تقدّمت أطراف الأغلبية والمعارضة بمجلس النواب، الجمعة، بتعديلاتها على مشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي، لدى لجنة التعليم والثقافة والاتصال، وهو مشروع القانون الذي يواصل إثارة “الجدل” في صفوف الأساتذة الجامعيين وموظفي القطاع والطلبة كذلك.
ولدى تفاعلها مع هذا المشروع، تقدّمت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بتعديل على المادة 84 “المثيرة للجدل”، قالت إنه يهدف إلى “تكريس التمييز الواضح بين الوضعية النظامية للأساتذة الباحثين وبين وضعية الموظفين الإداريين والتقنيين داخل الجامعة، بما يحافظ على خصوصية هيئة الأساتذة كبنية مستقلة مكلفة بالتدريس والبحث العلمي ومتمتعة بضمانات الاستقلال الأكاديمي”.
وطالبت “مجموعة بيجيدي” بإجراء تعديل على المادة 43 من مشروع القانون المذكور، من خلال التنصيص على أنّ “مجلس الأمناء يرأسه شخصية من الشخصيات المشهود لها بالكفاءة العلمية وبالخبرة الأكاديمية في التعليم العالي، وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، على أن يخضع لمرسوم التعيين في المناصب العليا”، عوضا عن رؤية الحكومة التي حصرت خبرة المرشح لهذا المنصب في “التدبير العمومي”.
في سياق ذي صلة، طالبت المجموعة النيابية عينها بالتنصيص على “التزام الدولة بالعناية بالقطاع العمومي للتعليم العالي والبحث العلمي، وباتخاذ التدابير الكفيلة بدعمه وتعزيز إسهام مختلف الفاعلين في تطويره، بما يمنحه مكانة القاطرة في تنفيذ السياسة العمومية في هذا القطاع، ويضمن اضطلاعه بدوره باعتباره وسيلة أساسية للارتقاء الاجتماعي بالنسبة للفئات المعوزة”.
ويروم أحد التعديلات، من أصل 54 تعديلا مقدَّمًا، إلزام الإدارة بــ”إعداد مخطط مديري داخل أجل لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ دخول هذا القانون حيّز التنفيذ، يحدّد التوجّهات الاستراتيجية وأولويات التطوير، ويمكّن من استشراف تطور التعليم العالي والبحث العلمي”.
وشدّد المصدر ذاته على “تمكين مؤسسات التعليم العالي العمومي من الموارد البشرية والمالية واللوجستيكية الضرورية، بما يتيح لها التنافس الفعلي مع باقي أصناف مؤسسات التعليم العالي، ولا سيما المؤسسات غير الربحية ذات النفع العام، وذلك عبر تحصين مواردها البشرية من أي استنزاف وإلزام المؤسسات الأخرى بتوفير أطرها القارة والكافية بشكل مستقل”.
كما طالب بـ”الحفاظ على أسبقية واستقلالية القرار البيداغوجي والعلمي لمؤسسات التعليم العالي، وعدم المساس بحرية البحث العلمي أو توجيهه حصريًا لخدمة مصالح خاصة ضيقة، مع تشجيع تعاضد الموارد البشرية والمالية واللوجستيكية في مختلف مجالات التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، دون أن يترتب عن ذلك بأي حال من الأحوال خوصصة مقنّعة للخدمات الجامعية أو نقل دائم لملكية البنيات أو التجهيزات أو الموارد البشرية التابعة للمؤسسات العمومية”.
وفصّلت تعديلات المجموعة النيابية للعدالة والتنمية في مسائل أخرى ذات علاقة بالتعليم العالي الخصوصي، حيث دعت إلى التنصيص على “التزام فروع المؤسسات الأجنبية بأرض الوطن باحترام مبادئ ومرتكزات القانون المنظم للتعليم العالي والبحث العلمي، وباحترام الخصوصيات الوطنية”، مع إلزامها بـ”توفير أطر إدارية وهيئة تدريس بشكل مستقل عن أساتذة التعليم العالي العمومي”.
ونادت كذلك بالتشدّد في مسألة تسميات وشعارات مؤسسات التعليم العالي الخاص أو وسائل تواصلها مع الجمهور، عبر التأكيد نصًا على أنه “لا يجوز أنْ توحي هذه التسميات أو شعاراتها أو وسائل تواصلها للجمهور بكونها مؤسسات عمومية أو تابعة للدولة، أو أن تستعمل أي تعبير من شأنه إحداث لبس بخصوص طبيعتها القانونية أو وضعها غير العمومي”.
وسبق للوزير الوصي على القطاع، عز الدين ميداوي، الترحيب بإمكانية إدخال تعديلات على مشروع القانون رقم 59.24، لا سيما تلك الواردة من طرف نقابات الأساتذة وموظفي التعليم العالي، غير أنه ربط ذلك بـ”الاقتناع بها”.
وخلال المناقشتين العامة والتفصيلية لهذا النص، أظهر ميداوي تمسّكه بعدد من المقتضيات التي جاء بها، بما في ذلك الشروط الجديدة الخاصة بمؤسسات التعليم العالي الخصوصي، وإحداث مجلس الأمناء على مستوى الجامعات العمومية، لضمان تلبية احتياجاتها المختلفة.
المصدر:
هسبريس