تزامنا مع استضافة المغرب لنهائيات كأس الأمم الإفريقية 2025، أصدر البنك الدولي تقريرا حديثا أشاد فيه بما وصفها بـ”القفزة النوعية” التي حققتها المملكة في البنية التحتية لقطاع النقل والتنقل، مؤكدا أن هذه الإنجازات لا تقتصر على كونها مشاريع عمرانية فحسب، بل تمثل رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
التقرير الذي نُشر يوم الخميس الماضي، تحت عنوان “طرق الصمود: قوة النقل والوظائف في المغرب واليمن”، اعتبر أن الاستثمار في قطاع النقل بات يشكل “العمود الفقري” للاقتصادات الحديثة.
وأوضح البنك الدولي أن رؤية المغرب تجاوزت المفهوم التقليدي للنقل (مجرد طرق وجسور) لتجعله شريانا أساسيا يربط المواطنين بالفرص، والسلع بالأسواق، والمجتمعات ببعضها البعض.
وأكدت المؤسسة المالية الدولية أن تحسين شبكات النقل في السياقات الحضرية المتسارعة النمو، يساهم بشكل مباشر في كسر العزلة، وتسهيل الوصول إلى الخدمات الأساسية والوظائف، مما يضمن استمرار النشاط الاقتصادي ومرونته حتى في أوقات الأزمات.
وسلط التقرير الضوء بشكل خاص على الإنجازات المحققة في الحواضر المغربية الكبرى، مدعومة بـ”برنامج النقل الحضري الوطني”، وخص بالذكر مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، التي شهدت تحولا جذريا بفضل مشاريع مثل خط النقل السريع بالحافلات (BRT) الجديد.
وأشار التقرير إلى أن التكامل بين شبكات النقل المختلفة (الترامواي، الحافلات، والحافلات عالية الجودة) في كل من الدار البيضاء والرباط وأكادير، قد أثمر عن نتائج ملموسة، أبرزها توفير ما يقارب 20 دقيقة يوميا من وقت المستخدمين في التنقل والانتظار.
واعتبر البنك الدولي أن هذا “الربح الزمني” ليس مجرد رقم، بل هو حافز يشجع الباحثين عن عمل على توسيع دائرة بحثهم الجغرافي وقبول فرص عمل أبعد عن محلات سكنهم، بفضل توفر نقل سريع وموثوق.
ولم يكتفِ التقرير بالأرقام، بل استند إلى شهادات حية تعكس الأثر الاجتماعي لهذه المشاريع، مقدما قصة “يوسف” من مدينة أكادير، الذي أكد أن الممرات النقلية الجديدة سهلت وصوله إلى مقر عمله والخدمات الحيوية.
وفي السياق ذاته، عبرت “سلمى”، وهي متدربة شابة، عن تفاؤلها بمستقبلها المهني، مشيرة إلى أن خيارات النقل الحديثة مكنتها من الالتحاق بمركز للتدريب المهني بعيد عن منزلها، وهو ما لم يكن متاحا بسهولة في السابق.
وأفرد التقرير حيزا هاما للحديث عن معايير الأمان والشمولية، مؤكدا أن تصميم الشبكات الجديدة في المغرب أخذ بعين الاعتبار حماية المشاة وراكبي الدراجات والركاب على حد سواء.
ولفت الانتباه إلى التجهيزات الحديثة مثل الإضاءة الجيدة للمحطات، ونشر كاميرات المراقبة، وتواجد الموظفين الميدانيين، مما جعل التنقل الحضري أكثر أمانا، خاصة للفئات الهشة.
وبلغة الأرقام، كشف البنك الدولي أن هذه المشاريع عادت بالنفع المباشر على نحو 158 ألف شخص، تشكل النساء منهم نسبة وازنة بلغت 45%، مما يعكس التزام المغرب بتحقيق نمو عادل وشامل يُدمج المرأة في الدورة الاقتصادية.
وعلى الصعيد البيئي، نوه التقرير بمساهمة تحسين النقل الحضري في تحقيق أهداف المغرب المناخية، من خلال توفير بدائل نقل عام نظيفة وبأسعار معقولة، مما يقلل الاعتماد على السيارات الخاصة ويخفض الانبعاثات الكربونية.
المصدر:
العمق