لم يكن احتضان المملكة المغربية لبطولة كأس إفريقيا للأمم مجرد موعد رياضي عابر؛ بل شكلت لحظة اختبار عالمي وضعت البلاد تحت مجهر الصحافة الدولية، من خلال عناوين لافتة وتحليلات معمّقة وتقارير ميدانية تقاطعت في مجملها عند فكرة واحدة مفادها أن المغرب لا يستضيف بطولة قارية فقط، بل يقدّم عرضا متكاملا لقوته التنظيمية ورهانه الاستراتيجي طويل الأمد على استثمار مؤهلاته وتطوير رياضته بجعلها رافعة للتموقع الإقليمي والدولي.
في هذا الصدد، وتحت عنوان “هذا الوقت لإفريقيا”، أكد موقع “زاروبجوم” الروسي أن “بطولة كأس إفريقيا للأمم التي تستضيفها المغرب من المنتظر أن تتحول إلى واجهة مشرقة للقارة الإفريقية، ليس على الصعيد الرياضي فحسب؛ بل أيضا على المستويين الاقتصادي والسياحي. وبالنسبة للمغرب، ستشكل هذه البطولة اختبارا مهما لمدى جاهزيته لأفق 2030، بينما قد تمثل للمنتخب المغربي ذروة محتملة لأحد أكثر الأجيال موهبة في تاريخه”.
وأضاف الموقع ذاته أن “التحدي في هذه البطولة لن يقتصر على المرشحين البارزين فقط، إذ ستدخل العديد من المنتخبات الإفريقية الأخرى المنافسة بتشكيلات تضم لاعبين أقوياء وموهوبين يُنتظر منهم تقديم كرة قدم عالية الجودة”، مشددا على أن “كأس إفريقيا للأمم قد تكون فرصة مثالية لاكتشاف مسابقة قارية بطابعها الخاص، في قارة تشهد اليوم تقدما ملحوظا”.
وضمن تقرير طويل له، سجل موقع “ذا أثليتيك” أن “استثمار الملك محمد السادس في الرياضة أسهم في ترسيخ موقع المغرب كركيزة أساسية لكرة القدم الإفريقية؛ فالبلاد ستستضيف بشكل مشترك كأس العالم سنة 2030، كما تُشيّد حاليا ملعبا جديدا يحمل اسم الملعب الكبير الحسن الثاني ضواحي الدار البيضاء، وقد يحتضن المباراة النهائية. وبسعة تصل إلى 115 ألف متفرج، يُتوقّع أن يكون الأكبر في العالم”.
وتابع بأن “النقاشات حول الرياضة في المغرب تزيد من الضغط على هذا البلد المضيف، الذي لم يحرز لقب كأس إفريقيا للأمم منذ عام 1976، ولم يبلغ النهائي منذ 2004″، مبرزا أن “وليد الركراكي، مدرب المنتخب المغربي، كان ظهيرا قويا خلال مسيرته لاعبا في الدوري الفرنسي؛ لكنه تألق بشكل لافت منذ توليه قيادة المنتخب الوطني عام 2022. فعلى الرغم من أن الاستثمار الكبير في كرة القدم بالمغرب يعود إلى أكثر من عقد، فإن الإمكانيات الحقيقية للتألق على الساحة الدولية لم تبدُ ملموسة إلا في عهده”.
ولفت موقع “ذا أثليتيك” إلى أن “الرباط هي العاصمة الإدارية للمغرب، لكن الدار البيضاء تُعد روحه الثقافية وعاصمته الكروية التقليدية وموطن أكثر الأندية شعبية. وبسبب حجم الأشغال التي عرفتها الملاعب خلال السنوات الأخيرة، لعب المنتخب المغربي مباريات في مختلف أنحاء البلاد؛ غير أن المنظمين كانت لهم رؤية أخرى، رغم أن الدار البيضاء بدت خيارا طبيعيا لاحتضان مباريات المنتخب في هذه النسخة من الكان”.
وزاد: “ستستضيف الدار البيضاء ثماني مباريات خلال الشهر المقبل؛ لكن في حال تصدر المغرب مجموعته، كما هو متوقع، فسيبقى في الرباط طيلة البطولة. وقد دافع مدربون سابقون عن إقامة المباريات في الدار البيضاء لما تخلقه من أجواء ترهيبية للمنافسين والحكام؛ غير أن مسار تطوير كرة القدم المغربية قادته نخبة تقنية في الرباط، بعيدة نسبيا عن الجماهير المتوترة والانتقادات ومصادر التشويش”.
في سياق متصل، قال موقع “سبورت 1” الألماني إنه “لا شيء يهم بالنسبة للمضيف المغرب في كأس إفريقيا للأمم سوى اللقب. ومع اقتراب أفق كأس العالم 2030، التي سينظمها المغرب إلى جانب البرتغال وإسبانيا، تتكرّس صورة قوة كروية صاعدة على الساحة العالمية”.
وشدد الموقع الألماني سالف الذكر المتخصص في الرياضة على أن “الفوز يُعد أمرا محسوما من وجهة نظر البلد المضيف. أما الانفراج الحقيقي للضغط، فلن يحدث إلا إذا تُوّج المغرب فعليا باللقب في 18 يناير، للمرة الثانية في تاريخه بعد إنجاز 1976”.
أما صحيفة “اليوم السابع” المصرية، فسلطت الضوء على مقصية اللاعب أيوب الكعبي في مرمى المنتخب القمري، إذ قالت: “بهذا الهدف، حسم الكعبي مبكرا سباق المنافسة على جائزة أفضل هدف في البطولة، بعدما خطف الأضواء من المباراة الافتتاحية، وسط إشادات واسعة من الجماهير والمتابعين”.
وأضافت الصحيفة المصرية عينها، ضمن مقال بعنوان “المقصيات ماركة مسجلة باسم أيوب الكعبي مع منتخب المغرب”، أن “هذا الهدف هو ثاني أهداف أيوب الكعبي بطريقة المقصية مع منتخب المغرب خلال عام 2025، بعدما سجل بالأسلوب ذاته في شباك منتخب بنين”، مبرزا أن “الكعبي يؤكد من خلال هذا الهدف جاهزيته لقيادة هجوم “أسود الأطلس” في مشوارهم القاري، مع انطلاقة قوية تبعث برسائل طمأنينة للجماهير المغربية قبل استكمال مشوار البطولة”.
المصدر:
هسبريس