أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن الإيجار السريع عبر الإنترنت يخضع لإطار قانوني متكامل يجمع بين التشريعات المنظمة للتعاقد الإلكتروني وتلك المؤطرة لخدمات الإيواء السياحي، بما يضمن الأمن التعاقدي وحماية المستهلك ومواكبة التحولات الرقمية والاقتصادية التي يعرفها المجتمع المغربي.
وأوضح وهبي، في معرض جوابه على سؤال كتابي وجهته النائبة لطيفة أعبوث عن الفريق الحركي بمجلس النواب حول الإيجار السريع عبر الإنترنت وسبل تقنينه وتنظيمه، أن المشرع المغربي نظم العلاقات التعاقدية وأقر تشريعات خاصة بها، إذ إلى جانب التعاقد التقليدي لإبرام عقود الكراء السكني وفق النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، عمل على مسايرة التحولات الاقتصادية والاجتماعية وتسهيل التعاقد بالوثائق الإلكترونية استجابة للتطور الحاصل في مجال تكنولوجيا المعلومات.
وأشار وزير العدل إلى أن هذا التوجه تُوّج بإصدار القانون رقم 05.53 الصادر في 30 نونبر 2007 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، الذي حدد النظام القانوني المطبق على المعطيات القانونية المتبادلة بطريقة إلكترونية، وأقر المعادلة القانونية بين الوثائق المحررة على الورق وتلك المعدة على دعامة إلكترونية، ونظم كيفية إبرام العقد إلكترونيا وصحة المحررات الرقمية أو الموجهة بطريقة رقمية، مع الاعتراف بالتعاقد الإلكتروني، الذي يمكن أن يشمل الكراء السكني السريع سواء القصير أو المتوسط الأمد، كوسيلة من وسائل الإثبات القانونية.
وأضاف وهبي أن هذا الإطار القانوني يتكامل مع القانون رقم 43.20 المأمور بتنفيذه بموجب الظهير الشريف رقم 1.20.100 الصادر في 13 دجنبر 2020، والمتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية، والذي يهدف إلى تحديد النظام المطبق على خدمات الثقة ووسائل وخدمات التشفير وتحليل الشفرات، وكذا العمليات المنجزة من قبل مقدمي خدمات الثقة والقواعد الواجب التقيد بها من لدنهم ومن لدن أصحاب الشهادات الإلكترونية.
وحسب المسؤول الحكومي فيبين هذا القانون شروط صحة الوثائق الرقمية وأمانها وخدمات الإرسال الإلكتروني، ويشمل كل تبادل أو مراسلة أو عقد أو وثيقة أو معاملة تبرم أو تنفذ بطريقة إلكترونية كليا أو جزئيا.
وأبرز وزير العدل أن القانون ذاته يحدد اختصاصات السلطة الوطنية لخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية باعتبارها جهازا حكوميا يسهر على ضبط وتدبير نظام المصادقة على التوقيع الإلكتروني للمتعاقدين، ضمانا للنزاهة والشفافية في المعاملات الإلكترونية.
وأشار إلى أن هذه المهمة تضطلع بها المديرية العامة لأمن ونظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني، وفقا لمقتضيات المرسوم رقم 2.22.687 الصادر في 16 نونبر 2022 بتطبيق القانون رقم 43.20.
وشدد وهبي على أن حماية المستهلك في مجال التعاقد الإلكتروني، ولاسيما في الإيجار السكني الذي يقبل عليه الزبناء المغاربة والأجانب، تشكل أمرا جوهريا في ظل تأثير التطور التكنولوجي على التفاعلات الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما دفع المشرع إلى سن آليات حمائية توفر الأمن التعاقدي في جميع المراحل، من الإشهار والتعاقد إلى تنفيذ بنود العقد، وذلك عبر آليات قانونية تهدف إلى تنزيل مقتضيات التصديق الإلكتروني لضمان الثقة في المعاملات الإلكترونية، من خلال التأكد من هوية المرسل والمرسل إليه وسلامة محتوى الوثيقة الرقمية.
وأكد وزير العدل أن المنظومة التشريعية الحالية تسهم في تسريع الانتقال الرقمي والاستفادة من فرص التنمية التي تتيحها التكنولوجيات الحديثة، وتشجع على اللجوء إلى الرقمنة في مجال التعاقد السريع عبر الإنترنت، مع الرفع من مستوى الثقة ونزع الطابع المادي عن المعاملات المدنية دون المساس بآثارها القانونية، وتعزيز فعالية الخدمات الرقمية العمومية والخاصة.
وبخصوص التعاقد عن بعد، أوضح وهبي أنه يخضع لمقتضيات القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، لاسيما الفصل 65 مكرر 1 الذي يجيز استخدام الوسائل الإلكترونية لوضع عروض تعاقدية أو معلومات متعلقة بسلع أو خدمات رهن إشارة العموم قصد إبرام العقود، والفصل 417 مكرر 1 الذي يقر بأن الوثائق المحررة على دعامة إلكترونية تتمتع بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثائق المحررة على الورق.
وفي السياق ذاته، أبرز وزير العدل أن الإيجار السريع عبر الإنترنت يندرج ضمن خدمات الإيواء السياحي، التي تتميز بقصر مدة المبيت، وقد نظمها المشرع المغربي بموجب القانون رقم 80.14 المتعلق بالمؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي الأخرى، وكذا مرسومه التطبيقي رقم 2.23.441 الصادر في 13 يوليو 2023، الذي حدد القواعد القانونية المؤطرة لمزاولة هذه الخدمات، وأشكالها التي تشمل الفنادق، والأندية الفندقية، والإقامات السياحية، ودور الضيافة والرياضات والقصبات والملاجئ والنزل والمخيمات، إضافة إلى أشكال أخرى كالمخيم المتنقل، والإيواء عند الساكن، والإيواء البديل.
وأشار وهبي إلى أن هذه الأشكال تخضع لضوابط قانونية صارمة، من بينها الحصول على ترخيص مرفق بدفتر تحملات مع مراعاة القوانين واحترام النظام العام، وإلزامية إبرام عقد تأمين عن مخاطر الحريق وسرقة أمتعة الزبناء والمسؤولية المدنية وتجديده بانتظام، فضلا عن التقيد بأحكام حرية الأسعار والمنافسة وحفظ الصحة والشغل والسلامة والبيئة، وحسن تدبير عمليات الحجز واحترام الالتزامات المتعهد بها عند تأكيد الحجز.
ووفق المصدر ذاته، يلتزم مستغلو مؤسسات الإيواء السياحي بالتصريح اليومي لدى الإدارة، عبر معالجة إلكترونية، بالمعطيات المتعلقة بالزبناء العابرين أو المقيمين يوم وصولهم، مع احترام المقتضيات القانونية المتعلقة بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
ولفت وزير العدل إلى أن القانون رقم 80.14 يتضمن، في بابه الخامس، مقتضيات تتعلق بالمخالفات والعقوبات، تنص على الغرامات والتدابير الزجرية المطبقة عند مخالفة الضوابط القانونية المؤطرة لخدمات الإيواء السياحي.
وختم وهبي جوابه بالتأكيد على أن الإيجار السريع عبر الإنترنت يعد من خدمات الإيواء السياحي المؤطرة بالقانون رقم 80.14، وأن العقود الإلكترونية المنظمة لهذا النوع من المعاملات تخضع لمقتضيات القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، والقانون رقم 43.20 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية، بما يضمن إطارا قانونيا واضحا لتنظيم هذا النشاط وحماية جميع الأطراف المتدخلة فيه.
المصدر:
العمق