في ختام مسار تشريعي استمر لعدة أشهر، أقرت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، بأغلبية أعضائها، مشروع قانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي. وكشف التقرير الصادر عن اللجنة أن عملية المصادقة النهائية تمت خلال اجتماع يوم الثلاثاء 2 دجنبر 2025، حيث صوت لصالح المشروع 11 نائبا، بينما عارضه 3 نواب، دون تسجيل أي امتناع عن التصويت، ليتوج بذلك سلسلة من النقاشات المعمقة التي استغرقت أكثر من 19 ساعة عمل فعلية، وبنسبة حضور بلغت 32.37% حسب ما أورده المصدر.
وأشارت البطاقة التقنية التي أعدتها لجنة التعليم والثقافة والتواصل، أن مسار دراسة النص التشريعي انطلق رسميا بإحالته على اللجنة يوم الاثنين 19 ماي 2025 من طرف وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
إقرأ أيضا: قانون جديد للتعليم.. غرامات بحق الأسر ورقابة مشددة على المدارس الخاصة
وأوضح المصدر ذاته أن اللجنة عقدت خمسة اجتماعات رئيسية لدراسة المشروع، بدأت باجتماع التقديم يوم الأربعاء 18 يونيو 2025، تلاه اجتماع خصص للمناقشة العامة يوم الثلاثاء 8 يوليوز 2025، ثم اجتماعان متتاليان للمناقشة التفصيلية للمواد يومي 21 و22 أكتوبر 2025، قبل أن يختتم المسار باجتماع البت في التعديلات والتصويت يوم 2 دجنبر 2025.
وأشار التقرير العام إلى أن هذا النص التشريعي يأتي في سياق تنظيم التعليم المدرسي استنادا إلى مرجعيات عليا تشمل أحكام دستور 2011 والخطابات الملكية السامية، بالإضافة إلى تنزيل مقتضيات القانون الإطار رقم 51.17 وتوصيات النموذج التنموي الجديد.
وأكد المصدر أن المشروع يهدف إلى تجميع ومراجعة عدد من القوانين السابقة، أبرزها القانون 04.00 المتعلق بإلزامية التعليم الأساسي، والقانون 05.00 بشأن النظام الأساسي للتعليم الأولي، والقانون 06.00 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي، ودمجها في نص تشريعي واحد وموحد.
وذكر المصدر أن المناقشات داخل اللجنة أكدت على الأهمية البالغة للمشروع في تنظيم التعليم الإلزامي وتحسين شروط الولوج إليه، مع اعتباره ذا رؤية استشرافية تستحضر التطورات التكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية.
وتابع التقرير أن النقاشات اتجهت نحو إرساء وترسيخ النموذج الجديد للمدرسة العمومية الذي تجسده “مؤسسات الريادة”، والتي حققت نجاحا كبيرا في تأهيل الرأسمال البشري من خلال نموذج بيداغوجي متجدد وتمويل واضح وحكامة فعالة، وفق مقاربة تشاركية مع جميع الفاعلين في منظومة التربية والتكوين.
وأضافت الوثيقة ذاتها أن بنية المشروع تتألف من 113 مادة موزعة على عشرة أبواب، حيث تضمن أهدافا تمثلت في تحديد وظائف التعليم المدرسي والتوجهات الواجب اتباعها، ومراجعة هيكلة التعليم المدرسي، وتحديد القواعد العامة للهندسة البيداغوجية واللغوية، ووضع آليات جديدة لمبادئ وقواعد الحكامة التربوية والإدارية والارتقاء بالموارد البشرية ومصادر التمويل.
وفي ختام مسار الدراسة، وبعد نقاش مستفيض ساده التفاعل بين مختلف الفرق والمجموعات النيابية والوزير، صوتت لجنة التعليم والثقافة والاتصال على مشروع القانون كما تم تعديله، على حد تعبير المصدر.
أثار مشروع قانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي، الذي صادقت عليه لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، نقاشًا واسعًا في الأوساط التعليمية والنقابية منذ تقديمه أمام البرلمان. وقد ركز الجدل حول مدى قدرة النص على ضمان تحسين جودة التعليم العمومي، وتوسيع آفاق الولوج للمدرسة، وحماية حقوق العاملين في القطاع، خاصة مع دمج قوانين قديمة متعددة في نص واحد. وعبرت بعض النقابات التعليمية عن تحفظها على بعض مقتضيات المشروع، معتبرة أن النص، رغم طموحه الإصلاحي، يفتقد إلى آليات واضحة لتطبيقه على أرض الواقع وضمان حقوق الشغيلة، في حين أشاد نواب آخرون بالرؤية الاستشرافية للمشروع ومراعاته لمقتضيات النموذج التنموي الجديد وتطورات النظام التعليمي.
المصدر:
العمق