خلد أعضاء جمعية “الواحة الخضراء”، يوم 21 دجنبر 2025، ذكرى مرور عشر سنوات من جهود خدمة سكان دوار تلاكلو بجماعة تغبالت بإقليم زاكورة، حيث تجثم مختلف إكراهات المغرب العميق من عزلة وتهميش على صدر إنسان الهامش.
وشكل الاحتفال بمرور 10 سنوات على تأسيس الجمعية لحظة اعتراف جماعي بمسار طويل من العمل التطوعي الجاد، وفرصة لاستحضار منجزات راكمتها الجمعية منذ سنة 2015، في سياق محلي صعب، ووسط منطقة قروية نائية عانت طويلا من الهشاشة وقلة الإمكانات.
ويؤكد أعضاء “الواحة الخضراء” ومؤسسوها أنها وُلدت من رحم المعاناة، وفي بيئة تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الاجتماعية والتربوية، حيث كان التحدي الأول هو إثبات الوجود وبناء الثقة داخل النسيج المحلي، موضحين أنهم اصطدموا خلال التأسيس بقلة الموارد وضعف الدعم، لكن صلابة إرادتهم حولت الصعوبات إلى حافز للاستمرار والعطاء.
وخلال عشر سنوات من العمل المتواصل، تمكنت الجمعية من تنظيم ما مجموعه 132 نشاطا، توزعت على مجالات متعددة، واستهدفت مختلف شرائح المجتمع من أطفال وشباب ونساء ورجال، دون تمييز، بحسب ما كشف تقرير للجمعية.
ففي المجال الصحي، ساهمت الجمعية في تقريب الخدمات الصحية من الساكنة، من خلال تنظيم حملات لقياس داء السكري وضغط الدم، وقوافل لتصحيح النظر لفائدة التلاميذ، إلى جانب أنشطة تحسيسية وتكوينية في مجال الصحة لفائدة بعض الفتيات، خاصة في ظل بعد القرى عن المراكز الصحية.
أما في مجال التربية والتعليم، فقد شكل هذا المحور إحدى أولويات الجمعية، حيث اشتغلت على برامج المواكبة التربوية، والدعم المدرسي، والتربية غير النظامية لفائدة الأطفال المنقطعين عن الدراسة. كما نظمت أنشطة ثقافية وتربوية احتفالا بالمناسبات الوطنية والدينية، بهدف ترسيخ قيم المواطنة والانتماء لدى التلاميذ وعموم الساكنة.
وفي المجال الاجتماعي، اضطلعت “الواحة الخضراء” بأدوار تضامنية مهمة، حيث ساهمت خلال عدة سنوات في توزيع قفف رمضان لفائدة الأسر المعوزة، وتوفير كسوة العيد لبعض المحتاجين، خاصة الأطفال، فضلا عن مساعدة عدد من الحالات الاستشفائية على مستوى الجماعة، عبر تقديم دعم مادي ومعنوي للأسر التي تواجه صعوبات في تحمل تكاليف العلاج، بما يعكس البعد الإنساني العميق لعمل الجمعية.
أما في المجال البيئي، فقد ساهمت الجمعية في تهيئة بعض الفضاءات الخضراء، وإصلاح عدد من نقط الماء، والمشاركة في مبادرات محلية تهدف إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية، ونشر الوعي البيئي داخل الوسط القروي.
وكان أيضا للمجال الرياضي نصيب من نشاط الجمعية، حيث نظمت دوريات في كرة القدم لفائدة الفتيان والفتيات، كما حضر التكوين أيضا بقوة ضمن أنشطتها، إذ نظمت الجمعية وشاركت في عدة دورات تكوينية لفائدة الشباب في مجالات متعددة، من بينها الاستعداد لمباريات التعليم، حيث استفاد من هذه التكوينات حوالي 1000 مستفيد خلال خمس سنوات متتالية، وهو رقم يعكس حجم الأثر التربوي الذي راكمته الجمعية.
وفي مجال محاربة الأمية، ساهمت الجمعية في تكوين الآلاف من المستفيدين، خاصة من النساء، عبر برامج تعليمية مكنت من الإدماج الاجتماعي والاقتصادي، وفتحت آفاقا جديدة أمام الفئات الهشة. كما أسست الجمعية مكتبة مفتوحة لفائدة تلاميذ الباكالوريا وعموم الساكنة، في خطوة تروم تشجيع القراءة، وتوفير فضاء معرفي داخل الدوار، رغم محدودية الإمكانيات.
ومن بين العوامل الأساسية التي ساعدت الجمعية على الاستمرار في العطاء وتوسيع دائرة تدخلها، يقول مؤسسوها، اعتمادها على منطق الشراكة كرافعة للتنمية المحلية. فقد نجحت في عقد ما يقارب 20 اتفاقية شراكة مع مؤسسات عمومية رسمية، وجماعات ترابية، ومصالح خارجية، إضافة إلى جمعيات محلية ومدنية، وهو ما مكنها من تقوية قدراتها التنظيمية وتنويع برامجها ومشاريعها.
ولم يقتصر أثر هذه الشراكات، بحسب المصدر ذاته، على الجانب الاجتماعي فقط، بل امتد إلى المجال الاقتصادي، حيث ساهمت في توفير حوالي 70 فرصة شغل خلال عشر سنوات، عبر إدماج أطر تربوية وتكوينية وإدارية، مما وفر مصدر دخل لعدد مهم من المستفيدين وأسهم في التخفيف من حدة البطالة داخل المجال القروي.
ورغم هذه الحصيلة “الإيجابية”، يقول أعضاء الجمعية، إنها لا تزال تواجه تحديات مستقبلية، في مقدمتها إشكالية المقر، فإلى حدود اليوم، تشتغل داخل مقر صغير تم توفيره بفضل مبادرة أحد المحسنين، مؤكدين أن هذا الفضاء لم يعد يلبي حجم الأنشطة المتنامية، ولا يستجيب لطموحات الجمعية ولا لانتظارات الساكنة والمستفيدين.
ويعتبر أعضاء الجمعية أن أبرز ما يميز تجربة “الواحة الخضراء” هو تنوع تركيبتها البشرية، حيث يضم مكتبها المسير ذكورا وإناثا، ويعكس تمثيلية حقيقية لمختلف فئات المجتمع، “مما ساهم في توسيع دائرة الاستهداف لتشمل الأطفال، الشباب، النساء، والرجال، بروح تشاركية قائمة على التطوع وخدمة الصالح العام”.
المصدر:
العمق