قالت النقابة الوطنية للعدول (UGTM) إنها وجهّت “مراسلات إدارية ذات طابع استعجالي” إلى مجموعة من المؤسسات الدستورية، تتضمن تحفظاتها حول العديد من المقتضيات القانونية المضمنة بمشروع القانون رقم 16.22 المنظم لمهنة العدول، تشمل تظلما لدى مؤسسة وسيط المملكة، مُتسلحةً بدراسة أنجزت من قبل مكتب دراسات متخصص، رصدت “إغفال التنصيص على تحسين الظروف”، وحذّرت من “تسقيف أتعاب العدول دون الموثقين، ما سيمُس المنافسة الحرة”.
وذكرت النقابة ذاتها، في بيان لها، أنها راسلت كلا من مؤسسة وسيط المملكة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والهيئة المكلفة بالمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والبرلمان بجميع مكوناته، “لأجل التدخل لإنصاف مهنة التوثيق العدلي وفق الصلاحيات الدستورية المسندة لهذه المؤسسات في الباب الثاني عشر (الحكامة الجيدة)، وتحديداً الفصل 154 من دستور المملكة المغربية وما بعده”.
وقال إدريس العلمي، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للعدول المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب: “هذه المراسلات التي تمّ توجيهها رسميا إلى المؤسسات الدستورية المذكورة، في العشرين من هذا الشهر، لم نتلق بعد ردا بشأنها”.
وأكد العلمي، في تصريح لهسبريس، أن المراسلات “تشمل تظلما لدى مؤسسة وسيط المملكة”، مُورداً أن النقابة تستند إلى “دراسة أنجزتها بواسطة مكتب دراسات متخصص، كشفت جملة من الملاحظات بشأن هذا القانون المصادق عليه من قبل الحكومة، الذي خالفت فيه المقاربة التشاركية”.
على صعيد الشكل تحدّثت الدراسة عن “وضع تمييز لمقتضيات تهم المرأة العدل، مقارنة بما هو معمول به في بعض المهن القانونية والقضائية، رغم وحدة الأدوار، إلا في ما يخص الحماية الصحية”، مُوردةً أن ذلك “ما أغفله المشروع، فلا توجد مقتضيات تهم التوقف عن مزاولة مهنة التوثيق العدلي من قبل المرأة العدل في حال الولادة مثلا”.
كذلك انتقدت الوثيقة، التي تتوفّر هسبريس على نسخة منها، “غياب أي تنصيص على مقتضيات تتعلق بتحسين ظروف عمل العدول لضمان قدرتهم على أداء مهامهم على أكمل وجه، وبأعلى مستوى من الكفاءة والمصداقية، بما يعزز ثقة المواطنين في العدول وفي النظام التوثيقي بأكمله”.
وجاء ضمن مذكرة التقديم أن وزارة العدل تشرف على مهنة العدول، وهو ما أوضحت النقابة الوطنية للعدول UGTM بشأنه أن “الخضوع لإشراف وزارة العدل إداريا وتنظيميا ورقابيا لا يعني عدم الاستقلالية المهنية في الأداء، كما أن الإشراف يجب أن يحمي العدول من التجاوزات والمنافسة غير القانونية، بما يعطي وثائقهم قوة إثبات أمام القضاء”، وأوضحت أن “المشروع لم يرفق بأي مذكرات تتعلق بدراسات ميدانية، ما جعل التحديث مبنيا على تقييم نظري فقط وليس على واقع ميداني”.
عن المضمون أشارت النقابة إلى أن “القانون الحالي يشير إلى أن مهنة العدول تتشكّل من عدلين أو أكثر”، وهو ما يوفر، بحسبها، “مرونة في ممارسة المهنة ويتيح توزيع المهام بشكل أفضل لتلبية حاجيات المرتفقين”.
وفي المقابل انتقدت الهيئة ذاتها أن “مشروع قانون العدول الحالي (16.22) يتضمن مقتضيات تضييقية تقصر عدد العدول على أربعة فقط، ما يمثل تراجعا عن النص الحالي ويحد من قدرة العدول على إنجاز المعاملات بسرعة وكفاءة، ويزيد الضغط على العدول الموجودين”.
كما اعتبر المصدر نفسه أن “مقاربة الإعفاء من اجتياز المباراة لمهنة التوثيق العدلي مقاربة غير دستورية لأنها تتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص والمنافسة العادلة الذي تكفله القوانين الأساسية للدولة”، وتساءل عن سبب “اختيار هيئة كتابة الضبط بالذات كجهة يمنح أفرادها هذا الإعفاء؟، وزاد: “هذا التساؤل يستدعي دراسة دقيقة للمبررات القانونية والفنية، خصوصا أن الاعتماد على الإعفاء قد يضعف الشفافية ويخلق تمييزا بين الفئات المتقدمة للمهنة”.
وعن أتعاب العدول سجّلت النقابة ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن مجلس المنافسة شدد على أن “تسقيف الأتعاب لا يمكن أن يطبق على العدول وحدهم دون الموثقين، إذ إن الأخيرين يتمتعون باستقلالية مهنية ويؤدون مهامهم وفق قواعد مختلفة عن العدول”.
ومن ثم، بحسب المصدر ذاته، فإن “أي محاولة لتسقيف أتعاب العدول بشكل منفرد قد تخل بمبدأ المنافسة الحرة وتؤثر على جودة الخدمات التوثيقية، كما أنها تتناقض مع الاعتراف بالوظيفة المستقلة للموثقين”.
المصدر:
هسبريس