة، بما فيها أصحاب الأراضي التي سلبت منهم باسم المنفعة العامة.

وقالت: “اليوم أمامنا فرصة حقيقية للنهضة الديمقراطية، وليس مجرد انتخابات شكلية. علينا أن نضع أيدينا في أيدي الشباب والمجتمع المدني، لنصنع المستقبل، ونحمي بلادنا من سياسات التهميش والفساد المستمرة.”

العمق المصدر: العمق
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا