آخر الأخبار

حقوقيون: ملف "بوز فلو" يبعث "إشارات إيجابية" بشأن قضايا التعبير الفني

شارك

قال حقوقيون مغاربة إن الحكم بثلاثة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ، مع غرامة مالية نافذة قدرها 2000 درهم، في ملف مغني الراب جواد أسرادي، المعروف بلقب “بوز فلو”، يبعث “إشارات إيجابية” بشأن تفادي العقوبة السالبة للحرية في قضايا التعبير الفني، مشددين على ضرورة أن “يعكس توجهاً نحو الحد من اللجوء إلى الملاحقات القضائية في الملفات المرتبطة بحرية الرأي”.

وشدد الحقوقيون أنفسهم، في الوقت ذاته، على أن “هذا التقييم لا ينطوي بأي حال من الأحوال على تحقير المقررات القضائية”، مبرزين أن “أحد مقومات إرساء الديمقراطية في المغرب هو إبعاد سلاح القضاء كلياً عن الحريات الأساسية، ومنها حرية التعبير”، مع التأكيد على أن “الدفاع عن الحرية لا يمكن، بالمقابل، أن يُفهم كتسويغ للإساءة أو التجديف ضد حقوق الآخرين أو المساس بكرامتهم”.

وأبرز المتحدثون لهسبريس أن “المقاربة الحقوقية الرصينة تقوم على الموازنة بين صون حرية التعبير وضمان احترام باقي الحقوق والحريات”، موردين أن “النقاش العمومي حول مثل هذه القضايا ينبغي أن يظل مؤطَّراً بالمسؤولية، وباحترام القانون، وبالاحتكام إلى المعايير الحقوقية الدولية التي تجعل من الحرية قاعدة، ومن التقييد استثناءً مضبوطاً بضوابط دقيقة”.

“ضرورة إبعاد القضاء”

عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، قال إن “الحكم يطرح إشكالية أعمق من شخص أو قضية بعينها، فهو يعكس توتراً قائماً بين نصوص تحمي حرية التعبير وممارسات قضائية تميل أحياناً إلى تضييقها باسم النظام أو الاحترام”، وتابع: “لا نسعى إلى تبرير أي إساءة محتملة، بل نبتغي الدعوة إلى إعادة ترتيب الأولويات عبر حماية الحرية أولاً”.

وشدد تشيكيطو، في تصريحه لهسبريس، على “التدخل الزجري واجب فقط عند الضرورة القصوى، وبأضيق الحدود”، معتبراً أن “المقاربة الحقوقية لا تنطلق من تصور مثالي لحرية التعبير باعتبارها حقاً مطلقاً؛ فالمعايير الدولية نفسها تجيز فرض قيود عليها، ولكن بشروط صارمة: أن تكون القيود منصوصاً عليها في القانون، وضرورية، ومتناسبة، وتهدف إلى حماية مصلحة مشروعة كحقوق الآخرين أو النظام العام”.

وزاد المتحدث ذاته: “يبرز هنا السؤال الجوهري: هل كانت العبارات محل المتابعة تشكل خطراً حقيقياً ومحدداً على حقوق الغير أو على النظام العام؟ أم إنها تندرج في إطار نقد حادّ، صادم أحياناً، لكنه جزء من طبيعة هذا الفن الاحتجاجي؟”، مسجلاً أنه “لا يجب إغفال مبدأ التناسب الذي يُعد حجر الزاوية في أي تقييم حقوقي، فاللجوء إلى المتابعة الزجرية في قضايا التعبير، حتى مع وقف التنفيذ، يظل إشكالياً”.

وحذر الحقوقي ذاته من “الأثر التخويفي أو الردعي”، موضحاً أنه “حين يُتابَع فنان ما بسبب مضمون فني فإن الرسالة لا تُوجَّه إليه وحده، بل إلى مجمل الحقل الإبداعي، وقد تُفضي إلى رقابة ذاتية جماعية؛ ما يُعد في حد ذاته مساساً غير مباشر بحرية التعبير وحرية الإبداع، حتى لو كان الحكم موقوف التنفيذ”.

موقف بحدّين

عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، أفاد بأن الحكم الصادر في قضية المغني “بوز فلو” يمكن اعتباره إيجابياً من حيث تخفيف العقوبة وعدم سجن الفنان فعلياً وتجنيبه عقوبة سالبة للحرية، معتبراً أنه “لا ينبغي لذلك أن يحجب عنا جوهر النقاش أيضاً، وهو أننا نرفض تقييد حرية التعبير الفني أو النقد الاجتماعي”.

وأشار الخضري، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، إلى أن “المتابعات التي تمس حرية التعبير يجب أن تتم في سياق اجتهاد قضائي محايد ومستقل، دون ضغوط سياسية أو إعلامية”، مورداً أنه “يجب كذلك أن تتوفر فيها ضمانات المحاكمة العادلة، بما في ذلك تفسير واضح للنصوص القانونية المتضمنة، وفرصة حقيقية للدفاع، وشرح محدد لكيفية تحقق الضرر الفعلي الذي يدعيه المشتكي”.

وسجل الفاعل الحقوقي ذاته، من خلال هذه المحاكمة، أنه “كان الأجدر أن تكون هناك مراجعة للفصول القانونية المتعلقة بإهانة موظف أثناء مزاولته مهامه، بحيث تستجيب لحماية حرية التعبير دون الإضرار بحقوق الآخرين”، مشدداً كذلك على ضرورة أن “تُراعى المبادئ الدولية ذات الصلة عند التعامل مع فنانين يتناولون الواقع الاجتماعي والسياسي بكافة تعقيداته عبر أعمالهم الإبداعية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا