أصدرت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، اليوم الأربعاء، حكمها في القضية التي شغلت الرأي المحلي خلال الأيام الأخيرة، بين رئيس جماعة الهراويين إدريس صديق ونائبه الأول عبد الإله الشمخي، على خلفية طلب عزل هذا الأخير من المكتب المسير للجماعة.
وقضت المحكمة برفض الطلب الذي تقدم به رئيس الجماعة الرامي إلى عزل نائبه الأول، معتبرة أن الطلب مستوف للشروط الشكلية، لكنه غير مؤسس من حيث الموضوع، وهو ما أنهى فصلا جديدا من فصول التوتر السياسي داخل مجلس جماعة الهراويين.
وكانت المحكمة الإدارية قد حددت فاتح دجنبر موعدا لأول جلسة للنظر في هذا الملف، قبل أن تقرر حجز القضية للمداولة خلال العاشر من الشهر ذاته، إلى أن صدر الحكم النهائي القاضي برفض طلب العزل.
وتعود تفاصيل هذه القضية، بحسب المعطيات المتوفرة، إلى يوم 23 يونيو 2025، حين بادر رئيس جماعة الهراويين إلى عقد دورة استثنائية للمجلس، خصصت للتصويت على نقطة عزل النائب الأول عبد الإله الشمخي من مهامه داخل المكتب المسير. واستند رئيس الجماعة في طلبه إلى ما اعتبره “انقطاعا عن أداء المهام”، مستندا إلى مقتضيات المادة 68، دون المرور عبر مقتضيات المادة 22 من القانون التنظيمي رقم 113.14.
وقدم رئيس الجماعة للمحكمة المقرر الجماعي القاضي بعزل نائبه الأول من منصب النيابة، وهو المقرر الذي حظي، حسب تصريحاته، بتصويت حوالي 20 عضوا من أعضاء المجلس الجماعي.
في المقابل، تقدم النائب الأول، بصفته مدعى عليه، بجملة من الدفوع القانونية، ركزت أساسا على خرق المسطرة المنصوص عليها في القانون التنظيمي، مؤكدا أنه لم يتوصل بأي إعذار رسمي بواسطة كتاب مع إشعار بالتسلم داخل أجل سبعة أيام، وهو الإجراء الذي يعد شرطا أساسيا قبل تفعيل مسطرة العزل بدعوى الانقطاع عن المهام.
واعتبر دفاع النائب الأول أن غياب هذا الإجراء الجوهري يجعل قرار العزل مشوبا بعيب شكلي وقانوني، وهو ما اقتنعت به المحكمة الإدارية، لتنتهي إلى رفض الطلب موضوعا.
وسبق وأن وجه عبد الإله شمخي، النائب الأول لرئيس جماعة الهراويين، مراسلة رسمية إلى عامل إقليم مديونة، يتهم فيها رئيس الجماعة بخرق مقتضيات القانون التنظيمي رقم 113.14 المنظم للجماعات، واستغلال النفوذ الإداري لتصفية حسابات سياسية داخل المجلس الجماعي.
وحسب المراسلة، فإن الخلاف يعود إلى عقد دورة استثنائية للمجلس بتاريخ 23 يونيو 2025، والتي اعتبرها شمخي “غير قانونية” لعدم احترام الآجال والمساطر المنصوص عليها في المواد 35 و36 و37 من القانون التنظيمي، مشيرا إلى أن مراسلات سابقة وجهت إلى العمالة في الموضوع بتاريخ 16 و19 يونيو 2025 دون تصحيح الوضع.
وأوضح النائب الأول أن رئيس الجماعة قام بتوجيه استدعاء لأعضاء المجلس لعقد الدورة الاستثنائية، مدعيا أن ذلك تم بناء على مراسلة من عامل إقليم مديونة عدد 1801 بتاريخ 4 يونيو 2025، يطلب فيها اتخاذ مقرر يقضي بعزل شمخي من عضوية مكتب المجلس وفق المادة 68 من القانون التنظيمي، وهو ما اعتبره المعني بالأمر “تغليطا للرأي العام المحلي ولمؤسسات المراقبة الإدارية”.
واستند المسؤول الجماعي في دفاعه إلى مقتضيات المادة 68، مؤكدا أنه لم يمتنع عن القيام بالمهام المفوضة إليه دون عذر، بل تقدم بطلب إعفاء رسمي من المهام بتاريخ 26 دجنبر 2024، مبررا ذلك بأسباب محددة، قبل أن يتلقى جوابا من رئيس الجماعة بالموافقة على الطلب بمراسلة رسمية عدد 143 بتاريخ 29 يناير 2025.
وأكد النائب الأول أنه واصل أداء مهامه بشكل كامل إلى غاية توصلِه بقرار الإعفاء، مستدلا بتوقيعاته على عدد من الوثائق الإدارية المتوفرة بمصالح الجماعة، معتبرا أن تحريك مسطرة العزل بعد أكثر من أربعة أشهر من قبول الإعفاء “يفتقر لأي أساس قانوني”.
كما توقف شمخي عند مقتضيات المادتين 20 و22 من القانون التنظيمي 113.14، موضحا أن حالة الانقطاع عن مزاولة المهام تستوجب توجيه إعذار رسمي للمعني بالأمر داخل أجل محدد، وهو الإجراء الذي لم يقم به رئيس الجماعة، حسب تعبيره، قبل اللجوء إلى عقد دورة استثنائية وطرح نقطة العزل.
وختم النائب الأول مراسلته بمطالبة عامل إقليم مديونة بالتدخل العاجل “لوضع حد لما وصفه بفوضى التدبير والعبث بالقانون داخل جماعة الهراويين”، داعيا إلى احترام المساطر القانونية وعدم توظيف السلطة الإدارية في تصفية الخلافات السياسية داخل المجالس المنتخبة.
المصدر:
العمق