آخر الأخبار

القضاء: عدم تبرير الأحزاب لصرف الدعم العمومي "اختلاس للمال العام" موجب للعقاب

شارك

أيدت المحكمة الدستورية المقتضيات الجديدة الواردة في القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، والتي تفرض رقابة صارمة على الدعم المالي العمومي الموجه للحملات الانتخابية، معتبرة أن أي إخلال بتبرير أوجه صرف هذه المبالغ يقع تحت طائلة “اختلاس المال العام”.

وأوضحت المحكمة بمناسبة بثها في مدى مطابقة مشروع القانون التنظيمي المذكور للدستور، أنه “حيث يعود إلى المشرع، بمناسبة إقرار القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، اتخاذ تدابير تروم حماية صرف المال العام وتعزيز الرقابة عليه، سواء بالتنصيص على وجوب تبرير أوجه صرفه لدى المجلس الأعلى للحسابات المنوط به دستوريا فحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية (الفقرة الأخيرة من الفصل 147 من الدستور)، أو إرجاع المبالغ المعنية إلى الخزينة، وأن عدم تبرير صرف المبالغ المذكورة أو عدم إرجاعها إلى الحزينة، يُعد اختلاسا للمال العام يعاقب عليه طبقا للقانون، وذلك تخليقا للممارسة الانتخابية، وإعمالا لمبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة التي تعد من مرتكزات النظام الدستوري للمملكة”.

وشددت المحكمة في قرارها الأخير على أن الدعم المالي الذي تمنحه الدولة للأحزاب السياسية هو “مال عام” مخصص حصرا للمساهمة في التعبير عن إرادة الناخبين، ولا يصح توجيهه لغير الغايات التي مُنح من أجلها. وأوضح القرار أن مسؤولية السهر على صرف هذه المساهمات هي “مسؤولية مشتركة” تقع على عاتق الأحزاب السياسية والمترشحين الذين تقدموا باسمها على حد سواء.

وأقرت المحكمة دستورية المادة التي تُلزم وكلاء اللوائح والمترشحين بضرورة تبرير صرف المبالغ التي تلقوها من أحزابهم لدى المجلس الأعلى للحسابات، أو إرجاعها إلى خزينة الدولة في حال عدم صرفها. وجاء في منطوق القرار أن “عدم تبرير صرف المبالغ المذكورة أو عدم إرجاعها إلى الخزينة يعتبر اختلاسا للمال العام يعاقب عليه طبقا للتشريع الجاري به العمل”.

واعتبر القضاء الدستوري أن هذه التدابير الزجرية تندرج ضمن صلاحيات المشرع لتعزيز الرقابة على المال العام وتخليق الممارسة الانتخابية، تماشيا مع مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة التي كرسها دستور المملكة.

كما لفتت المحكمة إلى أن المجلس الأعلى للحسابات هو الجهة الدستورية المنوط بها فحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية، مؤكدة أن هذه المقتضيات تهدف بالأساس إلى صيانة صدق العمليات الانتخابية وضمان استغلال الموارد العمومية في المسارات الديمقراطية الصحيحة.

وفي السياق ذاته، زكت المحكمة الدستورية المقتضيات الجديدة المتعلقة بنظام المنازعات الانتخابية، والتي أحدثت تغييرا جوهريا في جهة الاختصاص بالنظر في الطعون المتعلقة برفض الترشيحات، محيلة إياها على القضاء الإداري بدلا من المحاكم الابتدائية العادية.

وبموجب المادة 87 المعدلة، أصبح الاختصاص في النظر في قرارات رفض الترشيحات الصادرة عن السلطات الإدارية موكولا إلى المحاكم الابتدائية الإدارية. كما أقر القانون إمكانية استئناف هذه الأحكام مباشرة أمام محكمة النقض، وهو ما اعتبرته المحكمة الدستورية “ضمانة قضائية قوية” تتيح للمترشحين المرفوضين سبل الانتصاف القانوني في أعلى مستويات الهرم القضائي.

وتضمن القانون مقتضى مثيرا يقضي باعتبار عدم بت محكمة النقض في الطعن داخل أجل 24 ساعة بمثابة “رفض للطعن”، وتثبيت للحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية الإدارية.

وأوضحت المحكمة الدستورية في تعليلها أن هذه الآجال القصيرة، رغم استثنائيتها، تبررها “طبيعة المسار الانتخابي” الذي يتطلب سرعة الحسم لضمان استقرار المراكز القانونية لباقي المترشحين، وضمان وحدة العملية الانتخابية وتسلسل مراحلها في آجال زمنية محددة دستوريا.

وفي سياق طمأنة المترشحين، أكد قرار المحكمة الدستورية أن هذه المساطر لا تصادر حق الأطراف في “الانتصاف النهائي”، حيث يظل من حقهم الطعن في صحة العمليات الانتخابية برمتها أمام المحكمة الدستورية بعد إعلان النتائج.

وأشار القرار إلى أن المحكمة الدستورية تملك صلاحية “بسط نظرها” على كافة الأعمال السابقة والممهدة للاقتراع، بما في ذلك قرارات رفض أو قبول الترشيحات، لضمان مطابقتها التامة للدستور وصيانة سلامة التمثيل الديمقراطي.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا