لم يستسغ خبراء وباحثون في مجال المالية العمومية والضرائب ما صدر عن الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، خلال حديثه بمجلس المستشارين عن كون الضريبة يمكن استخلاصها مهما مر عليها من الزمن، إذ اعتبروا تصريحاته مجانبة للصواب والقواعد القانونية المنظمة للضريبة.
وأكد فوزي لقجع، خلال حلوله بالغرفة الثانية من البرلمان، في معرض رده على أحد المستشارين، وفق ما نقلته وسائل إعلام، أن الضريبة لا يطالها التقادم حتى ولو مر عليها قرن من الزمن، مشددا على أن الضريبة ليست فعلا جنائيا قد يطاله التقادم في حالة عدم أدائها من طرف الملزم بها.
ويؤكد خبراء وباحثون في مجال الضريبة أن ما جاء به المسؤول الحكومي مخالف لما هو منصوص عليه في مدونة تحصيل الديون العمومية من جهة، وكذا ما هو متضمن في المدونة العامة للضرائب.
وسجل في هذا الصدد أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني جواد لعسري أن مدونة تحصيل الديون العمومية تنص في مادتها 123 على سقوط حق المحاسب العمومي في تحصيل الضريبة التي مضى عليها أجل التقادم الرباعي.
وأوضح أستاذ المالية العمومية والضريبة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه بناء على المادة المذكورة يسقط الحق في التحصيل بعد أربع سنوات، مشيرا إلى أن مدونة التحصيل وباقي النصوص التشريعية لا تتضمن عبارة “قرن من الزمن التي تحدث عنها الوزير”.
وعاد أستاذ التعليم العالي إلى المادة 160 من المدونة العامة للضرائب، موردا أنها تشير إلى أن الإدارة يمكنها أن تصحح أوجه النقصان والأخطاء والإعفاءات الكلية أو الجزئية الملاحظة في تحديد أسس فرض أو حساب الرسوم المنصوص عليها في هذا القانون داخل أجل أربع سنوات ابتداء من سنة استحقاق الرسم.
وشدد الأكاديمي ذاته على أن مدونة تحصيل الديون العمومية أطرت إجراءات التقادم في المادة 123، مؤكدا أن “التقادم يوجد سواء في الوعاء أو في التحصيل، وكذا في الجبايات المحلية والديون العمومية، عكس ما ذهب إليه الوزير، إذ لا نص تشريعي يخول تحصيل الضريبة إذا مر عليها قرن من الزمن كما جاء على لسانه وفق ما نقلته وسائل الإعلام”.
بدوره اعتبر زين الدين عبد المغيث، أستاذ المالية العامة والضرائب بجامعة مولاي إسماعيل– مكناس، أن ما ورد على لسان لقجع فيه “إغفال للقواعد القانونية المنظمة للمادة الضريبية، سواء في مرحلة الوعاء أو مرحلة التحصيل”.
وأوضح أستاذ التعليم العالي، في تصريحه للجريدة، أن هذا الموقف “يزعزع ثقة الملزم الضريبي، فيما يجب الحفاظ على مصداقية التشريع الضريبي حتى يحس الملزم بنوع من الأمن الجبائي بتعبيرات صادقة”.
ولفت الباحث في المادة الضريبية إلى أن “دارس القانون يدرك أن القاعدة القانونية ملزمة وعامة ومجردة، وبالتالي فبعض القواعد القانونية، ضمنها مدونة تحصيل الديون والمدونة العامة للضرائب، هي نصوص قطعية؛ فيما تنص المادتان 123 و160 على أن الإدارة الجبائية يسقط حقها في متابعة أي ملزم بالتقادم الرباعي، أي مرور أربع سنوات، خصوصا على مستوى التحصيل”.
وسجل المتحدث نفسه أن ما عبر عنه المسؤول الحكومي “لا يمت للواقع القانوني بصلة، وينم عن جهل بالقواعد القانونية الضريبية”، وزاد مستدركا: “ربما لم يشر الوزير إلى أن الإدارة يمكنها قطع التقادم من خلال أوامر الاستخلاص التي تعطي التقادم مهلة أربع سنوات أخرى”.
المصدر:
هسبريس