اعتبر نقابيون وفاعلون مدنيون في مجال الهجرة بالمغرب، الخميس، أن “المغرب نجح في إحداث تحول جذري في إدارة الهجرة بفضل رؤية ملكية تسند تحويلها إلى فرصة حقيقية لتنمية القارة، وتحترم حقوق وكرامة المهاجرين”.
وشدد هؤلاء المتحدثون خلال لقاء نظمته المنظمة الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للعمال المهاجرين بالمغرب، بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان وجمعيات مدنية، قارب موضوع “المغرب ملتقى التبادلات متعددة الثقافات.. فضاء للترحيب والضيافة والرياضة والاندماج الاجتماعي”، على أن “ثمّة تحديات إدارية تعوق تجديد إقامة المهاجرين، وولوجهم عالم ريادة الأعمال وتأسيس التعاونيات”.
علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، قال إنه رغم مصادقة عدد من الدول على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين، إلا أن هذه الفئة ما زالت تواجه عبر العالم، بما في ذلك المغرب، “تحديات كبرى، منها الاستغلال والتمييز وظروف العمل الهشة، والأجور الهزيلة”.
وأضاف لطفي في كلمته أن “المغرب عرف تحولا جذريا في إدارة الهجرة” تحت قيادة الملك محمد السادس، “منتقلا من بلد مصدر للمهاجرين إلى بلد يستقبل ويدير الهجرة برؤية إنسانية وتنموية متكاملة”.
وسجّل أن “الرؤية الملكية تسعى إلى تحويل الهجرة من تحد إلى فرصة حقيقية للتعاون والتنمية في إفريقيا، والدعوة إلى مقاربة متوازنة تجمع بين احترام حقوق المهاجرين وتعزيز التنمية في بلدانهم الأصلية، وتحسين إدارة التدفقات”، فضلا عن “ربط ملف الهجرة بملف التنمية الاقتصادية والبشرية في إفريقيا، باعتبار أن معالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية يمر عبر توفير فرص الشغل وتحسين ظروف العيش”.
وأشار إلى أن “الحكومة لا تحترم التوجهات الملكية في ما يتعلّق بتكريس وتفعيل حقوق المهاجرين”، وقال إن “تكريس دور المغرب كوسيط بين إفريقيا وأوروبا في مجال الهجرة، وكقوة دافعة لصياغة سياسات هجرات متوازنة”، يتطلب “تفعيل دور المؤسسات المعنية (كالمرصد الوطني والإفريقي للهجرة)، وتعزيز التنسيق الحكومي”، فضلا عن “مضاعفة الجهود لضمان الحق النقابي الكامل للعمال المهاجرين، والدفاع عن ظروف عمل لائقة”.
بالدي أمادو ساديو، الكاتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للعمال المهاجرين بالمغرب، قال إن “المغرب أحرز عدة نقاط تقدم في النهوض بأوضاع المهاجرين، ففي سنوات 2013 و2014 و2017، تمّت تسوية وضعية 59 ألف شخص، تمكنوا من الخروج من الظل إلى العلن”، بتعبيره.
وأضاف ساديو في كلمته أن “روح المقاولة برزت أيضا لدى المهاجرين في المغرب”، مشيرا إلى “التقدم المحقق في مجال تعليم وتطبيب أطفال المهاجرين بالمملكة، فهي بخلاف عدد من دول شمال إفريقيا، قبلت تدريس أبنائنا بالمدارس العمومية”.
واستدرك قائلا: “ليس كل شيء ورديا؛ فبعض المهاجرين يتحدّثون عن حملات تمشيط”، كما “نطلب من السلطات قبول تجديد البطاقات، لأن عددا كبيرا من المهاجرين الذين سويّت وضعياتهم عادوا إلى وضعية غير نظامية، بسبب كثرة الشروط المطلوبة”، مثل “عقد الكراء، وعقد العمل، وغيرها، وهي شروط لم تكن تطلب منا في 2014 و2017”.
محمد أمين المعترف، رئيس جمعية “Cooplus”، الناشطة في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، قال: “ثمة مشاكل حقيقية تواجه المهاجرين في تطوير أنشطتهم الاقتصادية، في مقدمتها تلك التي تتعلّق بالجانب الإداري والوثائق، سواء في تأسيس التعاونيات أو الحصول على وضع المقاول الذاتي، أو إنشاء الشركات ذات المسؤولية المحدودة، أو تجديد تصاريح الإقامة”.
وشدد المعترف على أن “لأمور ليست بالسهولة والسلاسة التي قد نتخيلها، بل هناك عراقيل ميدانية تبطئ النجاح المقاولاتي للشباب المهاجرين من جنوب الصحراء في المغرب”.
وأضاف أن “فلسفة البرامج التي تشتغل عليها الجمعية في هذا الإطار تقوم على رفض الإقصاء، فلا نريد وضع المهاجرين في جهة والآخرين في أخرى؛ إذ نؤمن بأن التعددية الثقافية هي مصدر قوتنا وثروتنا”.
من جانبها، قالت ممثلة جمعية “Echos Communication” البلجيكية بالمغرب، إن “الطريقة التي نتحدث بها حاليا عن الهجرة يمكن أن تؤثر بشكل كبير على كيفية تفكيرنا في الهجرة، وكيفية معالجتها، وأيضا كيف نعيشها داخل المجتمع”.
وأردفت: “لذا، نعتبر أن التواصل الذي يغير السردية بطريقة عادلة وإنسانية، يسمح بتبديد الأحكام المسبقة وتفكيك الخطابات التبسيطية التي تفرق بدلا من أن تجمع”.
وشددت على “ضرورة الحفاظ على تواصل يضفي الطابع الإنساني على النقاش العام، من خلال إعادة الوجه والصوت والكرامة للأشخاص المهاجرين، سواء كانوا من إفريقيا جنوب الصحراء أو من أماكن أخرى”.
المصدر:
هسبريس