آخر الأخبار

خروج آخر مجموعة بنكية فرنسية كبرى.. هل ينهي بيع BMCI حقبة النفوذ المالي لفرنسا بالمغرب؟

شارك

أكد الدكتور ياسين عليا، أستاذ الاقتصاد والباحث في السياسات العمومية، أن قرار فرنسا الانسحاب من قطاع الأبناك في المغرب ليس خطوة معزولة، بل يأتي ضمن سلسلة من القرارات المتتالية التي اتخذتها المؤسسات البنكية الفرنسية خلال السنتين أو الثلاث الأخيرة، والتي تندرج في إطار انسحاب تدريجي من القارة الإفريقية.

وأوضح الدكتور عليا، في تصريح لجريدة “العمق”، أن البنوك الفرنسية باشرت منذ مدة سياسة إعادة تموقع شاملة، تقوم أساسا على تقليص حضورها في الدول الإفريقية والتركيز أكثر على السوق الأوروبية.

وعزا الباحث هذا التوجه إلى عاملين رئيسيين: الأول يتعلق بالضغوط الاقتصادية الداخلية التي تواجهها فرنسا، والثاني يعود إلى الانقلابات العسكرية والتوترات الإقليمية التي عرفتها دول جنوب الصحراء، مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر وغينيا.

وأضاف الباحث أن هذا التحول في المشهد الإفريقي خلق بيئة تبدي عداء متزايدا للمصالح الفرنسية في المنطقة، وهو ما دفع المؤسسات البنكية إلى مراجعة انتشارها الخارجي واتخاذ قرارات بالانسحاب من عدة أسواق، من بينها السوق المغربية.

ولفت المتحدث إلى أن خروج القرض الفلاحي الفرنسي من “مصرف المغرب” سابقا، ومغادرة “الشركة العامة”، ثم الانسحاب النهائي المرتقب من “البنك المغربي للتجارة والصناعة”، كلها خطوات تدخل في السيرورة نفسها التي تعكس تغيرات بنيوية في العلاقات الاقتصادية بين باريس وفضائها الإفريقي التقليدي.

وكانت مجموعة BNP Paribas، قد أعلنت في بلاغ رسمي، دخولها في مفاوضات حصرية مع مجموعة “هولماركوم” بشأن بيع حصتها البالغة 67% في رأسمال فرعها البنكي المغربي BMCI.

إقرأ المزيد: “BNP” تفاوض “هولماركوم” لبيع “BMCI” وإنهاء الوجود البنكي الفرنسي بالمغرب

وأوضحت المجموعة الفرنسية أن هذه المناقشات لا تزال في مرحلة أولية، مؤكدة أنها ستعمل على إعلام السوق في الوقت المناسب حال وصول العملية إلى اتفاق نهائي، وذلك وفقا للمساطر القانونية المعمول بها.

كما أشارت المجموعة إلى أنه في حال إتمام البيع خلال سنة 2026، فإن أثر العملية على نسبة الملاءة المالية الأساسية (CET1) قد يبلغ 15 نقطة أساس لحظة التنفيذ.

وتكتسي هذه الخطوة أهمية خاصة، لكون BNP Paribas تعد آخر مجموعة بنكية فرنسية كبرى لا تزال حاضرة في القطاع المصرفي المغربي بعد انسحاب باقي البنوك الفرنسية، ما يجعل مستقبل الرساميل الفرنسية في النظام البنكي الوطني مرتبطا بشكل مباشر بمآل هذه الصفقة.

ويمثل وضع BMCI في خانة البيع فصلا جديدا في مسلسل خروج المجموعات البنكية الفرنسية من المغرب، والذي تسارعت وتيرته في السنوات الثلاث الأخيرة؛ حيث غادر القرض الفلاحي الفرنسي (Credit Agricole) السوق بعد بيع “مصرف المغرب” لـ”هولماركوم”، فيما نقلت “Société Générale” جميع أنشطتها إلى مجموعة “المدى”. والآن، تسير BNP Paribas في الطريق نفسه لمغادرة السوق عبر التخلي عن BMCI.

ويعكس هذا التحول المتسارع معطيين بارزين؛ الأول هو صعود المجموعات المالية المغربية وتعزيز نفوذها الإقليمي، إذ باتت قادرة على الاستحواذ على مؤسسات أجنبية كبرى، وهو ما يدفع نحو تعزيز السيادة المالية الوطنية. والثاني هو التحول الجذري في الاستراتيجية الدولية للبنوك الفرنسية، التي باتت تركز بصورة أكبر على أسواق أوروبا وتخفف من تعرضها للمخاطر الجيوسياسية في إفريقيا.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا